“من يستيقظ باكرًا يُعلن انقلابه ويُصبح رئيسًا لسورية”.. انقلابٌ جديد ضدّ الشرع لماذا أُعلن عنه فقط في “تدوينة” وأين تفاصيله وهل أفشلته “مُخابرات أردوغان” وهل لا يزال يملك “ضبّاط الأسد” قُدرة “تدبير انقلابات”؟.. ثمانية انقلابات نجحت في سورية!
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
تحوّلت عبارة “فلول النظام” إلى عبارةٍ أثيرة، يجري استخدامها عل لسان جميع المسؤولين في نظام حكام دمشق الجدد بعد سقوط الدولة السورية السابقة، ويبدو أن هؤلاء أي “فلول الأسد” سيبقى تحميلهم المسؤولية عن أي إخفاق أو جرائم أو انقلاب، دائمًا وقائمًا للأبد.
الأربعاء، وزير داخلية سورية الجديد أنس خطاب كشف عن إحباط ما وصفه بـ”مشروع انقلاب” عملت عليه بحسبه مجموعة من ضبّاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وقال خطاب إن عملية إيقاف الانقلاب جاءت بتنسيق من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع السورية.
وأكّد خطاب أنه تم الاتفاق على تطوير الإدارة المعنية بملاحقة الخارجين عن القانون، من خلال تعزيز التنسيق مع الجهات الأمنية الأخرى في الوزارة، بما يُسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار.
لافت أن الوزير خطاب لم يتطرّق لأي تفاصيل أخرى بخصوص “انقلاب” تم التحضير له كما قال من ضباط النظام، فما هي تفاصليه، وإلى مدى وصلت خُطورته، لكن الأهم كان عند الوزير هو التأكيد على أن ذلك الانقلاب “أصبح من الماضي” بـ”جهود قوّاتنا وشعبنا”.
ومع هذا، الفُضول عند السوريين لا يتوقّف عن البحث في التفاصيل والخلفيات.
يطرح ما أعلنه الوزير السوري، تساؤلات حول لماذا قرّر حكّام دمشق الجدد الإعلان عن خضّة بحجم انقلاب فقط عبر سلسلة من التدوينات نشرها خطاب على حسابه على منصة “إكس”، ويطرح تساؤلات حول حقيقة هذا الانقلاب، وما إذا كان الإعلان عنه يأتي مجرد استعراض إعلامي لمدى قدرة وسيطرة النظام الجديد، وهل ستتكرّر مثل تلك المُحاولات في المُستقبل ضد نظام الشرع، وهل لا يزال يملك نظام الأسد القدرة على التحضير لانقلابات، وهو المُفترض أنه جرى إسقاطه على يد المعارضة السورية خلال 11 يومًا فقط من إعلان بدء عملية “ردع العدوان”.
الوزير السوري أضاف: “وقد شرعنا بعد ذلك في تحديث المعلومات بالتنسيق مع الجهات المختصة، والاطلاع على ما تم إنجازه بالتعاون مع وزارة الدفاع”.
اللافت أيضًا في الإعلان عن هذا الانقلاب الفاشل، أنه جاء فقط عبر مواقع التواصل (حساب الوزير على إكس)، وجاء إلى جانب تطرّق وزير الداخلية السوري إلى إعادة هيكلة الوزارة، موضحًا أنه سيتم تمثيل وزارة الداخلية في كل محافظة بمسؤول واحد بدلا من وجود مديرية للأمن وقيادة للشرطة، وستتبع جميع الأفرع والمكاتب في المحافظة لممثل الوزارة فيها، والذي سيكون مسؤولا عن الشرطة والأمن معًا.
وفي مديح غير مباشر من الوزير خطاب لوزارته قال أمام الشعب السوري: “نعد أهلنا أننا في وزارة الداخلية نعمل بصمت، لتعيشوا آمنين مُطمئنين بإذن الله، وسنبقى العين الساهرة لحفظ أمنكم وأمانكم، وترسيخ واقع مستقر ينعم فيه جميع السوريين بالكرامة والحرية، بعد أن سُلبت منهم لأكثر من خمسين عاما”.
وقبل الإعلان السوري عن مُحاولة الانقلاب الفاشلة بيوم، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتحدّث الثلاثاء في مؤتمر صحافي عن سورية، ويؤكد على أن كل من يعيق السلام والاستقرار الدائمين في سوريا سيجد أنقرة وحكومة دمشق بمُواجهته.
لافت أنّ الرئيس أردوغان قال إن عودة سوريا إلى ما قبل سقوط نظام الأسد “احتمال مُستبعد”، مضيفا أن “عهدًاً جديدًا” بدأ في البلد العربي منذ ذلك التاريخ، هذا يتقاطع بشكل أو بآخر مع ما أعلنه وزير الداخلية السوري عن محاولة انقلاب، وإحباطها، ما يعني النية للعودة إلى ما قبل سُقوط نظام الأسد.
تُطرح تساؤلات حول ما إذا كانت أنقرة قد قدّمت مُساعدات استخبارية لدمشق بخصوص إفشال الانقلاب، فأردوغان بنفسه يقول إن كُل من يُعيق السلام والاستقرار الدائمين في سوريا سيجد أنقرة وحكومة دمشق بمُواجهته.
ويأتي ذلك بعد أيّام من اضطرابات سُجّلت في بلدة بصرى الشام في ريف درعا (جنوب) انتهت باتفاق مع وجهاء المنطقة أفضى إلى دخول عناصر الأمن العام التابعين لوزارة الداخلية لـ “بسط الأمن والاستقرار” على ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
تجدر الإشارة إلى أن سورية كان مشهدها السياسي مصبوغًا بالانقلابات، بل هي من أكثر البلدان “توليدًا للانقلابات في التاريخ الحديث، وذلك من انقلاب حسني الزعيم حتى الإطاحة بنظام البعث على يد وكلاء تركيا كما وصفهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (هيئة تحرير الشام).
ثمانية انقلابات منها فقط نجحت في تحقيق أهدافها، آخرها في 16 تشرين الثاني/نوفمبر، حين قام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بانقلاب مجددًا، سمي لاحقا بـ”الحركة التصحيحية”، اعتقل بنتيجته صلاح جديد وكافة القيادات البعثية آنذاك.
استمر الأسد برئاسة سوريا حتى توفي في 10 حزِيران/يونيو 2000، ليخلفه ابنه الرئيس السوري السابق بشار الأسد لاحقًا، والذي تمّت الإطاحة به بعد هجوم المعارضة السورية الإسلامية واستيلائها على دمشق في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
التساؤل المطروح حاليًّا في سورية، هل ينجح الانتقالي أحمد الشرع الذي جاء من خلفية إسلامية أن يُثبّت أركان حُكمه بإسناد حلفائه الإسلاميين في تركيا وقطر (زار كلاهما مؤخرًا)، أم سيعود إلى سورية عهد الانقلابات المُتوالية، ويعود السوريون إلى نكتة أجدادهم التهكّمية التي كانت رائحة في حينها، والتي تقول: “إن الضابط الذي يستيقظ باكرًا قبل زملائه يسارع إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون ويعلن انقلابه ويُصبح رئيسًا لسوريا”!