لماذا استقبلت الإمارات “الشرع” وهل إطمأن بال السعودية لتدفع دُيون سورية؟.. هل من علاقة بين قطر واستلام رواتب المُقاتلين بـ”الدولار”؟.. هل يضمن انسحاب الأكراد وتفكيك “اللواء الثامن” قوّة دمشق وماذا عن سِيادتها المُوزّعة بين أنقرة وتل أبيب؟

لماذا استقبلت الإمارات “الشرع” وهل إطمأن بال السعودية لتدفع دُيون سورية؟.. هل من علاقة بين قطر واستلام رواتب المُقاتلين بـ”الدولار”؟.. هل يضمن انسحاب الأكراد وتفكيك “اللواء الثامن” قوّة دمشق وماذا عن سِيادتها المُوزّعة بين أنقرة وتل أبيب؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

تبدو الأمور في سورية متجهة نحو اتفاقات مؤقتة، قد تخدم في الفترة الحالية الأكثرية من الشعب السوري الراغبة بالاستقرار، والأمان، بغض النظر عمّن يجلس في قصر الشعب، وذلك بعد سُقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، والذي بلا شك كان له من الخصوم الكارهين في جميع أنحاء سورية ومحافظاتها.

الرواتب بـ”الدولار”!

الجديد القادم من سورية، ما أشارت إليه تقارير محلية، قالت إن المقاتلين في وزارة الدفاع السورية بدأوا استلام رواتبهم عبر تطبيق “شام كاش”، وبالدولار الأمريكي، وبلغت القيمة 200 دولار للمتزوجين و150 دولارًا للعازبين، في خطوة تُحاول فيها السلطات الجديدة فيما يبدو ضمان بقاء الولاءات، وتقليص الفجوة بين الرواتب وتحسين الوضع المعيشي للعاملين في القطاع العسكري.
تُعاني سورية من اقتصاد هزيل وضعيف، ما يطرح تساؤلات حول الجهة (دول) التي تقف خلف دفع رواتب قوات حكومة دمشق الجديدة، فسابقًا كانت المعارضة السورية قبل استيلاءها على الحكم، كل فصيل فيها يعتمد على منح مالية متفاوتة من الفصائل التي ينتمون إليها.

قطر وانتهاك العقوبات الأمريكية

تحدّثت تقارير سابقة عن وجود مبادرة قطرية لتمويل الرواتب في سورية، ولكن قطر تخشى انتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية، وكانت قالت أربعة مصادر لوكالة “رويترز” إن قطر تُحجم عن تقديم الأموال لحكام سوريا الجدد من أجل زيادة رواتب القطاع العام بسبب الغموض حول ما إذا كانت التحويلات ستمثل انتهاكا للعقوبات الأمريكية، وهو ما يشكل حجر عثرة أمام الجهود الرامية لإنعاش الاقتصاد المتضرر من الحرب.
يبدو أن ضوءًا أخضر قد مُنح لقطر، إذا باتت قوات الشرع تقبض بالدولار، ولكن تجدر الإشارة بأنه لا تزال العقوبات الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة خلال حكم الأسد قائمة على سورية.

هل تدفع السعودية ديون سورية؟

بالتزامن، تنقل مصادر مطلعة لوكالة رويترز، بأن السعودية تعتزم سداد ديون على سوريا للبنك الدولي، مما يمهد الطريق للموافقة على منح بملايين الدولارات لإعادة الإعمار ودعم القطاع العام المتعثر في البلاد.
الرغبة السعودية هذه في مساعدة سورية، تطرح تساؤلات فيما إذا كانت الرياض مستعدة لأن تتخطّى حاجز 15 مليون دولار، وهي متأخرات على سوريا للبنك الدولي يجب سدادها قبل أن تتمكّن المؤسسة المالية الدولية من إقرار منح وتقديم أشكال أخرى من المساعدة، وتصل “صدقاتها” لتغطية إجمالي الديون الخارجية على سورية التي تُناهز الـ20 مليون دولار، وهل هذا يعني أن بال القيادة السعودية قد اطمئن تمامًا لسورية الجديدة بقيادة هيئة تحرير الشام.

شُروط أمريكا 

الانفتاح على سورية الجديدة، مرهونٌ بكل حال بالمُوافقة الأمريكية، والأخيرة قدّمت قائمة شروط لا بد على حكام دمشق الجدد تلبيتها، فيما لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يتواصل أساسًا مع حكومة الشرع إلا في سياق محدود جدًّا.
ومن بين الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة تدمير سوريا لأي مخازن أسلحة كيماوية متبقية والتعاون في مكافحة الإرهاب، والتأكد من عدم تولي مسلحين أجانب مناصب قيادية في الإدارة الحاكمة في سوريا، وطلبت واشنطن أيضًا من سوريا تعيين منسق اتصال لدعم الجهود الأميركية للعثور على أوستن تايس، الصحفي الأميركي الذي فُقد في سوريا منذ ما يزيد على 10 سنوات.

