د. إشيب ولد أباتي: موريتانيا: من الهجرة الداخلية إلى التهجير القسري

د. إشيب ولد أباتي: موريتانيا: من الهجرة الداخلية إلى التهجير القسري

د. إشيب ولد أباتي

 التقديم:
لقد وجهني الأستاذ الدكتور عطا حسن درويش، أطال الله في عمره في جامعة هلسينكي بالسؤال التالي: هل هي هجرة، أو تهجير؟
ولعله أراد بالسؤال مناقشته في هذا المقال لمفردتي “التهجير”، و”الهجرة”مع مراعاة  الكتابة الأكاديمية، وضرورة توظيفها في المقال السياسي، وهو ما غاب الألتزام  بشروطه في المقال السابق، ذلك أن  تحديد المفاهيم منهجيا، سيبقى مدخلا أوليا في غاية الأهمية بغض النظر عن مجال الكتابة، وموضوعاتها…
كما أشكر الزميل “معتز” الصحفي الأكاديمي، على تحليله الرائع للمقال، وملاحظاته القيمة التي استفدت منها كثيرا، ولم تتح للقراء الفرصة  للاستفادة منها ، وكان تحليلا مطولا لكن مفيد جدا، لذلك لم يكن متاحا إلصاقه، كالمداخلات التي يكتبها الزملاء جنبا الى جنب مع مداخلات  جنود الأمة المجهولون من القوى الحية  في الوطن العربي، وما أكثرها لله الحمد، وما احوج الأمة إليها، وإلى جنودها، وذلك للدفاع عن غزة هاشم، وفلسطين، ولبنان، واليمن، لأن أمتنا، تواحه حربا شعواء، لن يصدها، إلا  أجناد الأمة مجتمعون، لا مفترقون، بل رافعون سلاحهم : البندقية، والصاروخ، والعبوات الناسفة، والمسيرات المنتظرة من المقاومة في العراق العظيم، ومن يمن الكرامة العربية، الذي لايهزم..
أما السلاح المحرك  لتكثيف دور جماهير الأمة العربية من الماء إلى الماء، فهو إرادة القتال، ورفض الهزيمة نفسيا على العقل العربي الجمعي  العام..وهذا الإسناد الإعلامي الذي تقوم به وسائل الإعلام المساندة للمقاومات العربية على جبهات القتال، تقوم به  في ” رأي اليوم”، و” الرائد ” وغيرهما…
 وكل  عمل طوعي، وفكري ساند، ولازال يساند المقاومين، لأنه هو وحده السند بعد الله تعالى لأبطال الأمة في غزة، وجنين، وباقي مدن الضفة الغربية، كما في اليمن الذي يتعرض لحرب همجية ، وأخرى صهيونية في جنوب لبنان العظيم،،،
وعل كل الجبهات،  فقد اسند المقاومون ظهورهم إلى الجسور، والمنازل، والانفاق،، وليس أمامهم الا الاستبسال، لأن الأمة العربية، لن تخسر أعز مما فقدته  من الاستشهاديين، والقادة الأبطال، ومن أعز ابناء الأمة عليها،  الذين تعرضوا، ويتعرضون للإبادة الجماعية تحت حمم الحرب الهمجية اللعينة التي تقودها أمريكا المتوحشة،  وربيبتها المنبوذة عالميا، والمهزومة عسكريا، وسياسيا، وليس أمامها الا رفع راية الاستسلام، والهجرة العكسية، وهذا هو مصير الكيان الغاصب الذي سيرحل بشذاذ الآفاق الذين جمعهم  في فلسطين المحتلة، و سيخرجون منها  في العاجل قبيل  الآجل،، وقد أدرك كتاب الصهيونية  ومفكروها ، أن  دقت ساعة الرحيل، فإما نحن، وإما نحن، ولا خيار آخر، وهذا أمر مفروغ منه، لأنه حتمية التاريخية بكل تجلياتها، ورهاناتها..

