عمر نجيب: المعادلات المعقدة للصراع على رقعة الشطرنج الدولية… روسيا والصين تخوضان مواجهة إستراتيجية مع أمريكا عبر دعم خصومها

عمر نجيب
يقدر البعض أن سياسة ترامب الرئيس السابع والاربعين للولايات المتحدة الأمريكية ستنجح في تحقيق ما وعد به خلال حملته الانتخابية في جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى وتقزيم أو تفتيت منافسيها وفرض نفسها كالحاكم المطلق للعالم في ظل نظام عالمي أكثر انضباطا عن كل ما سبق وقائم على أساس القطب الواحد. آخرون يرون العكس تماما ويتوقعون بأن سياسات الرئيس ترامب ستقود إلى إنهيار الإمبراطورية الأمريكية لتلتحق بالامبراطورية البريطانية وغيرها من القوى الضخمة التي هيمنت على المعمور خلال حقب ماضية، ويذهب قسم من هؤلاء الذين يتوقعون نهاية الإمبراطورية الأمريكية إلى أن ترامب قد يركب مغامرة المواجهة العسكرية مع منافسي أمريكا الرئيسيين إذا وجد أن الأساليب والتكتيكات الأخرى التي اتبعها ويتبعها لن تحقق ما تطلع إليه، وهذا لا يعني سوى الحرب العالمية الثالثة والاستخدام الواسع للأسلحة النووية.
القوى التي ترى واشنطن أنها تنافسها وتمنع استمرار تربعها على عرش العالم عديدة، وفي مقدمتها روسيا من الجانب العسكري أساسا، والصين من الجانب الاقتصادي بشكل رئيسي، وإلى جانب هاتين القوتين توجد قوى إقليمية في طريقها للصعود بسرعة على سلم القوة العسكرية والاقتصادية لتشكل تهديدا أو منافسا للهيمنة الأمريكية والغربية في عدة مناطق من العالم. وما بين القوى الكبرى والإقليمية تحالفات غير واضحة المعالم وقابلة للتبدل مما يجعل من الصعب على واشنطن والمخلصين في حلفها اختيار أفضل الطرق التي ترى أنه يجب سلوكها لتأمين مصالحها وقدرتها على مواصلة تحقيق الازدهار الاقتصادي وتجميع الثروات ولو على حساب من هم أقل قوة.
طاقات واشنطن مشتتة بين التركيز على ما تقدر أنه التحدي الأساسي لها ويوجد في شرق آسيا أي الصين، وبين الشرق الأوسط المركز الذي ترى أنه المفتاح أو الأداة الرئيسية التي يمكن لمن يسيطر عليها أن يرجح الكفة لصالح طرف على آخر في ساحة الصراع الحالية.
تشكل إسرائيل أداة الغرب الرئيسية في جهود تشكيل التوازنات وضبط المصالح فيما يوصف بغرب آسيا أو الشرق الأوسط المركز، ولكن داخل المعسكر الغربي الذي تتزعمه الولايات المتحدة توجهات بينها فروقات يمكن وصفها بغير الأساسية، فالبيت الأبيض يؤيد الهيمنة الإسرائيلية المطلقة وقدرتها على إخضاع كل من يواجهها، ويرفض فكرة الدولة الفلسطينية والوحدة بين الأقطار العربية، بل ويسعى ورغم تبدل المتحكمين في سياسته إلى نشر ما يسمونه بالفوضى الخلاقة لتقسيم دول المنطقة إلى ما بين 54 و 56 دولة على أسس عرقية ودينية وقبلية ومناطقية مما يسهل الهيمنة المطلقة عليها. ولكن حلفاء لواشنطن وخاصة في القارة العجوز يريدون وضع ضوابط للسيطرة الإسرائيلية حتى يحفظوا جزء من مصالحهم ومنع واشنطن من ان تكون الحكم المطلق.
منذ حرب أكتوبر 1973 وإنكسار إسرائيل سعت واشنطن ومن يساندها إلى تبديل موازين القوى في المنطقة والعمل على تدمير كل القوى الناهضة التي يمكن أن تولد تهديدا لإسرائيل وبالتالي لمصالحها وهكذا تم تدمير العراق واحتلاله وجاءت بعد ذلك أدوار تخريب ليبيا وسوريا وإشاعة الفوضى والأزمات.
