13 مليون نازح في السودان مع دخول الحرب عامها الثالث

13 مليون نازح في السودان مع دخول الحرب عامها الثالث

بورت سودان-(أ ف ب) – أدت الحرب في السودان الى نزوح نحو 13 مليون شخص لجأ أكثر من ثلاثة ملايين منهم الى دول الجوار، بحسب ما كشفت الأمم المتحدة الاثنين، مع دخول الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع عامها الثالث من دون أي أفق لتسوية.
واندلعت الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في 15 نيسان/أبريل 2023، على خلفية صراع على السلطة بين حليفين سابقين، وحوّلت البلاد الى مناطق نفوذ متقاسمة تواجه أزمة انسانية تعدّ من الأسوأ على مر الأعوام.
وقال مسؤول إقليمي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عبد الرؤوف غنون كوندي لوكالة فرانس برس في دكار عقب زيارته السودان إن “النزاع أسفر عن تهجير 13 مليون شخص بينهم 8,6 ملايين من النازحين و3,8 ملايين من اللاجئين”.
أضاف “تشكّل النساء والأطفال حوالى 88 في المئة من هؤلاء الذين فروا بحثا عن الأمان قبل أي شيء آخر”، وأن العديد من النسوة “أكدن تعرضهن للاغتصاب”.
ويشهد إقليم دارفور في غرب السودان، والذي يشكّل نحو خمس مساحة البلاد، أكثر المعارك حدة في الأشهر الماضية، خصوصا مع محاولة قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر مدينة رئيسية لا تزال خارجة عن سيطرتها في الاقليم.
وأطلقت هذه القوات الأسبوع الماضي هجوما جديدا عند أطراف الفاشر التي تحاصرها، أتاح لها السيطرة على مخيم زمزم الذي يعاني المجاعة.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت الأحد أنها سيطرت على مخيم زمزم، وهو الأكبر في إقليم دارفور، بعد يومين من قصف مدفعي عنيف وإطلاق نار.
ونقلت الأمم المتحدة الاثنين عن “مصادر موثوقة” تأكيدها أن حصيلة هذه المعارك تجاوزت عتبة 400 قتيل.
وقالت المتحدّثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامدساني لوكالة فرانس برس “أكد فريقنا السوداني مقتل 148 شخصا، لكن هذا العدد أقل بكثير من الواقع وعمليات التحقق التي نقوم بها لا تزال جارية”، مشيرة إلى أن “مصادر موثوقة أفادت بمقتل أكثر من 400 شخص”.
ومنذ الجمعة، شنّت قوات الدعم هجمات برية وجوية على مدينة الفاشر المحاصرة ومخيمَي زمزم وأبو شوك.
فرّ نحو 400 ألف شخص من زمزم، بحسب ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة.
وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن “ما بين 60 ألف و80 ألف أسرة نزحت من مخيم زمزم للنازحين بسبب تزايد انعدام الأمن”، وذلك بعدما سيطرت قوات الدعم على هذا المخيم، وهو الأكبر في إقليم دارفور، الأحد، قبل يومين من اتمام الحرب مع الجيش عامها الثاني.
وأشارت منظمة أطباء بلا حدود الى أن نحو 10 آلاف شخص فروا الى مدينة طويلة الواقعة على مسافة نحو 70 كلم الى الغرب من الفاشر خلال 48 ساعة.
وأشارت الى أن المدنيين، وغالبيتهم من النساء والأطفال، وصلوا “في حال متقدمة من الجفاف والارهاق وتحدثوا عن وقوع أعمال عنف مروعة”.
– “أكبر كارثة انسانية” –
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف وتسببت بأزمة إنسانية تعد من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين.
وأصبحت السيطرة في السودان، ثالث أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة، مقسّمة عمليا بين الطرفين، إذ يمسك الجيش بالخرطوم ومساحات واسعة في الشرق والشمال، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور (غرب) وأجزاء من الجنوب.
وأتى تكثيف قوات الدعم لهجماتها في دارفور عقب استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم بالكامل الشهر الماضي.
وتستضيف لندن الثلاثاء مؤتمرا دوليا حول الوضع في السودان، تتشارك في عقده بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.
وعشية المؤتمر، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن ألمانيا ستقدم مساعدات للسودان بقيمة 125 مليون يورو، مضيفة أن هذه الأموال ستُخصص لمساعدة منظمات الإغاثة الدولية والمحلية على “توفير الغذاء والدواء الضروريين بشكل طارئ لمن هم بحاجة ماسة اليهما” في السودان والمنطقة.
وأضافت بيربوك أن “الموت حقيقة دائمة في أجزاء كبيرة من السودان”، واصفة النزاع هناك بأنه “أكبر كارثة إنسانية في عصرنا”.
وحذرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش من أن المدنيين في السودان “عالقون في كابوس لامتناهٍ من الموت والدمار”.
بدورها، حذرت بعثة تقصي الحقائق الأممية من أن “الفصول الأكثر قتامة لهذا النزاع لم تتكشف بعد”.
وقال رئيس البعثة محمد شاندي عثمان “مع دخول السودان العام الثالث للنزاع، علينا أن نتأمل الوضع الكارثي في السودان وتكريم حياة كل السودانيين التي فقدت أو تبدلت الى الأبد”.