العرض:
لعل  السؤال المطروح للإجابة عليه، هو: هل كل ما تعرضت – وتتعرض-  له الشبيبة الموريتانية ، والمغاربية عموما  في المغرب العربي، وفي غرب إفريقيا، هو هجرة، أو تهجير؟
والجواب، بدون مواربة، أو لف، أو مداورة،  هو تهجير قسري، يرجع  لعوامل أخطرها:
غياب الاستقلالات السياسية، والأنظمة الوطنية،  والعجز عن أقامة مشاريع تنموية،،ثم  النهب المنظم لثروات الاقطار المغاربية، وكذلك الحال في  اقطار افريقيا الغربية، والسبب الظاهر، وغير المخفي على أحد، هو سياسة فرنسا، واستدعاؤها  الوقح، والمذل، لرؤساء دول الساحل، ومطالبتها لهم بتقديم طلب لعودة الاحتلال العسكري لحماية الأنظمة، ومصالح الغرب الامبريالي الذي لم يقبل التراجع، ولو  خطوة واحدة الى الوراء عن سياسته في القرن التاسع عشر، وتعزيزها  بالقوة العسكرية لحماية الأنظمة  التابعة، ومحاربة المستقلة منها عن سياسته،، وذلك بعد غياب العديد من  قادة التحرير  الذين رحلوا، ولم يخلفهم الا  قطيع من النعاج  توجهه الغرائز، وليس الضمائر الحية للشعوب  التي قادت الثورات، وستقودها حتى التحرير: بالنصر، او الاستشاد..
وذلك من اجل فرض  سياسة التغيير، والبناء عبر مشاريع تنموية،، وفي مواجهة سياسة الغرب الامبريالي الذي لم يستطع خلال التطورات الحاصلة في أوروبا   تغيير نهجه وتكييفه مع المتغيرات الدولية  وفي المقدمة منها العوامل المحلية في دول الاتحاد الأوروبي كظهور تيارات، واحزاب سياسية جديدة، وقيادات اشتراكية تارة، وأخرى شابة  تسيرها “نيو ليبرالية،” كالحالة الفرنسية، وربما يرجع السبب إلى أن  مطالب الأحزاب الأوروبية،  تدور في دائرة مغلقة تتعلق بالحرية الفردية، والدفاع عن حقوق المواطن الأوروبي تحديدا، وليس أكثر من ذلك، ولذلك فسياسة الغرب  الامبريالي الحالي، هي نسخة  محدثة لسياسته  في القرن التاسع عشر، فلم يستطع، أو حتى ينوي احداق قطيعة مع سياسته الاجرامية – عدا البرتغال بعد حكم الاشتراكيين التحرريين  في السبعينيات الذين قطعوا علاقة بلادهم بتاريخها الامبريالي –  يمكن اعتبارها تتمة لإنقاذ  المشروع الاستعماري  بشعاره المزيف ”  الاستعمار” –  من التعمير –  وثبت أنه:” استدبار” على حد  تعبير المفكر العربي مالك بن نبي رحمه الله، ولازال المشروع الغربي  التدميري لمجتمعاتنا، يمثابة  انبوب اكسجين حياة لإقتصادات الغرب الأوروبي، وعلى وجه الخصوص فرنسا التي يجاهر. وتعالي من يقف في وجهها عن  نهب ثروات بلاده ، ولذلك النهب، هي الآن رابع دولة  على مستوى العالم  من حيث رصيدها  من الذهب الأفريقي المصادر من قارتنا، أقول ذلك واجزم به، لأن ليس لفرنسا  منجم واحد، ولم تقم سياسة لشراء الذهب من الدول الإفريقية بعد استقلالها، وإنما اعتمدت على شركاتها التي تتولى استخراج، وتصدير الثروات..