شكلت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 صدعا خطيرا في مخطط الشرق الأوسط الجديد أو الكبير كما يحب المحافظون الجدد وصفه، حيث أنها خلطت كل الأوراق وفرضت عودة تصدر حل القضية الفلسطينية كضرورة للاستقرار واستدامته، فالعكس كان يسمح للقوى الكبرى الصين وروسيا والقوى الإقليمية تركيا وإيران وفي المستقبل الهند وباكستان بالقيام بأدوار تحرم الاحتكار الغربي في رسم التطورات المستقبلية.
ولكن ما هي الأدوات والقدرات التي توجد في قبضة الرئيس الأمريكي التي يرى أنه يمكنه بها تحقيق أهدافه؟.
في المواجهة الاقتصادية مع الصين لا تملك واشنطن سوى اختيارات محدودة، وأساسا حرمان الصين ليس من السوق الأمريكية فحسب من أغلب أسواق العالم، السوق الأمريكية بالنسبة للصين لا تشكل سوى 3 في المئة فقط حجم تجارتها العالمية، ولهذا فالتعريفات التي تفرضها واشنطن على السلع المستوردة من الخارج وأساسا الصينية ليست سوى مقدمة لعملية أوسع تستهدف إجبار أغلب دول العالم على سلوك مشابه ضد الصين وإلا تعرضت للعقاب، وهو ما ترى واشنطن أنه يضمن تركيع بكين.
ولكن الكثيرين يشككون في قدرة ترامب على تحقيق ذلك، ويوم السبت 5 أبريل اعتبر ترامب، أن الحرب التجارية التي تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية ستؤتي ثمارها داخل البلاد، مؤكدا أن “هذا الأمر لن يكون سهلا”، وداعياً إلى “الصمود”، وذلك غداة رد صيني وتراجع كبير شهدته أسواق المال العالمية.
وأورد الرئيس الأمريكي، على منصته “تروث سوشال”، أن “الصين وجهت ضربة أشد بكثير من تلك التي وجهت إليها (…) نستعيد وظائف وشركات كما لم نستعد من قبل (…) إنها ثورة اقتصادية وسنربح. اصمدوا، هذا الأمر لن يكون سهلا، لكن النتيجة النهائية ستكون تاريخية”.
ولفت ترامب في كلامه إلى أن إدارته استطاعت جذب استثمارات بأكثر من 5 تريليونات دولار حتى الآن والرقم في ازدياد متسارع. وبرر ترامب إجراءاته بأن الصين ودولا أخرى “عاملتنا بشكل سيئ” لكن هذا انتهى الآن.
وكانت أسواق الأسهم في وول ستريت قد اغلقت يوم الجمعة 4 أبريل بخسائر حادة بلغت نحو 6.6 تريليونات دولار على مدى يومين، جاء ذلك بعد إعلان ترامب الرسوم الجمركية الجديدة على مختلف الشركاء التجاريين.
على الصعيد العسكري تختفي وبسرعة مقومات القوة العسكرية الأمريكية لصالح خصومها ومنافسيها.
في وسط أوروبا حيث تدور حرب بالنيابة بين الناتو وروسيا على الساحة الأوكرانية يناور البيت الأبيض بين محاولات تكسير التحالف بين موسكو وبكين ومع طهران كذلك، ثم مواصلة المشروع القديم الذي دشن في عهد الرئيس الروسي السابق يلتسين لتمزيق روسيا الفدرالية إلى ما بين 8 و 11 دولة كما تم مع الاتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر سنة 1991 وبالتالي التفرغ للصين واعطاء أوروبا جزء من غنيمة الثروات الروسية الهائلة الموزعة على أراضي تمتد من وسط شرق أوروبا حتى سواحل آسيا على المحيط الهادئ.
ربما تكون من المفارقات أن تشكل حرب غزة وترابطاتها في لبنان واليمن، والصراع الغربي مع إيران، أداة تأثير أساسية في التحركات على رقعة الشطرنج العالمية، التي اعتبرها زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق الأولوية الأمريكية وضروراتها الجيوستراتيجية.
