الهلال الأحمر ينتشل الجثث “من كل مكان” في الخرطوم

جنيف- (أ ف ب) – منذ استعادة الجيش السوداني سيطرته على الخرطوم الشهر الماضي، يعمل متطوعون في الهلال الأحمر على انتشال الجثث الملقاة في شوارع العاصمة التي شهدت معارك طاحنة.
وصرحت الأمينة العام لجمعية الهلال الأحمر السوداني عايدة السيد لوكالة فرانس برس أن المتطوعين يعثرون على الجثث “في الشوارع وداخل المباني وفي كل مكان”.
وقالت إنه من غير الواضح عدد الجثث التي لا تزال ملقاة في العراء في الخرطوم، لكنها أكدت العثور على “250 جثة في شارع واحد”.
واندلع النزاع في السودان بين الحليفين السابقين، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في 15 نيسان/أبريل 2023 وسرعان ما امتدت الاشتباكات التي بدأت في الخرطوم إلى معظم الولايات.
ودخلت الحرب الثلاثاء عامها الثالث بعدما خلّفت عشرات آلاف القتلى وأدت إلى تشريد 13 مليون شخص، متسببة بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث وفق الأمم المتحدة.
في الخرطوم وحدها، لقي أكثر من 61 ألف شخص حتفهم لأسباب مختلفة خلال الأشهر ال14 الأولى من الحرب، وفقا لكلية لندن للصحة والطب المداري، بزيادة 50% عن معدل الوفيات قبل الحرب.
وتوصل تقرير الكلية العام الماضي إلى أن 26 ألف وفاة من بين هذه الوفيات نُسبت مباشرة إلى العنف.
– “نجمع العظام”
وقالت السيد إنه إلى حين سيطرة الجيش على العاصمة، “لم يكن أحد يستطيع دخول الخرطوم”.
وأضافت أن بعض الجثث التي انتشلت تعود إلى “بداية الحرب”، واستطردت “أحيانا نجمع العظام”.
ويضم الهلال الأحمر السوداني نحو 12 ألف متطوع يقدّمون المساعدة لملايين النازحين ويوزعون الطعام والماء وأحيانا يقدمون الدعم النفسي.
وتكافح المنظمة الانسانية لتغطية الحاجات المتزايدة في البلاد وسط نقص حاد في التمويل.
وقالت السيد “السودان حرب مهملة ومنسية”.
وأضافت أن فرقا مدرّبة تدريبا عاليا هي التي تدير برنامج “إدارة الجثث” التابع للمنظمة ويرتدون ملابس واقية خاصة، ويجمعون الرفات في أكياس بلاستيكية قبل نقلها إلى منطقة آمنة محددة.
ويكمن التحدي الرئيسي في تحديد هوية الجثث. أما تلك التي يعثر عليها مع بطاقات هوية فيتم تسجيلها ودفنها في مناطق محددة.
ويتم تسجيل الجثث الأخرى بكل التفاصيل المعروفة عنها ونقلها إلى منطقة أخرى حيث يمكن للباحثين عن مفقودين الحضور والاستفسار.
– آلاف المفقودين
وأعلن الصليب الأحمر هذا الأسبوع أن ما لا يقل عن ثمانية آلاف شخص فُقدوا في السودان العام الماضي وحده، محذرا من أن هذا ليس سوى “قمة جبل الجليد”.
وقالت السيد إن متطوعي الهلال الأحمر يُساهمون في العمل للعثور على المفقودين، مضيفة أن هذه “مشكلة كبيرة جدا” في السودان.
وأضافت “تتلقى اتصالا في منتصف الليل: لا أستطيع العثور على ابنتي أو زوجي أو أخي (…) نسمع دائما الناس يسألون عن أفراد عائلاتهم أو جيرانهم”.
وبالإضافة إلى تتبع المفقودين وإزالة الجثث من شوارع الخرطوم، يُشارك المتطوعون في “حملة تنظيف” تحضيرا لعودة النازحين.
– الجميع “مستهدفون”
وتوقعت الأمم المتحدة هذا الأسبوع عودة أكثر من مليوني شخص إلى العاصمة خلال الأشهر الستة المقبلة.
وعندما سُئلت ما إذا كانت عودتهم آمنة، أقرت السيد بأنه “لا توجد ضمانات”، لكنها أكدت أن الناس “متعبون جدا” وكل ما يريدونه هو رؤية منازلهم.
وأشارت السيد التي تنحدر هي نفسها من الخرطوم، إلى أنه حتى الآن لم ترَ سوى صورة للمنزل الذي نشأت فيه وأسست فيه عائلتها.
وقالت “لقد انهار بالكامل”، مؤكدة الأمر “مؤلم”.
وفي حين يسعى الهلال الأحمر السوداني جاهدا لمساعدة المجتمعات في كل أنحاء البلاد، يواجه عماله المخاطر نفسها التي تواجهها هذه المجتمعات.
ولفتت السيد إلى أن المنظمة فقدت 28 من موظفيها ومتطوعيها في الحرب.