فلو أخذنا النهب الذي لم يتوقف شلاله  من موريتانيا  بمصادرة  ” الصمغ العربي”، والثروة الحيوانية، والسمك، وانتزاع الضرائب النقدية، والعبنية دون أن تترك مدينة واحدة، ولا مؤسسات تعليمية، عدا مدارس ابتدائية، واعدادية  محدودة، ومعهدين للثانوية، كما لم تترك طرقات معبدة بين المدن التاريخية..
 ومنذ الخمسينيات بدأت باستخراج الحديد، و تاليا النحاس، وغيرهما ، ولا زال النهب منتظما في ظل الاستدبار، والاستدمار،  ولم تأل جهدا  الأنظمة السياسية ( الوطنية) السابقة خلال خمس وستين عاما عجافا في التفاني خدمة للمصالح الفرنسية..
أما من صك النقود، لعملة وطنية موريتانية، وذلك  للخروج عن سياسة النهب العامة التي تقوم بها فرنسا تحت مظلتها لحماية ” الفرنك الإفريقي” الذي لا تستورد الدول الإفريقية  في اسواقها، ولا ما تحتاجه انظمتها في علاقاتها الاقتصادية، والعسكرية، بل تشتري   بالعملة الفرنسية، ، لذلك نسأل ما الفائدة من الفرنك الإفريقي..!
 ونقول علنا، وإنصافا للوطنيين  في التاريخ السياسي  إن الراحل المختار ولد داداه  ورطته فرنسا بعد صكه للعملة الوطنية عنوة، وخارج إرادتها، ولم تغفر له  ذلك المروق،  فنصبت له فخا، هو  ما سمى بحرب الصحراء في السبعينيات، لتظهر فرنسا، كمدافع عن نظامه، بينما هي التي خططت للحرب عبر عملائها في الإقليم، وذلك  للقضاء على مؤشرات الأستقلال السياسي، والأقتصادي،، قبيل تلك  الحرب التي  لا ناقة أو جمل، لمجتمعنا فيها، وقد زادت  من تدمير مشاريعه الاستقلالية، ورمت ببلادنا  في أتون حرب مع الأشقاء في منطقة، كانت تحت  نفوذ الاحتلال الإسباني الذي أراد، أن يخرج منها بالمقابل، فأخذه من ثرواتها، وترك” تركة”  لن تقسم بين ورثته بشفافية، وهدفه الغائي، ألا يأتيه” يوسف بن تاشفين” مرة أخرى  من شواطئ المتوسط الجنوبية..!
           وستبقى فرنسا  هي البعبع الحاضر بنفوذها المسيطر في موريتانيا من اجل مصالحها على حساب مصالح المجتمع الموريتاني، لأن نظمنا السياسية منذ أول انقلاب عسكري سنة ١٩٧٨م، هي  من جملة الأنظمة السياسية  التي أسماها عن حق، /جان بول سارتر/ ” بالاستعمار الجديد ”  الذي شرعن  مظاهر  الاستنزاف لثروات  موريتانيا وغيرها، وأدت جميعها  لتنامي تيارات التهجير الإجباري الذي  مر بمراحل منذ الحرب العالمية الأول  سنة ١٩١٤م،والثانية سنة سنة ١٩٣٩م.:
 وكانت البداية بالتهجير القسري عسكريا، وذلك  للدفاع عن فرنسا  خلال حروبها حيث جندت العديد من الشبيبة المغاربية، وكان أبرز قادة العرب في المغرب العربي  من ضحاياها ، واقصد بذلك الراحل أحمد بن بلله رحمه الله تعالى الذي قاتل على الجبهة الصينية، ومنها قائد انقلاب اصخيرات في المغرب.
كما اعتمدت سياسة  التجنيد  غير المبررة لابناء افريقيا،، وبعد الاستقلال لم يحصل الاعتذار عن تلك السياسة، لأنها جريمة  موصوفة، ارتكبت بحق اجيال، ومجتمعاتهم، دفاعا عن مصالح فرنسا الامبريالية،، فأي تشريع وضعي سمح  لفرنسا  بتجنيد ابناء  المغرب العربي، وشبيبة افريقيا الغربية..؟!