ما بين مسارين
جاء مقال بعنوان “كيف يمكن لترامب أن يدمر حركته السياسية؟”، كتبه جدعون راشمان في صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية يوم 18 مارس 2025:
أن الرئيس الأمريكي، ترامب، هو أعظم رصيد لحركة “لنجعل أمريكا عظيمة من جديد”، لكنه في الوقت ذاته “أكبر عبء عليها”.
وتعرف هذه الحركة اختصاراً باسم “ماغا”، وهي منظمة سياسية تضم مؤيدين للرئيس ترامب من مختلف الطبقات الاجتماعية والسياسية في الولايات المتحدة.
واستخدم ترامب تعبير “لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً” كشعار سياسي في حملته الانتخابية الرئاسية عام 2016، وكذلك في عام 2024.
يرى الكاتب أن “ترامب عبقري سياسي. ولكنه أيضا، كما ينسب إلى ريكس تيلرسون، أول وزير خارجية له، (جاهل) عندما يتعلق الأمر بفهم السياسة”.
ويعتبر الكاتب أن هذا التوتر بين ترامب العبقري وترامب “الجاهل” يشكل خطرا على حركة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددا”، التي أسسها ويقودها ترامب.
ويشير الكاتب إلى أن “عبقرية” ترامب مكنته من إعادة تشكيل السياسية الأمريكية بالكامل، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية بفارق حاسم، ما منحه سلطة مطلقة داخل حزبه، كما جعلته يستطيع أن يفعل ما يشاء، لكن “المشكلة هي أن ما يريده من المرجح أن يكون مدمرا جدا لأمريكا”.
ويستعرض الكاتب راشمان أمثلة على ذلك، أبرزها مسألة فرض الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية من بعض الدول.
وكتب: “أوضح مثال على الطبيعة المدمرة للذات لسياسات ترامب هو هوسه بالرسوم الجمركية. لا يستطيع الرئيس الأمريكي، أو لا يريد، أن يفهم أن الرسوم الجمركية يدفعها المستوردون، وأن جزءا كبيرا من التكلفة سينقل إلى المستهلكين. كما أنه يعتبر عدم القدرة على التنبؤ بـ (تداعيات قراراته) أمرا محمودا. لذلك تفرض الرسوم الجمركية وترفع، ثم يعاد فرضها على ما يبدو بمحض نزوة. النتيجة هي أن الشركات لا تستطيع التخطيط للمستقبل، وأن المستهلكين والمستثمرين يشعرون بالذعر”.
لقد قام ترامب بالعديد من “التصرفات المشينة” في الماضي، مثل محاولة إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020. لكن القليل من أفعاله السابقة أثرت على الحياة اليومية للأمريكيين العاديين، ومع ذلك سيكون الأمر مختلفا لو تسبب في ركود اقتصادي، أو ارتفاع في التضخم أو انهيار سوق الأسهم، وفق الكاتب.
ويقول الكاتب: “يمتلك حوالي 60 في المئة من الأمريكيين أسهما، غالبا في صناديق تقاعدهم. سيشعر الكثيرون بالاستياء من الانخفاض الأخير في أسعار الأسهم. ثقة المستهلك تتراجع أيضا، مع ارتفاع توقعات التضخم”.
وأشار الكاتب إلى ميل ترامب لإثارة نزاعات مع جيران أمريكا وحلفائها، ومن ذلك “التهديد بضم كندا- وهي فكرة سخيفة أخرى- ما أشعل حربا تجارية لا داعي لها مع جار مسالم”.
“إذا رد الكنديون برفع أسعار صادرات النفط أو الكهرباء إلى الولايات المتحدة، فسيعاني الأمريكيون العاديون. كما أن الرسوم الجمركية على المكسيك قد ترفع أسعار السلع في المتاجر. يأتي حوالي 50 في المئة من الفاكهة المستوردة إلى أمريكا من المكسيك. وقد تمحى أرباح شركات السيارات الأمريكية الثلاث الكبرى، بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على الواردات من كندا والمكسيك”، بحسب الكاتب.
