هل ينجح ترامب في ألّا يكون “غبيًّا” مع إيران؟ وكيف بدأ الإيرانيون التلاعب بأعصابه وما الذي يُميّز البرنامج النووي الإيراني عن “العراقي والسوري”؟.. هل ذهبت طهران للتفاوض لضعفها والمرشد يضع النقاط على حروف التفاؤل والتشاؤم كيف؟ وماذا يُريد من واشنطن؟

هل ينجح ترامب في ألّا يكون “غبيًّا” مع إيران؟ وكيف بدأ الإيرانيون التلاعب بأعصابه وما الذي يُميّز البرنامج النووي الإيراني عن “العراقي والسوري”؟.. هل ذهبت طهران للتفاوض لضعفها والمرشد يضع النقاط على حروف التفاؤل والتشاؤم كيف؟ وماذا يُريد من واشنطن؟

 

 

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

تتناسل التساؤلات حول شكل المشهد الذي ستنتهي إليه المُفاوضات بين واشنطن وطهران، وإذا كانت تلك المفاوضات ستُفضي إلى حرب إقليمية، ولعلّ أوّل تعليق للمرشد الإيراني السيد علي خامنئي، قد يُلخّص المشهد، حين قال الثلاثاء، إن بلاده لا تنظر “بتفاؤل مفرط ولا بتشاؤم مفرط” إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن برنامج طهران النووي، وذلك في أول تعليق له منذ اجتماع المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين في سلطنة عُمان، السبت الماضي.

إيران ليست ضعيفة

الأحكام المُسبقة بالقول إن إيران ذاهبة يقينًا باتجاه القبول بالتفاوض على أي حال، جرّاء تراجع نفوذها في سورية بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، واستشهاد أمين عام حزب الله السابق السيد حسن نصرالله، وحتى التخلّي عن حركة أنصار الله اليمنية، ينفيه ما قاله المرشد الإيراني الذي أكد إن “المفاوضات يمكن أن تؤدي إلى نتيجة وقد لا تصل إلى نتيجة”، مضيفًا: “يجب علينا التحرك بحذر، حيث أن الخطوط الحمراء واضحة تمامًا بالنسبة لنا وبالنسبة للجانب الآخر”.
وسبق لإيران أن خاضت مُفاوضات حول برنامجها النووي، وكان محورها (محور المقاومة) في أوج حضوره وقوّته، وتوصّلت إيران لاتفاق الموقع في عام 2015 بين طهران والقوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة، ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخلّى عنه، وأعلن انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق خلال ولايته الرئاسية الأولى في عام 2018.
طوّرت إيران بعد انسحاب ترامب برنامجها ليصل إلى نسبة تخصيب يورانيوم تقترب من 60%، وذلك وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي نسبة قريبة من نسبة 90% اللازمة لصُنع قنبلة نووية.

إيران تُماطل لكسب الوقت 

ويبدو أنّ سياسة النفس الطويل التي يتّبعها الإيرانيون في المفاوضات، وعاودوا تكرارها في المفاوضات الحالية، بدأت تُشعر ترامب سريعًا مُحب الصّفقات السريعة، بأنه غير قادر على انتزاع اتفاق سريع، يُشعره بالعظمة التي يبحث عنها، وقال ترامب إنه يعتقد أن إيران “تُماطل لتكسب وقتًا” في المفاوضات بشأن برنامجها النووي بعد اختتام الجولة الأولى من المناقشات في سلطنة عُمان نهاية هذا الأسبوع.

اقتربنا جدًّا

وأضاف ترامب في المكتب البيضاوي إلى جانب الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلة: “عقدنا اجتماعًا معهم السبت، ولدينا اجتماع آخر مقرر السبت المقبل، وقلتُ لهم: هذا وقت طويل كما تعلمون، هذا وقت طويل لذا أعتقد أنهم قد يُماطلون لكسب الوقت”.
عامل السّرعة لا يبدو أنه وارد في قاموس الإيرانيين للوصول إلى اتفاق نهائي، لكن ترامب شدّد على ضرورة أن تجرى المفاوضات مع إيران بسرعة لأن طهران “قريبة جدًّا” من امتلاك سلاح نووي.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال من جهته لوسائل الإعلام الرسمية بعد اجتماع السبت إن الجانبين “اقتربا جدًّا” من التوصل إلى إطار عمل للمفاوضات.