ومقابل التضحيات الجسام،  كانت فرنسا جد  لئيمة، وقاسية على من بقوا على قيد الحياة من الشبيبة التي دافعت عن  الوجود الفرنسي، سواء أكان ذلك  على أرض فرنسا لصد الألمان، أم  في مستعمراتها الآسيوية.
فخذ على سبيل المثال على سيئ الافعال، الهمجية، المتوحشة لحد  البريرية التي كانت، ولا زالت تقوم بها  فرنسا، ولم تعتذر عنها،، والغريب أنها تهدد الأنظمة لعدم الطأطأة لسياستها في القرن الواحد والعشرين،، فهي تتزعم  امبرياليتها التي تدافع بها عن سياستها في كل تاريخها الإجرامي، حتى عندما توقفت تلك الحرب العالمية الثانية، و استغنت  عن المقاتلين الأفارقة، فنقلتهم إلى قاعدة  عسكرية فرنسية في السنغال،  وضربتهم بالطيران الحربي، فتقلهم على أرضهم، دون اعتبار للرأي العام الافريقي الذي ستيوارت  الثأر المقدس لأرواح الابرياء، وذلك جيلا بعد جيل، من   فرنسا على افعالها البربرية،، نظرا لما فعلته  للتخلص من حقوق الجنود الذين دافعوا عنها، وسيبقى هذا التاريخ بصفحاته السوداء، هو المقروء في العلاقات الفرنسية مع  الإفارقة، فكيف ينساه الوطنيون  بما نال من القتل لابنائهم على جبهات الحروب التي لا علاقة لإفريقيا السمراء  بها ..؟!
وكانت ذكرى هذه المجزرة الوحشية  الفرنسية  سببا في توتير العلاقات السنغالية، الفرنسية هذه السنة خلال تخليد ضحاياها،، لأن ذكرى الجريمة، جددت الإحساس بالظلم الذي تعرض له الافارقة من الاعتداء الذي لم تتوقف عنه الامبريالية  الفرنسية..
ولذلك، استحق الرئيس الحالي  لنظام الحكم في السنغال كل التشجيع من أحرار العرب، والأفارقة على حد سواء عندما ندد بسياسة فرنسا، واستتبع ذلك بوضع حد للوجود العسكري الفرنسي في بلاده ردا على تلك الجريمة..
وقد تشكل محاسبة فرنسا  في المستقبل القريب  معيارا لسياسة  الأنظمة المستقلة، ووعيا بالتاريخ، ورفضا لاستمرار تلك السياسة الدهماء، والرعناء للعنصرية الغربية، ومطالب متجددة  بالتعويض عما خسرته مجتمعات غرب افريقيا، بشريا، واقتصاديا، وثقافيا، فقد دمرت الثقافات المحلية، واقصت القيم، والهويات الحضارية التي سبقت أمم الغرب، ومنها فرنسا..!
وسيبقى مشروع التحرر الأفريقي، غير مفعل ما لم  يفرض على الامبريات الغربية العجوز، التعويض المالي، والاعتذار الرسمي، والاعتراف بكل الجرائم، والتعويض عنها – كما فرضها  القذافي رحمه الله على إيطاليا  – واحداث قطيعة  مع سياسات الطفولة الأستملاكية المختزنة في العقل الأوروبي منذ الاغريقيين والرومان ..!
وسوف تفرض  افريقيا المتحررة على أوروبا انتهاج سياسة جديدة ملزمة لها، و قائمة على الندية، واسترجاع الحقوق مهما، سكت عنها حاليا،  قادة الشعور بالخوف، والجشع، والتبعية، وسيبقون اقزاما طالما قبلوا بسياسة أمر الواقع المفروضة على نظمهم، وضد مصالح مجتمعاتهم ..