ويرى الكاتب أن الآثار الاقتصادية لسياسات ترامب سوف تحدد مستقبل رئاسته، لكنه يعرض الأمريكيين للخطر بطرق أخرى أيضا، مثل إقالة عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي وضباط الاستخبارات، وتعيين اثنين من المؤمنين بنظيرة المؤامرة على رأس جهازي الاستخبارات الوطنية ومكتب التحقيقات الفيدرالي.
تكلفة رسوم ترامب
قدر مركز التقدم الأمريكي في تقرير له نشر يوم 4 أبريل 2025 أن التعريفات الجمركية التي أطلقها الرئيس ترامب الأربعاء 2 أبريل قد تكلف في المتوسط كل عائلة أمريكية 5200 دولار سنويا. واعتبر المركز أن الزيادة التي تتحملها العائلات الأمريكية هي نتيجة مباشرة لارتفاع الأسعار المتوقع على أغلب السلع والبضائع الاستهلاكية اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل الطعام والملابس والسيارات والإلكترونيات، ومواد البناء والأجهزة المنزلية.
ووجدت دراسة أجراها مختبر الميزانية في جامعة ييل أن الدخل المتاح للعائلات الفقيرة التي يبلغ دخلها السنوي 50 ألف دولار سيتقلص بنسبة 2.3 في المئة بسبب ارتفاع الأسعار المتوقع، في حين أن العائلات ذات الدخل المرتفع (أكثر من نصف مليون دولار سنويا) ستشهد انخفاضا بنسبة 0.9 في المئة فقط.
واعتبر الخبير الاقتصادي جيمس سورويكي أن الأمريكيين من الطبقات العاملة سيتحملون في النهاية تكلفة فرض التعريفات، وأن “الغالبية العظمى من الأمريكيين ستكون أسوأ حالا”.
وأوضح أن “الأمر ليس بهذا التعقيد: التعريفات الجمركية ضريبة، سيتم حمل جزء من هذه الضريبة من قبل المنتج الأجنبي، وسيتحمل المستورد جزءا آخر منها، لكن المستهلكين الأمريكيين سيدفعون الجزء الأكبر منها”.
وأثبتت نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها ترامب في نوفمبر 2024، أن التضخم وارتفاع الأسعار والاقتصاد عموما كان القضية الأكثر أهمية عند 40 في المئة من الناخبين.
وفي حين تعهد ترامب بخفض الأسعار للأمريكيين المتعثرين، من المتوقع أن تزيد تعريفاته من تكلفة كل شيء من أحذية الأطفال إلى الخضروات ومختلف المنتجات الغذائية والسيارات.
الخوف على مستقبل أمريكا
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية يوم 18 أبريل 2025 مقالا للصحفي توماس فريدمان ينتقد فيه، نهج ترامب السياسي والاقتصادي، ويحذر من عواقب الاستمرار في هذا النهج على مستقبل أمريكا ومكانتها الدولية:
تصدر إدارة ترامب يوميا الكثير من القرارات الجنونية وغير المنطقية، لدرجة أن بعض الأمور الغريبة، وإن كانت بالغة الدلالة، تضيع وسط الضجيج. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك ما حدث في 8 أبريل في البيت الأبيض، حين قرر رئيسنا، في خضم حربه التجارية المستعرة، أن هذا هو الوقت المثالي لتوقيع أمر تنفيذي لتعزيز قطاع تعدين الفحم.
وخلال حفل أُقيم في البيت الأبيض بحضور عمال من مناجم الفحم، أعضاء في قوة عاملة انخفضت من 70 ألفا إلى نحو 40 ألفا على مدى العقد الماضي، قال ترامب: “نحن نعيد إحياء صناعة كانت مهجورة، وسنعيد عمال المناجم إلى العمل. ولو أعطيتهم شقة فاخرة في الجادة الخامسة ووظيفة مختلفة، لن يكونوا سعداء. فهم يريدون تعدين الفحم”.
