نتنياهو يُعوِّل على فشل المفاوضات.. سيناريوهات الكيان ضدّ إيران خطيرة جدًا وارتداداتها مأساوية: استخدام أداةٍ عسكريّةٍ بالتهديد وإجبار إيران على توقيع اتفاقٍ تتخلّى بموجبه كليًّا عن النوويّ وإبقائها تحت العقوبات لإضعافها

نتنياهو يُعوِّل على فشل المفاوضات.. سيناريوهات الكيان ضدّ إيران خطيرة جدًا وارتداداتها مأساوية: استخدام أداةٍ عسكريّةٍ بالتهديد وإجبار إيران على توقيع اتفاقٍ تتخلّى بموجبه كليًّا عن النوويّ وإبقائها تحت العقوبات لإضعافها

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

طرح خبراء إسرائيليون ثلاثة سيناريوهات للتعامل مع الملف النووي الإيراني، بعد دخول الولايات المتحدة بشكل رسمي في مفاوضات مع إيران بشأن هذا الملف، رغم التحريض الإسرائيلي لإشعال شرارة المواجهة والصدام، وفي السياق نفسه، قال محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، نقلاً عن محافل رفيعةٍ في الكيان، إنّ ما تبقّى أمام نتنياهو هو التعويل على فشل المفاوضات بين طهران وواشنطن، وأنّه لم يعُد أمام رئيس وزراء الاحتلال خياراتٍ أخرى، على حدّ تعبيره.
وقال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، الجنرال تامير هايمان، إنّ “الاستنتاج المباشر أنّ إسرائيل تواجه صيفًا من القرارات الثلاثية”، موضحًا أنّ هذه القرارات تتمحور حول الوصول إلى اتفاقٍ نوويٍّ جديدٍ كما يريد الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، أوْ مفاوضات لا نهاية لها من دون قرار كما يريد خامنئي”.
وأضاف في مقال نشره موقع (WALLA)، الإخباريّ-العبريّ أنّه “يمكن لإسرائيل أنْ تتصرف بمفردها، ويرجح أنْ تحقق أهدافها التكتيكية بنجاحٍ كبيرٍ، لأنّه من السهل التخطيط وتنفيذ عمل مستقل غير منسق، لكن المشكلة أنّ الإنجاز ليس نهائيًا، وأنّ النجاح التكتيكي يجب أنْ يتحدد ضمن إطار سياسي طويل الأمد، ويرجح أنْ يحدث رد إيراني، ما سيجعل الرد الإسرائيليّ أوسع نطاقًا، ويتجاوز المشروع النوويّ، وهذا تصعيد لكلّ شيءٍ، وليس هناك ما يدل على كيفية نهايته”.
وأوضح أنّه “رغم الإغراء الهائل لمثل هذا المسار، لكن لا ينبغي للاحتلال أنْ يتصرف بمفرده، وبما أنّ الإدارة الأمريكيّة الحالية لن تقيده، فليس صوابًا أن يتصرف بمفرده، لكن الخلاصة أنّنا نواجه شهورًا من اتخاذ القرارات بشأن القضية الإيرانية، ويتطلب الجدول الزمني حتى نهاية العام من جميع الأطراف التوصل لقرار، حيث تنتهي المهلة التي حددها ترامب لإيران، بأنّه إذا لم تكن هناك مفاوضات فعالة، فقد تعهّد بمهاجمتها، فيما ستقدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا ربع سنوي يتوقع أنْ يكون شديد الانتقاد لها”.
وأكّد أنّ “إسرائيل ستكون أمام واحد من ثلاثة مسارات تجاه إيران، يحمل كلّ واحدٍ منها سلسلة من المعضلات، أولها إبرام اتفاق نووي جديد، تتخلى فيه إيران عن رغبتها بالحصول على الأسلحة النووية، وصولاً لنموذج ليبيا، لكن المشكلة أنّه لا ثقة بالنظام الإيراني، مع أنّ الاتفاق سيوفر له شريان حياة اقتصاديًا، وقد يؤدي لتعزيزه، وقد اعتقد الرئيس باراك أوباما الذي وقع الاتفاق الأول في 2015، أنّ انفتاح إيران على العالم سيؤدي لانفتاح الجيل الأصغر سنًّا على الغرب، وإضعاف النظام، لكن يبدو الأمر ساذجًا اليوم، فالسيناريو الأكثر ترجيحًا أنّ إيران ستستخدم الأموال لتعزيز قوتها العسكرية، واستقرار نظامها”.
وأشار هايمان، وهو رئيس معهد دراسات الأمن القوميّ، إلى أنّ “السيناريو الثاني هو تنفيذ العملية العسكرية ضد المواقع النووية، وتدميرها، ووقف المشروع النوويّ عدة سنوات، لكن المشكلة أنّ أيّ هجومٍ، مهما كان واسع النطاق، لا يؤدي إلّا لتأجيل المشروع فقط، ولا يلغيه، بل إنّ الهجوم سيدفع إيران لاستنتاج مفاده أنّ القدرة النووية فقط ستمنع المزيد من الهجمات عليها، وبالتالي قد توجّه بالحصول على الأسلحة النووية في أسرع وقتٍ ممكنٍ”.
وأكّد أنّه “من الناحية العسكرية، فإنّ مهاجمة مواقع الإنتاج ليست كافية لوقف مشروعٍ نوويٍّ، ويجب توسيع نطاق العملية ضد الجيش الإيراني أيضًا، أيْ السعي للحرب، ولتحقيق هذا الهدف، لا بدّ من تنفيذ حملةٍ طويلةٍ من الهجمات المتكررة ضد أيّ محاولةٍ لاقتحام النواة النووية، وتتطلب هذه الحملة استخبارات فريدة ومرونة عملياتية وتنسيقًا كاملاً مع الولايات المتحدة، الأمر الوحيد الذي يمكن أنْ يضمن دعم تل أبيب في موجاتٍ إضافيّةٍ من الهجمات من أجل الحفاظ على الإنجاز، وتأجيل المشروع سنوات قادمة”.
وأضاف أنّ “الخيار الثالث هو إسقاط النظام الإيرانيّ، من خلال الضغط الاقتصاديّ الذي يشكل شوكة في خاصرته، حتى يضعف ويسقط، لأنّه مع تدهور الوضع الاقتصادي الداخلي، فإنّ استقراره سيتقوّض، وتزداد فرصة الإطاحة به، وربما كانت احتجاجات (الحجاب) بمثابة بداية للتغيير الذي قد نشهده الآن في إيران، من خلال تزايد العلمانية، وهجرة الأدمغة، والوضع الاقتصادي الصعب للغاية، مع أنّ الواقع أكثر تعقيدًا، فالعقوبات الشديدة التي فرضتها إدارة ترامب السابقة زادت قدرة الاقتصاد الإيراني على الصمود؛ تلزمه بإقامة اقتصاد مختلف، يطلق عليه (اقتصاد المقاومة)”.
وأشار في الختام إلى أنّ “كلّ سيناريو قد يؤدي لظهور مشاكل جديدة، لكن الاستراتيجية المرغوبة هي تجميع مزايا المسارات الثلاثة في مسارٍ واحدٍ، أي استخدام أداة عسكرية بالتهديد أو العمل لحمل إيران على توقيع اتفاقٍ تتخلى بموجبه بشكلٍ كاملٍ عن المشروع النووي، مع بقائها تحت العقوبات، بما من شأنه الاستمرار في إضعافها، صحيح أنه من السهل قول ذلك، لكن من الصعب أنْ نفعله”.