الاقتصاد الصيني ينمو في الربع الأول مستبقا رسوم ترامب

الاقتصاد الصيني ينمو في الربع الأول مستبقا رسوم ترامب

بكين-(أ ف ب) – أظهرت الصين الأربعاء وضعا اقتصاديا أفضل من المتوقع، في الربع الأول من 2025، بفضل مسارعة المصنّعين إلى تصدير المنتجات قبل فرض دونالد ترامب رسوما جمركية إضافية مرتفعة ما يؤدي إلى “ضغوط”، على ما أفادت بكين.
وبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي الصيني نسبة 5,4% في الربع الأول، بحسب المكتب الوطني للإحصاء، وهي نتيجة أعلى بكثير من نسبة 5,1 % التي توقعتها مجموعة من الخبراء استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس.
وتخوض بكين وواشنطن حربا تجارية بعدما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية إضافية على منافسي بلاده وشركائها في آن، مستهدفا بالدرجة الأولى العملاق الآسيوي.
وفرض ترامب في بادئ الأمر رسوما جمركية على الواردات الصينية على خلفية اتّهامه بكين بالضلوع في توريد مادة الفنتانيل المخدّرة، ثمّ رفع نسبة هذه الرسوم بشكل حادّ في الآونة الأخيرة ردّا على ممارسات تجارية صينية تعتبرها واشنطن مجحفة.
ومنذ مطلع هذا العام، فرض ترامب تعرفات جمركية بنسبة 145 % في المئة على كثير من الواردات الصينية، تضاف إلى رسوم فرضتها الإدارات السابقة.
وردّت بكين بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 125% على الواردات الأميركية.
وتعطي البيانات الاقتصادية التي نشرتها بكين الأربعاء لمحة أولى عن تداعيات التوتر التجاري على الصين التي تعاني أساسا من أزمة القطاع العقاري واستهلاك منخفض للأسر.
وقال شنغ لاي يون، نائب رئيس المكتب الوطني للإحصاء في مؤتمر صحافي إنّه “في الوقت الحالي، يشكّل فرض رسوم جمركية مرتفعة من قبل الولايات المتّحدة بعض الضغط على تجارتنا الخارجية واقتصادنا”.
لكنّ المسؤول الصيني طمأن إلى أنّ “هذا الأمر لن يغيّر الاتجاه العام للاقتصاد الصيني الذي يواصل التحسّن على المدى الطويل”.
– “أكثر تعقيدا” –
وقال المكتب الوطني للإحصاء في بيان أن مبيعات المفرق وهي مؤشر رئيسي إلى الاستهلاك، زادت بنسبة 4,6 % على اساس سنوي.
أما الانتاج الصناعي فقد تسارعت وتيرته خلال الربع الأول فارتفع بنسبة 6,5 % على اساس سنوي، مقابل 5,7 % في الربع الأخير من 2024.
ورأت بكين أنّ البيئة الاقتصادية العالمية أصبحت “أكثر تعقيدا وصعوبة”، داعية السلطات إلى بذل المزيد ولا سيما من خلال تحفيز مشتريات الأسر.
وقال المكتب الوطني للإحصاء إنّ “أُسس تعاف اقتصادي ونمو مستدامين لا تزال بحاجة إلى تعزيز”، مشدّدا على أنّ تحفيز الاقتصاد يتطلّب “سياسات في مجال الاقتصاد الكلّي أكثر استباقية وفاعلية”.
وأظهرت أرقام رسمية نشرت خلال الأسبوع الحالي أن صادرات الصين زادت بنسبة 12 % بوتيرة سنوية في آذار/مارس وهو مستوى أعلى بكثير مما كان متوقعا.
ويعود هذا الأداء خصوصا لمسارعة المصنعين إلى تصدير منتجاتهم إلى الولايات المتحدة قبل بدء سريان الجزء الأكبر من الرسوم الجمركية الأميركية الإضافية في نيسان/أبريل، على ما أفاد خبراء.
إلا أن المستوى الحالي للرسوم الجمركية الأميركية على جزء كبير من السلع الصينة والبالغة 145 % ستلقي بثقلها سريعا على التبادل التجاري وستضع حدا للتحسن المسجل في الربع الأولى على ما تفيد غالبية المحللين.
– “انطباع واهم بالنجاح” –
وتوقع جيوي جانغ خبير الاقتصاد لدى “بينبوينت أسيت مانجمنت”أن “تظهر الأضرار الناجمة عن الحرب التجارية في بيانات الاقتصاد الكلي اعتبارا من الشهر المقبل”.
ورأى ستيف أينس المحلل لدى “اس بي آي أسيت مانجمنت” أن الأرقام المعلنة الأربعاء “تعطي انطباعا واهما بالنجاح، لكن يجب الا نُخدع، كان كل ذلك متوقعا”.
وأوضح في مذكرة “هذا الأداء عائد بشكل كبير إلى ارتفاع في النشاط الاستباقي وفي فائض تخزين في الولايات المتحدة حيث تهافت المستوردون لاستباق” الرسوم الجمركية الإضافية المرتفعة التي فرضها دونالد ترامب.
وأكد البيت الأبيض الثلاثاء أن “الكرة في ملعب الصين” على صعيد مسألة الرسوم الجمركية الأميركية.
وفي ظل هذه الأجواء، أعلنت بكين الأربعاء تعيين لي شينغانغ ممثل بكين الدائم سابقا لدى منظمة التجارة العالمية، مسؤولا جديدا لملف التفاوض حول التجارة العالمية.
وإزاء انعدام اليقين بشأن نشاطها التجاري، تأمل الصين أن يحل الاستهلاك الداخلي مكان الصادرات كمحرك للنمو لتحقيق هدفها السنوي المتمثل بنمو نسبته “حوالى 5 %”.
وسبق للحكومة ان أعلنت العام الماضي سلسلة من التدابير لانعاش الاقتصاد ولا سيما خفض نسب الفائدة ورفع سقف استدانة الإدارات المحلية.
من جانبها، أظهرت الولايات المتحدة بعض الليونة باعلانها الجمعة اعفاءات من الرسوم الإضافية على الهواتف الذكية والحواسيب المحمولة أو أشباه الموصلات التي تعتبر الصين من كبار منتجيها.
لكن رسوما جمركية مرتفعة جدا لا تزال مفروضة على قطاعات أخرى.