من الجدير بالثناء أن يكرم الرئيس الرجال والنساء الذين يعملون بأيديهم. ولكن عندما يخص عمال مناجم الفحم بالثناء، بينما يحاول استبعاد تطوير وظائف التكنولوجيا النظيفة من ميزانيته – في عام 2023، وظف قطاع طاقة الرياح الأمريكية نحو 130 ألف عامل، بينما وظف قطاع الطاقة الشمسية 280 ألف عامل – فإن ذلك يشير إلى أن ترامب محاصر في أيديولوجية يمينية متأصلة لا تقر بوظائف التصنيع الأخضر كوظائف “حقيقية”. فكيف سيعزز هذا من قوتنا؟.
لقد ترشح ترامب لولاية رئاسية جديدة ليس لأنه كان يمتلك فكرة عن كيفية تغيير أمريكا للقرن الحادي والعشرين، بل ترشح ليتجنب السجن وينتقم ممن حاولوا محاسبته. ثم عاد إلى البيت الأبيض، ورأسه لا يزال مثقلا بأفكار من سبعينيات القرن الماضي. وشن حربا تجارية من دون أي حلفاء أو استعداد جدي، وهذا هو السبب في أنه يغير رسومه الجمركية كل يوم تقريباً، ومن دون أي فهم لكيفية تحول الاقتصاد العالمي اليوم إلى منظومة معقدة يتم فيها تجميع المنتجات من مكونات من بلدان متعددة. ومن ثم شن هذه الحرب وزير التجارة الذي يعتقد أن ملايين الأمريكيين مستعدون للتضحية من أجل استبدال العمال الصينيين “الذين يثبتون مسامير صغيرة لصنع هواتف آيفون”.
لكن هذه المهزلة على وشك أن تمس كل أمريكي. فمن خلال مهاجمته أقرب حلفائنا، كندا والمكسيك واليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، وأكبر منافسينا، الصين، وانحيازه الواضح لروسيا على أوكرانيا، وتفضيله قطاعات الطاقة المدمرة للمناخ على القطاعات الموجهة نحو المستقبل، فإن ترامب يتسبب في خسارة ثقة العالم بالولايات المتحدة.
واليوم يرى العالم أمريكا ترامب على حقيقتها: دولة مارقة يقودها رجل قوي متهور ومنفصل عن سيادة القانون والمبادئ والقيم الدستورية الأمريكية الأخرى. فهل تعلمون ما يفعله حلفاؤنا الديمقراطيون بالدولة المارقة؟.
أولا، تراجعت نسبة شراء حلفائنا لسندات الخزينة. لذا، يتعين على الولايات المتحدة أن تقدم لهم أسعار فائدة أعلى لشراء المزيد من السندات، وهذا من شأنه أن يؤثر على اقتصادنا بأكمله، بدءاً من أقساط السيارات مرورا بقروض الرهن العقاري وصولا إلى تكلفة خدمة ديوننا الوطنية على حساب الأمور الأخرى.
وقد تساءلت صحيفة “وول ستريت جورنال” في افتتاحيتها يوم الأحد 13 أبريل تحت عنوان “هل هناك مخاطر أمريكية جديدة؟”: “هل تتسبب قرارات الرئيس ترامب المتهورة وضرائبه الحدودية في عزوف المستثمرين العالميين عن الدولار وسندات الخزانة الأمريكية؟ من المبكر جدا أن نقول ذلك، ولكن ليس من المبكر جدا أن نطرحه، في ظل استمرار ارتفاع عائدات السندات واستمرار ضعف الدولار، وهذه مؤشرات على فقدان الثقة الذي يجب ألّا يكون بمقدار كبير حتى لا يكون له تأثير كبير على اقتصادنا ككل.
ثانيا، فقد حلفاؤنا الثقة بمؤسساتنا. فقد ذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” يوم الاثنين 14 أبريل أن المفوضية الأوروبية توزع هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر محمولة مؤقتة على بعض الموظفين المتجهين إلى الولايات المتحدة لتجنب خطر التجسس. وعليه، لم تعد المفوضية تثق بسيادة القانون في الولايات المتحدة.
خطر العزلة
ثالثاً، يقنع الناس في الخارج أنفسهم وأطفالهم، وقد سمعت هذا مراراً في الصين قبل بضعة أسابيع، بأن الدراسة في الولايات المتحدة ربما لم تعد فكرة جيدة، والسبب أنهم لا يعرفون متى قد يتم اعتقال أبنائهم بشكل تعسفي، ومتى قد يتم ترحيل أفراد عائلاتهم إلى السجون في السلفادور.
