احمد ايهاب سلامة: من هيروشيما إلى غزة: الغرب الذي قتل ثم أنكر وسُمي قديساً

احمد ايهاب سلامة

لا يزال كثيرون حتى اليوم، وبعد ما ارتُكب في قطاع غزة من مجازر مروعة بأيادٍ صهيونية أمريكية، يزعمون بوقاحة أن هناك ما يسمى حرية، وعدالة، وحقوق إنسان.
ولم أرَ في المشهد أكثر سذاجة من أولئك الليبراليين العرب وغيرهم الذين لا يفتأون يهاجمون الإسلام، ويُنكلون بالمسلمين، ثم يتغنون بالحريات تحت عباءة كاذبة تسمى “العدالة”
يا لسخرية المشهد: يجملون القبح بشعارات زائفة لا تصمد أمام أول قطرة دم ولا أول شهقة طفل تحت الركام.
عن اي إسلام ارهابي تتحدثون ؟ والدولة العظمى التي تضربون بها مثلا لديمقراطيتكم اقيمت على اشلاء ودماء أزيد من 100 مليون من الهنود الحمر، تمت ابادتهم في أبشع جرائم بشرية لم يعرفها التاريخ يوماً ؟
ثم، دعونا ننكأ جرح التاريخ ونعيد فتح دفاتره.. فالعمر الزمني لداعش بضع سنوات فقط .. فيما خمسة قرون بالتمام والكمال راح فيها مئات ملايين البشر في العصور الوسطى قتلا وسحلا وذبحا وهرطقة، في القارة الاوروبية التي تنظرون علينا بديمقراطيتها.. ألم تتسبب “محاكم التفتيش” بابادة مئات الوف المسلمين في اسبانيا، عشرات الالوف منهم قتلوا حرقاً وهم أحياء ؟ ألا تذكرون هيروشيما وناجازاكي؟ ألم يقتل مئات الملايين من البشر، من ذات الدول الليبرالية التي تصلون لها وتسبحون بحمدها، في حربين عالميتين اثنتين فقط وتحت راية ليبراليتكم ؟
في عقر الدول الليبرالية الغربية وأمم الحريات المزعومة والديمقراطية .. لا يجرؤ الكتاب الليبراليون ذاتهم على انتقاد بل ذكر المحرقة اليهودية المزعومة على سبيل المثال، ولا التطرق لجرائم دولة الاحتلال الصهيوني، والا لاتهموا بـ”معاداة السامية”، وفتحوا على انفسهم أبواب جهنم .. بينما في الدول الاسلامية يستأسد المتطرفون الليبراليون على كل القيم الاسلامية بشكل مخالف للقوانين السماوية، والوضعية، التي تمنع الاساءة أو المس بالشعور الديني وتعاقب عليه .. ولا يعاقبون ولا يردعون من أحد، ولا ما يحزنون، بل يصنفون بأنهم من “نخب المجتمعات” وصفوتها، وتفتح لهم كل الاقنية الفضائية والوسائل الاعلامية أبوابها.
فأي عدلٍ هذا الذي تُقاس فيه أفعال الأمة الإسلامية بعدساتٍ مكبرة، بينما تُطوى جرائم الغرب تحت عباءة “التاريخ الأسود”، وكأن الزمن يغسل الدماء عن الأيادي الملطخة؟ نسوا أو تناسوا أن “الديمقراطية” الغربية نفسها لم تكن يوما هدية شعوبها، بل وُلدت من رحم الاستعمار، والتطهير العرقي، واستعباد الشعوب ونهب خيراتهم لعقود، من الذي أقام حضارته على ظهور العبيد؟ من الذي فرش شوارع عواصمه من ذهب مأخوذ من فقر أفريقيا وآسيا وأرواح أبنائها؟
ثم يأتون إلينا اليوم، يرفعون أصابع الاتهام بكل وقاحة، متناسين أن الإرهاب عندهم يُسمى “رد فعل”، والقتل يُسوق كدفاع عن النفس، بينما إذا ارتكب مسلم جريمة، شُحذت الأقلام، وهُيئت الطاولات، وعُقدت القمم ليناقشوا خطر الإسلام على “المدنية الحديثة”.
ِِنِعمُ، المدنية التي سمحت بقتل الأطفال في غزة، وتبرير قصف الأعراس في اليمن، وسفك الدماء في العراق وأفغانستان، باسم الحرية والديمقراطية… التي تأتي غالبا على ظهر دبابة أمريكية، وتحمل بيدها الأخرى شعار حقوق الإنسان.
كاتب اردني