  وفي انتظار الموعد القادم، مع جيل من قادة التحرير لافريقيا، وسيجبرون فرنسا، وإيطاليا، واسبانيا، والمانيا، وهولندا، وبلجيكا،، على انتهاج سياسة استرجاع الممتلكات العربية، و الإفريقية  خلال القرنين الأخيرين…
   وهنا  تكمن قيمة، وتقييم  احداث التاريخ ،  والكشف عن مخاطر   التهجير الذي حصل، وعوامله، ومظاهره المأساوية على الفرد، والنظم الاجتماعية، والسياسات المتواطئة للنظم،  وفي مختلف المجالات : الاقتصادية، والثقافية التابعة لمحتل الأمس، واليوم،،  حتى يطرد المحتلون،، وتقطع شرايين اقتصاداتهم..
والسؤال الذي يطرح بموضوعية، هو: إلى متى تتحمل أوروبا مسؤوليتها في التهجير من اقطار المغرب العربي، وغرب افريقيا؟
 وخاصة خلال الفترة الموسومة بالاستقلال الوطني حيث زاد النهب ضراوة، والظروف البيئية المؤثرة على الاستقرار الذي كان قائما،، وما صاحب ذلك من حركة الهجرة الداخلية، والخارجية، فيما تمت الإشارة إليه  في النقال السابق الذي عرض لعوامل اللا استقرار، و كان قطبه المحرك  من- وإليه، هو تلك  الحرب اللعينة في السبعينيات، وما تلاها من  الانقلابات العسكرية المؤلمة حيث، تنكرت فرنسا لوعودها في الجمعية الوطنية الفرنسية على أساس حماية استقلال موريتانيا الذي حصل سنة ١٩٦٠م  من طرف  قوى مدفوعة بالوعود الفرنسية الكاذبة،، وظهر زيف الداعية المتعلقة، أولا: بالاستقلال التام، وثانيا بحمايته فرنسيا ، لكن بعد مطالبة فرنسا الملحة للنظام الموريتاني  لدفع فاتورة مساهمة طياريها في الحرب، الأمر الذي اضطر موريتانيا، للدفع  حبرا ومن رعي النفط العربي المتبرع به عليها…!
ومع ذلك لم تكف فرنسا يدها الطويلة عن التدخل في الشأن العام، وفيمن يحكم، ومن يجب اقصاؤه، وكمثال  صاعق للوعي الوطني، كان  الانقلاب سنة ١٩٨٤ الذي أشرفت عليه قيادة الجيوش الفرنسية، لتنصيب  قيادة عسكرية، وذلك  لتسيير سياسة التبعية عن طريق طابورها الخامس، ومعظمه من  الوزراء، والمدراء، والكتاب العامين  ، وهم من المدنيين الذين استغنت عنهم الانظمة العسكرية، واستبدلتهم بغيرهم ، فشكلوا معارضة خارجية  تابعة لوزارة الخارجية الفرنسية، وكان رموزها، هم من تم توزيرهم خلال حكم معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، حتى سقوط  نظامه بانقلاب عسكري آخر، لم يخف قائده، الراحل اعل ولد محمد فال،  دور فرنسا  في التدخل للسماح بتمرير الانقلاب الذي ترأسنه كل من قائدي الجيش، والأمن الوطني سنة ٢٠٠٥م.…
ولعل هذه الظروف المحلية والمغاربية، والإفريقية ، كانت – ولا زالت – بالغة الخطورة على الأبنية الاجتماعية المفقرة من القوى العاملة،  كما على حياة الفرد المهاجر، ولذلك  كانت الهجرة الى أروبا  خيارا اجباريا الى  جنوب أوربا، ووسطها، ومن المفارقات السخيفة  الرفض المطلق للمهاجرين بعد  تعمير  الحواضر التي دمرتها  الحروب السابقة،، وهذا  التعمير والازدهار من عوامل  المال العربي المغاربي، والإفريقي، و سواعد القوى العاملة الرخيصة التي جلبت أولا  في البواخر،،
واليوم يجد الشباب العربي، والإفريقي، أن رأس المال الأوروبي ، هو حاصل النهب، والاستغلال البشع، وابتزاز الأنظمة التابعة التي أخضعتها  فرنسا بسياسة الانقلابات التي كانت ، ولا زالت  تحصل  بتخطيط سفرائها، وعملائها، وسدنة مستثمريها..