كل ما أنا متأكد منه هو أنه في مكان ما من العالم يوجد شخص مثل والد ستيف جوبز السوري، الذي جاء إلى بلادنا في الخمسينيات للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة “ويسكونسن”، شخص كان يخطط للدراسة في الولايات المتحدة ولكنه الآن يتطلع إلى الذهاب إلى كندا أو أوروبا بدلا من ذلك.
لقد تراجعت قدرتنا على استقطاب المهاجرين الأكثر نشاطا وريادية في العالم، التي سمحت لنا بأن نكون مركز الابتكار العالمي، وقدرتنا على اجتذاب حصة غير متناسبة من مدخرات العالم، التي سمحت لنا بالعيش في مستوى أعلى لعقود من الزمن، وسمعتنا في دعم سيادة القانون، ومع مرور الوقت سينتهي بنا المطاف في أمريكا أقل ازدهارا وأقل احتراما وأكثر عزلة على نحو مطرد.
لكنكم ستقولون لي أليست الصين لا تزال تستخرج الفحم أيضا؟ بلى، ولكن بخطة طويلة الأمد للتخلّص منه تدريجياً واستخدام الروبوتات بأعمال التعدين الخطيرة والمضرة بالصحة. وهذا هو بيت القصيد. فبينما يقوم ترامب بنسج خططه ويتحدث عن أي أمر يعتبره في الوقت الحالي سياسة جيدة، تقوم الصين بنسج خطط طويلة الأجل.
في عام 2015، أي قبل عام من تولّي ترامب الرئاسة أول مرة، كشف رئيس الوزراء الصيني آنذاك، لي كه تشيانغ، عن خطة نمو استشراقية بعنوان “صنع في الصين 2025”. وقد بدأ الأمر بالتساؤل: ما هو محرك النمو في القرن الحادي والعشرين؟ فقامت بكين بعد ذلك باستثمارات ضخمة في عناصر هذا المحرك، لتتمكن الشركات الصينية من الهيمنة عليها محلياً ودولياً. ونحن نقصد هنا الطاقة النظيفة، والبطاريات، والمركبات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة، والروبوتات، والمواد الجديدة، وأدوات الآلات، والطائرات المسيرة، والحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي.
ووفقا لقاعدة البيانات “Nature Index”، فإن الصين أصبحت “الدولة الرائدة عالمياً في مجال إنتاج الأبحاث في قاعدة البيانات في مجالات الكيمياء وعلوم الأرض والبيئة والعلوم الفيزيائية، وتحتل المرتبة الثانية في مجالي العلوم البيولوجية وعلوم الصحة”.
فهل هذا يعني أن الصين ستتخطانا؟ كلا. إن بكين ترتكب خطأً فادحاً إذا اعتقدت أن بقية العالم ستسمح للصين بقمع طلبها المحلي على السلع والخدمات إلى أجل غير مسمى، حتى تتمكن الحكومة من مواصلة دعم الصناعات التصديرية ومحاولة توفير كل ما يلزم للجميع، تاركة الدول الأخرى مهملة وتابعة. كما أن بكين تحتاج إلى إعادة التوازن لاقتصادها.
ولكن تهديدات ترامب المستمرة وفرضه المتقطّع للرسوم الجمركية ليست استراتيجية، خاصة عندما تواجه الصين في الذكرى العاشرة لمبادرة “صنع في الصين 2025”. وإذا كان وزير الخزانة سكوت بيسنت يؤمن حقاً بما قاله بكل حماقة، من أن بكين “تلعب بزوج من الورق”، فأرجو من أحدهم أن يخبرني متى يحين موعد ليلة البوكر في البيت الأبيض، لأنني أريد أن أصدق ذلك.
