عبد الله مغاري: خطاب المأزوم نتنياهو ومفاتيح ثلاثة قد تنهي الحرب

عبد الله مغاري: خطاب المأزوم نتنياهو ومفاتيح ثلاثة قد تنهي الحرب

 

عبد الله مغاري
لا يبالغ الكُتّاب والمحللون حين يصفون نتنياهو بالمأزوم والمهزوم؛ فالحقيقة الثابتة منذ السابع من أكتوبر أن نتنياهو لا يزال يعيش أزمة سياسية وعسكرية، رغم كل ما فعله في غزة ولبنان وسوريا والضفة المحتلة.
 تجلّت أزمة نتنياهو بوضوح في خطابه الأخير بمناسبة “عيد الفصح”، حيث كرر الشعارات ذاتها التي أطلقها في اليوم الأول من الحرب، والأهم من ذلك، اعترافه العلني بعدم رغبته في إنهاء الحرب، مبررًا ذلك بذات المصطلح المكرر والفضفاض وغير المحدد وهو “القضاء على حماس”.
 نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب، لأنها تمثل شريان حياته السياسية؛ فإذا توقفت، سيخسر ليس فقط حكومته، بل مستقبله السياسي أيضًا. لذا، يسعى لكسب كل دقيقة تمكنه من الاستمرار، وسط حالة الغضب الداخلي والفشل المتزايد في تحقيق أهداف الحرب.
 تصريحات نتنياهو تؤكد أن استمرار الحرب لا يعود إلى رفض المقاومة للحلول، ولا لتمسك حماس بالحكم، ولا لنزع سلاحها، بل لأنه يعتبر أن إنهاء الحرب يعني هزيمة إسرائيل. وهذا يثبت صوابية موقف المقاومة الأخير، الذي يربط الإفراج عن الأسرى بإنهاء الحرب، إذ بات واضحًا أن نتنياهو، حتى لو حصل على جميع الأسرى دون مقابل، سيواصل الحرب لأنه لا يريد أن يتوقف شريان حياته السياسية.
المهم بالنسبة للناس المكلومة في غزة الذين يواجهون الإبادة في كل يوم هو إنهاء الحرب، وإلى الأبد. هذا هو مطلب الناس الذي تحاول المقاومة أن تفرضه في أي مفاوضات مقبلة، وأن تفَوّت الفرصة أمام نتنياهو للعودة إلى استمرار القتل، لكن أمام رئيس وزراء حكومة الاحتلال، الذي يريد استمرار الإبادة، فإن ثمّة ثلاثة عوامل قد تدفع نتنياهو لإنهاء الحرب، وهذه العوامل كالآتي:
 العامل الأول: الضغط الداخلي في إسرائيل
رغم وجود احتجاجات من أهالي الأسرى ومظاهرات تطالب بوقف الحرب إضافة إلى العرائض التي يتم توقيعها من آلاف الاسرائيليين، إلا أن هذا الضغط لا يزال غير كافٍ ليشكل عاملًا حاسمًا في الوقت الحالي. صحيح أنه لا يمكن التقليل من أهمية هذا الضغط، خاصةً في شكله الحالي الذي يجعل حكومة نتنياهو تخطو وسط حقل ألغام، إلا أنه وحتى اللحظة لا توجد مؤشرات لإمكانية الرهان عليه كعامل رئيسي ينهي الحرب.
العامل الثاني: الخسائر البشرية في صفوف جنود الاحتلال
هذا العامل لم يكن مؤثرًا في السابق، أي قبل التهدئة الأخيرة. لكن الآن، وسط حالة التردد ورفض الحرب في صفوف جنود الاحتياط والانقسام الحاصل في إسرائيل بشأن جدوى استمرار القتال، أصبح هذا العامل مهمًا، لأن حياة الجنود يُنظر لها حاليًا بشكل مختلف عن السابق، حين كانت الرغبة بالانتقام تسيطر على المجتمع الإسرائيلي.
يدرك نتنياهو أهمية هذا العامل، لذلك يعمل الجيش حاليًا في غزة وفق تكتيكات عسكرية يتجنب خلالها المواجهة المباشرة وتكبد الخسائر. وهذا ما يجعل هذا العامل لا يشكل ضاغطًا على نتنياهو، إلا إذا استطاعت المقاومة تكرار عملية شرق غزة الأخيرة.
 العامل الثالث: الضغط الأمريكي
يُعد هذا العامل الأهم والأكثر فاعلية، وهو أيضًا عامل يمكن تحريكه ليشكل ضغطًا حقيقيًا على نتنياهو. لذلك نرى محاولات المقاومة لتحريك هذا العامل من خلال الرسائل الإعلامية التي يتم نقلها بشكل مستمر، فالمقاومة ترى أن هذا العامل هو الأكثر قابلية للتحريك بالوقت الحالي.
مع قناعتنا التي لا تتغير بأن الولايات المتحدة هي وجه إسرائيل الآخر وقناعتنا أن لا رهان على الأمريكان، لكن هناك فرصة لتحريك هذا العامل المهم في ظل إدارة ترامب التي تسعى للحصول على إنجازات في المنطقة، فهل تنجح حماس ومعها الوسطاء في تحريك هذا العامل سريعًا؟
كاتب فلسطيني