خاتمة

تعال لتعرف على  القليل عن اتفاقية  الصيد البحري التي ابرمتها مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ووافق عليها اعضاء برلمانها الذي تشارك فيه كل القوى السياسية الأوروبية، دون مراعاة لنبادئ، وقيم، واخلاق، وتشريعات انظمتها عند الموافقة على الاتفاقيات المجحفة في حق الشعوب غير الأوروبية، لكن نتساءل باستغراب: لماذا لم يعترض برلماني واحد  – من الاشتراكيين كقوى وسطية بين اليمين، واليسار، أو من الخضر، او الفلاحين، او من اليسار قليل العدد – على  اتفاقية الصيد المصادرة  لحق موريتانيا في ثروتها السمكيو،  ولكونها مخالفة للقوانين الأوروبية المناهضة للنهب غير الشرعي الذي تندرج تحت لوائحه  مثل هذه الاتفاقية المعبرة عن سياسة الامبرياليات في القرن التاسع عشر في أحقيتها في مصادرة  ثروات الشعوب المستعمرة..؟!
ثم  أليس هذا من مظاهر اللا استقلال – وإياك أعني واسمعي يا انظمة الاتحاد الأفريقي التي يهرول قادتها لحضور مؤتمرات الإفرنكفونية الاستلابية – ؟
ولماذا لم يحصل التنديد من طرف القوى السياسية التي تدعي التنوير،   بنهب ثروات موريتانيا السمكية  من طرف الشركات متعددة الجنسيات الأوروبية  التابع لها سطول يتكون من مائتي سفينة صيد، وتحصد ارباحا هائلة.
بينما المقابل الذي تجنيه موريتانيا من ثروتها السمكية،  لا يتجاوز معدل حمولة من السمك  لسفينة واحدة من ذلك الأسطول فيما رأى بعض المحللين الأقتصاديين ..؟!
 قل لي، ألا تشكل  الحالات المذكورة، مظاهر مفجعة ابتداء من  فرض التهجير القسري،،، ؟!
وليس مثل الهجرة التي تكون اسبابها موضوعية، أو عالمية كالحروب الداخلية، أو البينية، والحرمان من الحقوق السياسية في الأنظمة القمعية…،هذه لم تحصل في موريتانيا –  لله الحمد –  حتى الآن، ولكن بعضها متوقع، لكن  لماذا نتوقع حربا أهلية  اطرافها في الداخل، لكن الفاعلين هم  من الخارج الفرنسي، الامريكي، والصهيوني،،والأهداف معروف لهؤلاء الفاعلين، وهي  سرقة ريع  الطفرة المكتشفة من الغاز، والذهب، وغيرهما من المعادن الثمينة، ولن يتراجع الغرب الامبريالي عن نهب الثروات العربية، و تقاسمها ، كما فعلوا بعائدات البترول الليبي عندما خطط  قادة الحلف الأطلسي(الناتو) للحرب الأهلية، فاسقط النظام  السياسي الذي حمى خيرات ليبيا زهار اربعين عاما  من “حراميها ” – بالتعبير المصري – في الداخل، فهل سنقف في موريتانيا في وجه ما يحاك من مؤامرات الغرب لبلادنا: وطنا، ومجتمعا، وثروات طبيعية مكتشفة قبل ان تصبح الأخيرة شر مستطير علينا..؟!
كاتب موريتاني