الأولوية.. إيران

تتفرّغ الإدارة الأمريكية الحالية فيما يبدو للتفاوض على الملف النووي الإيراني، حيث المفاوضات تدور بين إدارة ترامب وإيران في سلطنة عُمان، وهي تُشير كما يبدو إلى أن أولوية واشنطن في المرحلة الحالية هي الملف الإيراني.
الأولوية الأمريكية في الملف الإيراني، قد يُفسّر نجاح حكومة الشرع في إتمام الاتفاق مع قسد، حيث تم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية، مطلع الشهر المذكور، يتضمن انسحاب قسد من الأحياء المتمركزة فيها ضمن مدينة حلب منذ عام 2013، وهي الأشرفية والشيخ مقصود والهلك، مع إجراء عملية تبادل للأسرى، وتم بالفعل تنفيذ مرحلتين من الاتفاق.

اتفاقات مع “قسد”

وفي 12 أبريل/نيسان الحالي، توصّلت الحكومة السورية وقسد إلى اتفاق جديد برعاية التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، يتضمّن انسحاب قوات قسد وكل الفصائل المُنتسبة لوزارة الدفاع المنتشرة في محيط منطقة سد تشرين بريف حلب.

تفكيك اللواء الثامن!

ويبدو أن حكّام دمشق الجُدُد، يحظون بتوافق دولي حالي، يشرح أسباب إعلان الفصيل المسلح المعروف باسم “اللواء الثامن” في جنوب سورية الأحد، والذي كان يُسيطر على محافظة درعا، حل نفسه بشكل كامل، ووضع ترسانته من الأسلحة تحت تصرّف وزارة الدفاع السورية، وذلك بحسب بيان صادر عن قيادة الفصيل.
وقال الناطق باسم اللواء بأنّ القرار يأتي للحرص على الوحدة الوطنية، وتعزيز الاستقرار، والالتزام بسلطة الدولة”، مشيرا إلى أن الخطوة “بداية جديدة لتعزيز مسيرة الوطن تحت مظلة الدولة السورية”.

الإمارات تستقبل الشرع لماذا؟

يحصل كُل هذا، فيما أظهرت الإمارات هي الأخرى انفتاحًا لافتًا على الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، حيث استقبل الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد الشرع، حيث أجرى الأخير أول زيارة عمل إلى الإمارات.
وتبدو الزيارة في سياق تقييم أوّلي من الإمارات على مستوى القيادة للانتقالي الشرع، حيث قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في تدوينة عبر منصة إكس: “بجهود فخامة الرئيس أحمد الشرع، تحققت اليوم إنجازات عظيمة في دولة الإمارات، خاصة في مجالات الاستثمار، واستئناف حركة الطيران، وتعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات”.
ولم يجر الحديث عن توقيع اتفاقات هامّة وعلنية بين البلدين، واقتصر الحديث عن استثمار واستئناف حركة طيران بين البلدين، فيما قال الرئيس الإماراتي أن بلاده “لن تدّخر جهدًا في تقديم كُل ما تستطيع من دعم إلى سوريا وشعبها خلال الفترة المُقبلة، وعلى موقف الإمارات الثابت تجاه دعم وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام).

تهديدات إسرائيلية 

كل هذا لا يُوقف التهديدات الإسرائيلية للأراضي السورية، وهي مستمرة، فإسرائيل قصفت منظومات الأسلحة الثقيلة الإستراتيجية في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك شبكات الدفاع الجوي وأنظمة الصواريخ، ومنشآت الدفاع الساحلية، وبدأت عمليات برية في عمق الأراضي السورية على الفور، قابلها الشرع إما بالصمت، أو الإدانة العاجزة.

نفوذ تركيا “محدود”.. نعم إسرائيلية

إلى جانب التهديدات الإسرائيلية، هناك الرغبة التركية لإنشاء قواعد عسكرية في سورية، وتناسل التقارير المزعومة عن احتمالية اندلاع صراع عسكري بين أنقرة وتل أبيب، وهو أقرب إلى صراع نفوذ، قالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” نقلًا عن مسؤول إسرائيلي، إن إسرائيل مُنفتحة على احتفاظ تركيا بقاعدة عسكرية محدودة داخل الأراضي السورية.
وأضافت الصحيفة إن تل أبيب “مُتفائلة للغاية” بشأن المُحادثات التي ترعاها أذربيجان لخفض التوتر في سوريا بين تركيا وإسرائيل، ووصفتها بأنها عُقدت “بحسن نية”، ومن المُتوقّع عقد لقاءات مماثلة بين الجانبين في المرحلة المقبلة.

السيادة السورية وقوّتها.. موضع تساؤل؟

في الخُلاصة، ستكون السيادة السورية موضع تساؤل دائم، في ظل فوضى التدخّلات التركية بفعل جميل إسقاط الأسد حيث وصفهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ”الوكلاء” حين أكد أن الرئيس التركي استطاع أن يأخذ سورية، إلى جانب جميل صدَقات المال الخليجي، وخدمات إعادة الإعمار التي قد تضع سورية في مربع سطوة المُساعدات الأبدية، فيما أمريكا تُوزّع النفوذ والأدوار بين التركي والإسرائيلي، وذلك بعد انكفاء تام لمحور المقاومة عن سورية، ليبقى السؤال هل يُمكن لسُلطة دمشق الجديدة أن تكون مركزية قوية، أم أن هذا المشهد الحالي للتوافقات معها مجرد صورة مؤقتة حتى تختمر طبخة التقسيم والحرب الأهلية؟