العدالة والتنمية المغربي يكشف تفاصيل المؤتمر الوطني التاسع: التشبث بالمرجعية الإسلامية للحزب ورفض التطبيع مع اسرائيل ودعم المقاومة الفلسطينية وعدم توجيه الدعوة لرئيس الحكومة بسبب وجود “خلافات حادة”

الرباط – “رأي اليوم” – نبيل بكاني:
في مؤتمر صحفي عقد اليوم الأربعاء بمقره بالرباط، كشف حزب العدالة والتنمية المغربي تفاصيل التحضيرات لمؤتمره الوطني التاسع المرتقب تنظيمه يومي 26 و27 أبريل الجاري بمدينة بوزنيقة، وسط تأكيد قياداته أن المؤتمر سيكون “عرسا ديمقراطيا” ومحطة انطلاقة جديدة للحزب بعد سنوات من التراجع السياسي.
إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس اللجنة التحضيرية، أعلن أن التحضيرات جرت في إطار من “النقاش العالي والمشاركة الواسعة”، موضحاً أن اللجنة اشتغلت وفق مسطرة اعتمدتها الأمانة العامة وصادق عليها المجلس الوطني في دورة يناير 2025.
وشملت العملية تشكيل لجان فرعية سياسية وقانونية وإعلامية، وأخرى للتواصل واللوجستيك، بهدف إعداد وثائق المؤتمر، على رأسها الورقة المذهبية والأطروحة السياسية والنظام الأساسي المعدل.
الأزمي شدد على أن الاشتغال تم بمرجعية قانونية مستمدة من النظامين الأساسي والداخلي للحزب، مع فتح المجال لأعضاء الحزب ومن خارجه للمساهمة في صياغة التوجهات الجديدة، من خلال لقاءات تشاورية ونافذة إلكترونية خصصت لتلقي الاقتراحات. كما أشار إلى أن عدد المؤتمرين يبلغ حوالي 1500، سيقومون بانتخاب 160 عضوا بالمجلس الوطني بطريقة سرية.
وفيما يتعلق بمحتوى الأوراق السياسية، كشف مصطفى الخلفي، رئيس اللجنة السياسية، أن الوثائق الجديدة تمثل “مراجعة عميقة” لتصورات الحزب منذ نشأته.
وأكدت الورقة المذهبية على المرجعية الإسلامية للحزب، فيما شددت الأطروحة السياسية على رفض التطبيع ودعم المقاومة الفلسطينية، إلى جانب التركيز على ملفات الإصلاح السياسي والدستوري، ومحاربة الفساد، وتعزيز الحقوق والحريات.
الورقة أعادت كذلك التأكيد على قضايا اجتماعية كبرى، من أبرزها دعم الأسرة والنهوض بالتعليم والتكوين، إضافة إلى المطالبة بتعزيز مكانة اللغة العربية.
أما عبد العزيز عماري، رئيس اللجنة القانونية، فقد نفى وجود ترشيحات مسبقة لعضوية المجلس الوطني أو الأمانة العامة، موضحاً أن العملية تتم عبر مراحل ثلاث: الترشيح، التداول، والتصويت السري.
كما أشار إلى أن التعديلات المقترحة على النظام الأساسي تهدف إلى توحيد نظام العضوية، وتعزيز أداء هياكل الحزب، ومواكبة التحولات الرقمية.
وفيما يتعلق بالبرنامج، سينطلق المؤتمر بجلسة افتتاحية، يليها تقديم التقريرين السياسي والحزبي، ثم عرض مشاريع الوثائق السياسية والتنظيمية للمصادقة، على أن يُختتم اليوم الثاني بانتخاب الأمين العام الجديد وتقديم البيان الختامي.
في موقف لافت، أعلن الأزمي أن الحزب لم يوجّه الدعوة لرئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مبرراً ذلك بوجود خلافات حادة وتفادياً لـ”الإحراج”، على حد تعبيره.
كما تم استثناء الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، بسبب توترات سياسية مع قيادات “العدالة والتنمية”. ورغم ذلك، أكد الأزمي توجيه الدعوات إلى 90 شخصية وطنية و25 ضيفاً من دول عربية وإسلامية.
من جانبه، طالب عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، وزارة الداخلية بصرف نصف المنحة السنوية المقدمة للحزب – والتي تقدر بـ130 مليون سنتيم – للمساعدة في تغطية مصاريف المؤتمر. وقال إن الحزب لم يتوصل بها بعد، رغم اقتراب موعد الانعقاد، مذكراً بأن القانون يجيز تمويل مؤتمرات الأحزاب.
واعتبر الحزب أنه قضية الصحراء الغربية “سجلت تقدما على طريق الحسم النهائي لمغربية الأقاليم الجنوبية من مبادرات تحت قيادة الملك محمد السادس”.
وشدد على ضرورة “صيانة السيادة الوطنية وتقوية الترافع عن مغربية الصحراء، واستعادة الاختيار الديمقراطي بالقطع مع التلاعب بإرادة الشعب”.
وفي ختام الندوة، أكد قادة الحزب أن مؤتمرهم المقبل ليس فقط مناسبة تنظيمية، بل فرصة لإعادة تموقع الحزب في المشهد السياسي الوطني، وتجديد تعاقده مع قواعده ومبادئه. “المؤتمر انطلاقة جديدة”، هكذا وصفه الخلفي، مضيفاً أن الوثائق المعروضة تجيب على أسئلة الهوية والغاية، وتؤسس لرؤية جديدة تستجيب لتحديات المرحلة المقبلة.
ويأتي المؤتمر في سياق سياسي دقيق، تراجع فيه حضور الحزب في المؤسسات المنتخبة، وسط منافسة شديدة من أحزاب الأغلبية، ما يجعل من هذه المحطة رهانا كبيرا على تجديد الثقة في الذات، وفي قواعد العمل السياسي للحزب.