د. جاسم يونس الحريري: الانتخابات النيابية في العراق 2025 وصراع الوجود في السلطة

د. جاسم يونس الحريري
قبل 11/11/2025 وهو موعد الانتخابات النيابية العراقية لعام 2025 لا يوجد شي ثابت داخل المشهد الانتخابي، الأحزاب والقوى السياسية تتصارع، تتقارب، ثم تتباعد، في لعبة معقدة تحكمها المصالح، وتتحكم بها حسابات النفوذ والمقاعد البرلمانية. انتخابات نوفمبر 2025 بانت مقترباتها، والكل يتحرك على رقعة شطرنج لا مكان فيها للصدف، بل تخطيط دقيق، واحيانا، مقامرة سياسية قد تقلب الطاولة على الجميع. التحالفات الانتخابية في العراق ليست مجرد اتفاقات تقنية بين قوى سياسية، بل هي انعكاس لصراع أعمق على السلطة، ومحاولة لضبط التوازنات بين القوى المتنافسة.
الشارع العراقي ينتظر ان تسود هذه الانتخابات النزاهة العملية الانتخابية والشفافية، في بلد اعتاد أن تكون السياسة فيه لعبة مفتوحة على كل الاحتمالات. وتكتسب الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2025، أهميتها من كونها ستجرى في ظل خلافات وانقسامات شديدة داخلية تشهدها القوى الرئيسة في البلاد، والتي تمثل المكونات الأساسية الثلاثة، (السنة، الشيعة، الأكراد)، إضافة إلى صعود قوى ناشئة تنافس التقليدية.
وتكْمُنُ أهمية هذه الانتخابات في أنها تشكل الأساس للعملية السياسية في البلاد؛ حيث تقود نتائجها إلى تشكيل مجلس النواب المُخوَّل باختيار رئيس الوزراء؛ كونه أعلى سلطة تنفيذية بالدولة، ووفْقًا للدستور، يُعتبر رئيس الوزراء هو المسؤول الأول عن إدارة شؤون الدولة وتوجيه السياسات العامة، بالإضافة إلى الإشراف على الوزارات والأجهزة الأمنية، ومن ثمَّ، فإن نتائج الانتخابات تتجاوز مجرد إعادة تشكيل السلطة التشريعية لتحدِّدَ أيضًا مَن سيتولَّى قيادة الحكومة؛ ما يؤثر بشكل مباشر على استقرار الدولة واتجاهاتها داخليًّا وخارجيًّا.كل الاحتمالات تبقى مفتوحة في ظل عملية سياسية تقف على رمال متحركة، فالمواقف السياسية تتبدل سريعا، والمصالح الخارجية تفرض نفسها بقوة على المشهد في العراق. ان الانتخابات العراقية القادمة تواجه تحديات متزايدة، أبرزها ضعف ثقة الناخبين في نتائجها، والتدخلات الخارجية في توجيه بعض القوى السياسية.
وتبقى السمة الرئيسية في هذه الانتخابات صراع الوجود بين الكتل السياسية التقليدية لانها سوف تخوض معركة وجود لضمان بقائها ضمن النظام السياسي خلال انتخابات مجلس النواب المقبلة فهذه الانتخابات ستكون مختلفة وسيكون الصراع فيما محتدم جدا يختلف عن كل العمليات الانتخابية السابقة. ويُنظر لقرار بعض الكتل السياسية بشأن خوض الانتخابات ضمن قوائم موحدة أو منفصلة على أنه يعكس حسابات دقيقة تتعلق بموازين القوة والتأثير الجماهيري، فاللجوء إلى التحالف ضمن قائمة واحدة قد يكون إقراراً ضمنياً بضعف القاعدة الانتخابية لكل طرف على حدة، ما يدفع هذه القوى إلى البحث عن ضمانات أخرى عبر التكتل لتحقيق عدد مقاعد مؤثر في البرلمان. وفي المقابل، فإن اختيار بعض الكتل خوض الانتخابات بشكل منفصل قد يحمل دلالة مختلفة، تعكس ثقة بعض الأحزاب بقدرتها على حصد الأصوات دون الحاجة إلى تحالفات، وهو ما قد ينبع من شعور هذه القوى بامتلاكها قاعدة جماهيرية تمنحها فرصة المنافسة بقوة.
بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
[email protected]