لقد بنت الصين محركا اقتصاديا يمنحها خيارات، والسؤال الموجه لبكين وبقية العالم هو: كيف ستستخدم الصين كل هذه المبالغ الفائضة التي حققتها؟ هل ستستثمرها في بناء جيش أكثر تهديداً؟ أم هل ستستثمرها في المزيد من خطوط السكك الحديدية عالية السرعة والطرق السريعة ذات الستة مسارات المؤدية إلى المدن التي لا تحتاجها؟ أم ستستثمر في زيادة الاستهلاك والخدمات المحلية، مع عرض بناء الجيل المقبل من المصانع وخطوط الإمداد الصينية في أمريكا وأوروبا بهياكل ملكية مناصفة؟ علينا تشجيع الصين على اتخاذ الخيارات الصحيحة. فهي على الأقل، تمتلك خيارات.
في المقابل، إن الخيارات التي يتخذها ترامب تقوض سيادة القانون المقدسة لدينا، وتقصي حلفاءنا، وتقوض قيمة الدولار، وتقطع أي أمل في الوحدة الوطنية. وحتى الكنديون يقاطعون لاس فيغاس لأنهم يرفضون أن يقال لهم إننا سنمتلك بلادكم قريباً. إذاً، أخبروني من يلعب بزوج من الورق.
إذا لم يتوقّف ترامب عن سلوكه المارق، فسيدمر كل ما جعل أمريكا قوية ومحترمة ومزدهرة. لم أشعر قطّ بمثل هذا الخوف على مستقبل أمريكا في حياتي.
دعم خصوم الغرب
بينما تستعر الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين وتدعم واشنطن مخططات تل ابيب بدون قيود، تدور معركة أخرى لا يزال جزء من خيوطها غير ظاهر للعيان.
يوم 17 أبريل 2025 اتهمت الخارجية الأمريكية شركة تشانغ قوانغ الصينية لتكنولوجيا الأقمار الصناعية بدعم هجمات الحوثيين من اليمن على المصالح الأمريكية بشكل مباشر، واصفة الأمر بأنه “غير مقبول”.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس في إفادة صحفية دورية الخميس: “بإمكاننا تأكيد التقارير التي تفيد بأن شركة تشانغ قوانغ لتكنولوجيا الأقمار الصناعية المحدودة تدعم بشكل مباشر هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على المصالح الأمريكية”.
ولم تقدم بروس أي تفاصيل، لكنها أقرت بخبر نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز”، نقلت فيه عن مسؤولين أمريكيين لم يتم الكشف عن هوياتهم، قولهم إن الشركة المرتبطة بالجيش الصيني قدمت صورا تسمح لليمنيين باستهداف السفن الحربية والسفن التجارية الأمريكية التي تمر عبر البحر الأحمر.
وأشارت بروس إلى أن مساعدة الشركة للحوثيين استمرت على الرغم من تواصل الولايات المتحدة مع بكين بشأن هذه القضية، وأضافت: “استمرارهم في ذلك أمر غير مقبول”.
وفي وقت سابق هذا العام زعمت وسائل إعلام إسرائيلية بأن جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) اليمنية تمتلك علاقات تعاون مع الصين، وأن الحوثيين يستخدمون أسلحة صينية الصنع لشن هجماتهم كجزء من الاتفاقيات التي بموجبها ستكون السفن المملوكة للصين “محصنة”.
وكانت الصين قد عارضت الحملة العسكرية الأمريكية الغربية ضد الحوثيين منذ بدايتها، مشيرة إلى أن “مجلس الأمن الدولي لم يأذن أبدا لأي دولة باستخدام القوة ضد اليمن”.
المواجهة الاستراتيجية
ملاحظة: في الغرب وأمريكا خاصة يعتبرون كل من يعارض سياساتهم وكلاء للصين لإيران لروسيا الخ..
جاء في تقرير لمعهد واشنطن صدر في الفترة الانتقالية بين نهاية رئاسة بايدن وتولي ترامب الرئاسة، إن روسيا تبذل ما بوسعها، من أجل تمكين القوى المعادية للولايات المتحدة، عبر تزويدها بالعديد من أنواع الأسلحة.
ولفت التقارير إلى الأنباء التي تتحدث عن تزويد موسكو الحوثيين بصواريخ متطورة مضادة للسفن، وقالت إنه في حال صحة ذلك، فإن هذا سيمثل تصعيدا آخر في التوترات مع الغرب.
