لماذا ترفض “القوى الشيعية” زيارة “الشرع” للعراق وهل يتمسّك “الجولاني” بدعوته لحُضور القمّة العربية لمُناكفتها؟.. مُذكّرة لاعتقاله فمن يمنع “الغاضبين” من استهدافه؟ ولقاء جمعه مع السوداني برعاية قطر ترك أثره السلبي كيف؟

عمان – “رأي اليوم” – خالد الجيوسي:
يبدو أنّ ماضي الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، سيظل يُلاحقه، وإنْ فرشت له بعض الدول السجّاد الأحمر، وحاولت أُخرى تلميع صُورته (حليفته تركيا)، فالرجل مُتّهم على خلفية قضايا إرهاب، والدول العُظمى تطلب منه شُروط طويلة، مُقابل “تخفيف” العُقوبات، وتطرّقت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير إلى ذلك بالقول إنّ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شدّدت من المطالب على القيادة الإسلامية الجديدة في سوريا، وتُريد واشنطن من دمشق قمع المتطرفين وطرد المنظمات الفلسطينية من البلاد، مُقابل تخفيف “محدود” للعُقوبات.
في العراق تحديدًا، ماضي الشرع (أبو محمد الجولاني)، لا يستطيع الشعب العراقي أو فئة عريضة منه نسيانه، ويحدث ذلك مع تساؤلات مطروحة حول مُشاركته من عدمها في القمّة العربية المقررة 17 مايو المُقبل في بغداد.
هُناك شكوى مقدمة بالفعل من قبل نواب في عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله تتّهم الشرع بالإرهاب، وقال النائب من “الإطار التنسيقي” يوسف الكلابي إنه “في أول إجراء نيابي ضد الترحيب بالجولاني، وانتصارًا للشهداء وعوائلهم والجرحى وشعب العراق والمبادئ، وإبراءً للذمة الوطنية والأخلاقية والدينية، أكثر من خمسين نائبًا يطالبون رئاسة مجلس النواب بمخاطبة الحكومة لرفض دخول الجولاني للعراق”.
هذه الشكوى تطرح تساؤلًا فيما إذا كان سيجرؤ الشرع على زيارة العراق، والمغامرة بإمكانية منعه من الدخول، أو اعتقاله، والإساءة له علنًا أمام أنصاره، وسيفتح مجالًا حول احترام السيادة العراقية، وقوانينها، فهناك مذكرة اعتقال بحق الشرع، وهي المذكرة التي أكد وجودها قيس الخزعلي، والذي قال إن حضور من وصفه بـ”رئيس النظام السوري الحالي” إلى العراق، “يعد سابقًا لأوانه”، معتبراً أنه قد يؤدي إلى تداعيات إذا طُبِّق القانون واعتُقِل من قبل القوات الأمنية، نظراً لوجود مذكرة اعتقال نافذة بحقّه”.
يحدث أن هناك تضاربًا بالمواقف بين الحكومة العراقية، والفصائل العراقية “المُوالية” لإيران حول الشرع، وهو ما قد ينعكس على التعامل مع زيارة الشرع، فالأخير وجّهت له دعوة رسمية من قبل رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، للمُشاركة في القمّة العربية التي ستُعقد في بغداد، الشهر المقبل، ولكن من يستطيع أن يمنع “الغاضبين” من زيارته باستهدافه، أو اعتقاله، في ظل ضعف حكومة بغداد المركزية، وتفلّت السلاح في العراق.
رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني كان صرّح بأنه لا يرغب بقدوم الانتقالي الشرع إلى بغداد، وقال: “أفضّل أن لا يأتي الشرع للعراق لعدم إثارة انزعاج الشيعة، ولا أعرف لماذا السنة فرحون بالشرع، ربما لأنه سني فحسب”.
وكشفت مذكّرة رسمية مُسرّبة عن تحركات في أروقة البرلمان العراقي، تهدف إلى منع الرئيس السوري أحمد الشرع، من حضور القمة العربية المرتقبة في بغداد، رغم أن رئيس الوزراء العراقي وجه دعوة رسمية للرئيس السوري لحضور قمة بغداد.
وبحسب الوثيقة التي نشرها موقع “ميديا لاين”، فقد وجّه أعضاء في مجلس النواب العراقي طلبًا رسميًّا إلى مكتب المدعي العام في بغداد، يدعون فيه إلى التحقيق مع الشرع واعتقاله في حال دخوله الأراضي العراقية.
ما هي الاتهامات المُوجّهة للشرع؟ يتّهم العراقيون الشرع بالتورط في تفجيرات وأعمال مسلحة، بالإضافة إلى استخدام وثائق مزورة خلال فترة وجوده السابقة في العراق. وأشارت الوثيقة إلى كنيته السابقة “أبو محمد الجولاني”، المرتبطة بقيادته لـ “هيئة تحرير الشام”.
وقد يستند الشرع إلى الحصانة التي تمنحه إيّاه صفته كـ”رئيس دولة” كي يذهب للعراق، ولكن في ذات الوقت هي حصانة مُنحت له بموجب “الشرعية الثورية”، وليس انتخابات شرعي عبر صناديق الاقتراع.
ويبدو أن اللقاء الذي جمع الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية بحضور أمير قطر تميم بن حمد، قد راكم الأثر السلبي للشرع في نفوس العراقيين، ودفع عدد من النواب لجمع 50 توقيعًا، وطرح تساؤلات حول طبيعة اللقاء “السرّي” مع الشرع، ورد بيان حكومي عراقي على ذلك بالقول إن “اللقاء مع الشرع ليس حدثًا طارئًا في عالم السياسة، بل ينسجم مع واقع المنطقة المتغير”.
وكان وجّه أحد الصحفيين سُؤالًا للانتقالي الشرع حول العراق عقب وصوله تركيا، وعند دخول الشرع رفقة وزير خارجيته أسعد الشيباني، سأله الصحفي: “هل ستزور العراق قريبا”، فأجاب الشرع: “إن شاء الله قريبًا.. العراق أهلنا”.
ونفى الشرع، في تصريح سابق، أن يكون قد شارك سابقًا في المعارك بالعراق عندما انحرفت نحو الطائفية، مؤكدًا أن “هيئة تحرير الشام” التي يتزعّمها قطعت علاقتها بتنظيم القاعدة.
وبالتزامن مع دعوة الشرع الرسمية لزيارة العراق، نشر موقع “صابرين نيوز” العراقي وثائق تتعلّق بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وأظهرت إحدى الوثائق المنشورة وصل استلام الشرع باسم “أمجد مظفر حسين النعيمي” في دائرة الإصلاح بسجن التاجي، وهو الاسم الذي استخدمه الشرع خلال فترة اعتقاله بالعراق.
التساؤل المطروح حاليًّا بكُل حال، هل يتراجع الشرع عن الذهاب للعراق وعدم المُغامرة بما قد يتعرّض له، وبالتالي الاعتذار الرسمي عن الدعوة الرسمية المُوجّهة له، أم يُصر على الذهاب ويُشارك في القمة العربية، في سياق استكمال مواقفه المُناكفة لإيران، وحصر الغضب العراقي في الطائفة الشيعية؟ فهو منذ أتى (الشرع) وهو يُباهي بإنهاء نفوذ طهران بسورية، ويردد أنصاره عبارتهم الأثيرة وكأنهم الأمويون الجدد: “يا إيران جنّي جنّي.. بدّه يحكمنا سنّي”!