“التعامل مع الأغبياء”

وهُنا إطار عمل المُفاوضات يعني حِرص إيران على الحصول على ما يخدم مصالحها، لا مجرد التفاوض ضمن الاستعراض الإعلامي، هذا التأنّي الإيراني يراه ترامب مُماطلة لأن الإيرانيين وفقه “اعتادوا التعامل مع أغبياء هذا البلد”.
ترامب بالنهاية وبكُل حال هو الذي دفع طهران إلى الوصول إلى حافّة امتلاك السلاح النووي، بانسحابه من الاتفاق الأوّل معها، واليوم بات يُسابق الزمن حتى يمنعها من امتلاكه.

ضرب المنشآت النووية الإيرانية

وأضاف الرئيس الأمريكي مهددًا: إذا اضطررنا إلى اتخاذ إجراء قاسٍ للغاية، فسنفعله”. وعندما سُئل عن ما إذا كان الرد المحتمل قد يشمل توجيه ضربات إلى منشآت نووية إيرانية أجاب: “بالتأكيد”.
صحيفة “نيويورك تايمز” قالت في تقريرٍ لها أنه رغم أن جولة أخرى من المحادثات ستجري السبت القادم في العاصمة الإيطالية روما، إلا أن العمل الجاد لا يزال أمامهما، حيث من المتوقع أن يتردد المتشددون في كلا البلدين، و”إسرائيل”، في أي اتفاق تقريبًا.

قُدرة ردع إيرانية.. وماذا يُميّز البرنامج النووي؟

في المُقابل، كما يستخدم ترامب نهج الترهيب مع إيران خلال عقد المُفاوضات وصولًا لما يتم وصفه بالضغوط القصوى، في المُقابل ترفع طهران هي الأخرى ورقة التهديد، حيث صرّح مُساعد قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، إيرج مسجدي قائلاً: “إن إيران اليوم تمتلك قدرة ردع لا مثيل لها، ويعلم الأعداء أنهم إذا أرادوا التعدي أو التهديد، فسيتلقّون منّا ردًّا ساحقًا”.
وإن ذهبت المفاوضات إلى طريقٍ مسدود، سيكون أمام قصف البرنامج النووي الإيراني صعوبات أمام الجهة التي قد تقرر قصفها، حيث ينقل تقرير من شبكة سي إن بي سي عن الطيار الجنرال الإسرائيلي عاموس يادلين أن البرنامج الإيراني أكثر تحصينا وتوزعا، وعلى خلاف البرنامجين العراقي والسوري، لا توجد أنشطة إيران النووية في مكان واحد بل هي موزعة.

هذا ما تُريده طهران

ماذا تُريد طهران من واشنطن؟، رفع العقوبات الاقتصادية، التي أدت إلى تدهور قيمة العملة وارتفاع التضخم، والعودة بنفطها إلى السوق الدولية وضمان تدفق عائداته، وإعادة اندماجها في النظام المالي العالمي، كما تطالب طهران برفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بعدما صنفته إدارة ترامب عام 2019، وتُصر على الاعتراف بحقها في برنامج نووي للأغراض السلمية، مثل توليد الطاقة والبحث العلمي.
أمّا ترامب فقال: “أريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة، لكن لا يُمكنهم امتلاك سلاح نووي”.

حكمة التفاوض

في الخُلاصة، التفاوض مع إيران بحدّ ذاته، وفرضها التفاوض غير المُباشر على الأمريكيين وهم دولة عظمى، ذلك يُوضع في ميزان قوّة الجممورية الإسلامية، وذلك اعترافًا بقُدراتها العسكرية والصاروخية “الرادعة” وهي قدرات عبّرت إسرائيل عن قلقها منها مرارًا، وتكرارًا، وإلّا لكان جرى تدميرها وبرنامجها النووي، كما جرى في الحالة العراقية، والسورية، والاستدعاء في الحالات العربية، والحفاظ على سيادة الأراضي الإيرانية، واقتصادها، عن طريق تقديم حكمة التفاوض، لا يعني الضّعف، بل فهمًا لمُقتضيات ومُتطلّبات المرحلة.