بـ”تُهمة التعدّي على صلاحيّات أمير البلاد”.. الكويت تحكم بسجن “السلفي” الطبطبائي 4 سنوات و3 غيره.. حربٌ على “الإخوان” أمْ إلباس البلاد ثوبًا ديمقراطيًّا أكثر ضيقًا؟.. الطبطبائي تقاطع مع العوضي بـ”التحريض” على إسقاط الأنظمة فكيف تزامن عقابهما؟

بـ”تُهمة التعدّي على صلاحيّات أمير البلاد”.. الكويت تحكم بسجن “السلفي” الطبطبائي 4 سنوات و3 غيره.. حربٌ على “الإخوان” أمْ إلباس البلاد ثوبًا ديمقراطيًّا أكثر ضيقًا؟.. الطبطبائي تقاطع مع العوضي بـ”التحريض” على إسقاط الأنظمة فكيف تزامن عقابهما؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

يبدو أن السلطات الكويتية مُصرّةٌ على مُواصلة حملتها ضد كُل ما تعتبره إمعانًا في استغلال ديمقراطيّتها، الأمر الذي يضع البلاد في حالةٍ مُستمرّة من التوتّر السياسي، والأجواء المشحونة، في ظل تواصل حل مجلس الأمة مُنذ 15 فبراير العام الماضي بقرار أميري، وسط مخاوف من الوضع المُتأزّم في الإقليم.
الجديد القادم من الكويت هذه المرّة، في ظل حملات سحب الجنسية غير المسبوق من شخصيات معروفة في الحقل السياسي، والإعلامي، وحتى الفني، والدعوي، صُدور حُكم بالسجن بحق النائب السابق “السلفي” وليد الطبطبائي، بتُهمةٍ لافتة وهي “التعدّي على صلاحيات أمير البلاد”.

هل انخفض سقف الحريّات؟

ويبدو أنّ السّقف الذي كان معهودًا للحريات في الكويت، ينظر له البعض بأنه آخذٌ في الانخفاض وفقًا للمُجريات في “الديرة”، حيث أدانت المحكمة وفقًا لوسائل إعلام كويتية الطبطبائي بنشر تغريدات مُسيئة لأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وهي تغريدات تتعلّق بتوجيه الطبطبائي النّقد لأمير البلاد بعد قراره العام الماضي بوقف العمل ببعض مواد الدستور، وحل مجلس الأمة وتعليقه لأجل غير مسمى.
ويبدو للبعض بأن الحُكم الصّادر رسالة حادّة وصارمة من سُلطات العهد الجديد في الكويت، أن لا تساهل ولا تسامح، مع أي انتقاد لقيادة الدولة، وقرارتها، الأمر الذي قد يضع الكويت وفقًا لبعض الكويتيين في مصاف دول الخليج ذات الديمقراطيات المُتراجعة.

رفض تخفيف العُقوبة.. و”فوتوشوب”!

ولافت أن محكمة التمييز رفضت الطّعن المُقدّم من النائب الإسلامي، وقرّرت إلغاء حكم محكمة الاستئناف السابق الذي كان قد خفّف العقوبة إلى سنتين، لتُعيد تأييد حُكم محكمة أول درجة بالسجن 4 سنوات مع النفاذ.
وصدر الحُكم رُغم أن الطبطبائي كان نفى سابقًا صلته بالتغريدة التي كان وصفها بـ”الفوتوشوب”، وهذا سيدفع النشطاء في الكويت بطبيعة الحال لمُراجعة تغريداتهم، ومنشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، خوفًا من الإدانة والمُحاسبة في ظِل العهد الجديد.

ذات التهم

ولم يتوقّف الحُكم على النائب الطبطبائي، بل طال أيضًا وفق ما قضت محكمة التمييز بالسجن 3 سنوات على النائب السابق أنور الفكر، وسنتين على النائبين السابقين حمد العليان وحسين القلاف، لذات التهم التي تتعلّق بالطعن في حقوق وسُلطات أمير البلاد، الأمر الذي يضع أمير البلاد في سياق التحصين من النقد والتطاول.
وفي قضيّةٍ أخرى، أيّدت المحكمة حبس النائب السابق حسين القلاف سنتين مع الشغل، بتهمة الإساءة إلى مسند الإمارة، على خلفية منشور انتقد فيه إجراءات وزارة الداخلية بشأن تنظيم عمل الحسينيات وممارسة الشعائر الدينية للطائفة الشيعية.

تقليم أظافر الإسلاميين

في المُقابل يُقرأ إصدار حُكم نهائي بحق الطبطبائي، بأن له علاقة بقُربه من “حدس” وهي المُقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين، في سياق تقليم أظافر الإسلاميين في البلاد، وبعد حل مجلس الأمة، ووقف انتخابات الطلبة، في خطوةٍ تهدف لمنع سيطرتهم على إيقاع المشهد السياسي في الكويت، أو ترتيب الحياة السياسية والاجتماعية، وترتيبها على أساس المُواطنة، وليس الطائفية، وفي ظل ما يجري مع جماعة الإخوان في دول مُجاورة.

سحب الجنسية من العوضي

ويأتي الحُكم على الطبطبائي، بعد أيّام من إقدام السلطات الكويتية على سحب الجنسية من الشيخ نبيل العوضي، وهو الذي سبق للسلطات بمنعه من الخطابة،  فيما قام العوضي بزيارة عدد من دول الثورات العربية، وحرّض على إسقاط أنظمتها، وسمحت له قطر وحدها بالخطابة من على منابرها.

تحريض إسلامي مُشترك على إسقاط الأنظمة

النائب الكويتي السابق الدكتور وليد الطبطبائي كان ظهر مُشاركًا مع “الجيش السوري الحر” في عمليات عسكرية في سوريا بدايات “الثورة” ضد نظام الرئيس السوري السابق بشارالأسد، حيث ظهر في مقطع فيديو علني يُطلق صواريخ غراد نحو مواقع الجيش العربي السوري بشمال سوريا، وأكد أنه يشارك أبناء سوريا الشرفاء معركتهم نحو الحرية، وأن الأسلحة التي في حوزتهم تستهدف معاقل “النظام النصيري” بحسب وصفه.
يتقاطع العوضي والطبطبائي بشكلٍ أو بآخر بالتحريض على إسقاط الأنظمة العربية في إطار سلفي وإخواني.

خرج من السجن بعفو

تجدر الإشارة إلى أنّ الطبطبائي قد خرج من السجن بعفو أصدره أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، وتم الإفراج عنه في ديسمبر عام 2019 بعد أن تقدّم بالتماس على خلفية قضية دخول مجلس الأمة عنوة في عام 2011، وها هو اليوم يعود إلى السجن في عهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح بتهمة “التعدّي على صلاحيّاته”.
واشتهر الطبطبائي خلال عضويته في البرلمان لدى الشارع الكويتي بأنه إذا قدّم استجواباً إلى أي وزير فإنه سيغادر الحكومة لا محالة، حيث لم يسبق له تقديم أي استجواب طوال عشرين عاماً إلا وتبعه تقديم طلب طرح الثقة بالوزير، ما يؤدي إلى تقديم الأخير الاستقالة من الحكومة بعد تعذّرها الحصول على العدد الكافي لتجديد الثقة بوزيرها.

الكويت “دولة غير حُرّة”

وبحسب تقرير منظمة “فريدوم هاوس” لموشر الحريات حول العالم لعام 2025، ولأوّل مرّة في تقارير منظمة
“بيت الحرية Freedom House”، والتي تُعنى بمؤشرات الحريات والحقوق المدنية والسياسية في مختلف بلدان العالم حيث تم تصنيف دولة الكويت بوصفها “دولة غير حرة”، وكان تصنيف دولة الكويت من خلال تقارير المنظمة في السنوات الماضية تُصنّف على أنها “دولة حرة جزئياً”.

ثوب جديد

أمير الكويت كان قد قال بأن المُمارسة الديمقراطية ستتم إعادتها “في ثوبها الجديد”، ودعا المواطنين إلى التحلّي بالصبر فيما يتعلق بالإصلاح والبناء وتصحيح المسار، فما دُمّر كثير، وما عبث به خطير.
تسير الكويت بكُلّ حال على خيط رفيع، يحتاج للسير عليه بتركيز وإخلاص في ظل الأجواء المشحونة سياسيًّا، فالإسراع نحو الديمقراطية المقيدة بداعي إفساد شكلها السابق البلاد، قد يحرم الكويتيين ما عهدوه من حُريّة رأي، وقُدرة على المُحاسبة في تاريخ بلادهم منذ تأسيسها، أمّا ترك البلاد لمَن يتلاعب بها بشكلٍ طائفيّ إسلامي، غير قائم على المُواطنة بداعي الديمقراطية المُطلقة مَدفوعًا بخلفيّاتٍ غير وطنية، قد يُدخل البلاد في طُرُقٍ مسدودة، وعليه سيكون الكويتيون على موعد مع ثوب الكويت الجديد الذي وعد به أمير البلاد لتجربته، والحكم عليه دون تسرّع.