وأضاف التقرير: “يتوافق تسليح الوكلاء أو تمكينهم مع قواعد اللعبة التي يمارسها الكرملين. فمنذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، أصبح فلاديمير بوتين، كما هو متوقع، متحالفاً بشكل أوثق مع القوى المناهضة للولايات المتحدة والمزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط” على حد وصفه.
وأشار المعهد إلى أن بوتين اختار نزاعا منخفض الحدة مع الغرب، لأن روسيا لديها موارد أقل، وأثبت تشتيت انتباه الولايات المتحدة بتكلفة أقل، وإجبارها على إنفاق مواردها في مواجهة الوكلاء المتمكنين بأنه تكتيك فعال في معركة أكبر من أجل تشكيل النظام الدولي.
وذكر المعهد، إنه “على مر السنين، قامت موسكو بتسليح الوكيل الأكبر لإيران، حزب الله، في ساحة المعركة السورية، وفي معرض هذه العملية، يبدو أن حزب الله تعلم الكثير من الجيش الروسي، بما في ذلك القدرة على شن حرب مناورة هجومية”.
واعتمد الكرملين على جهات فاعلة أخرى للاضطلاع بالمهام الشاقة، لا سيما إيران ووكلائها. وفي الواقع، بلغت العلاقات الروسية الإيرانية مستويات غير مسبوقة نتيجة تدخل موسكو في سوريا، حتى قبل حرب أوكرانيا.
وفي غياب نهج غربي متسق لمواجهة روسيا في سوريا، فقد حقق بوتين هدفه المتمثل في إنشاء موقع عسكري دائم في شرق البحر الأبيض المتوسط. ومنذ ذلك الحين، عززت موسكو مركزها بطرق متعددة. ويشمل ذلك تمكين وكلاء آخرين في المنطقة، ما يعزز قدرتها على التصعيد بشكل دوري مع الولايات المتحدة.
وكانت ليبيا ساحة معركة بالوكالة لأكثر من عقد بين تركيا والإمارات العربية المتحدة وفرنسا ومصر. وقد نجح بوتين في ترسيخ مكانة روسيا كوسيط مؤثر في هذه اللعبة الأكبر، ولم يسع الغرب إلى ردعه. وعلى مر السنين، طورت موسكو علاقاتها مع كل من حكومة طرابلس المدعومة من الأمم المتحدة واللواء المتقاعد خليفة حفتر، الزعيم الذي يسيطر على المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في البلاد.
لكن على الرغم من التزامها الحذر، فقد كانت روسيا تميل دائما باتجاه حفتر. ومن المؤكد أن الكرملين لن يثق قط بشكل كامل بأي شخص لديه خلفية مماثلة، لأن حفتر يحمل الجنسية الامريكية إلى جانب جنسيته الأصلية الليبية وقد اعتبره البعض خلال حكم القذافي أحد الأصول السابقة لـ “وكالة المخابرات المركزية” الأمريكية. لكن علاقاتها معه تطورت على مر السنين، وقد أثبت نفسه كوكيل آخر للكرملين. وفي المقابل، كثفت موسكو تواجدها العسكري في شرق ليبيا.
وفي ربيع هذا العام، بعد أن قام نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف بزيارة حفتر مرارا وتكرارا، فقد قامت موسكو بتسليم آلاف الأطنان من المعدات العسكرية من منشآتها البحرية في طرطوس بسوريا إلى ميناء طبرق في شرق ليبيا. وتستمر تقارير بالظهور مفادها أن موسكو تضغط على حفتر لمنحها حقوق ميناء المياه العميقة في طبرق لإيواء غواصات هجومية نووية.
وقد سمح الوجود الروسي في ليبيا للكرملين بالوصول إلى مطارات البلاد، التي ينقل منها الإمدادات ويهرب الوقود والذهب والأدوية لجمع الإيرادات اللازمة لحربه على أوكرانيا وتوغله في أجزاء أخرى من أفريقيا. وعادة ما يلعب الكرملين على الجانبين حتى لو كان يميل أكثر نحو أحد الطرفين.
وقد سمح ذلك لموسكو بالتوغل بشكل أعمق في منطقة الساحل، حيث استغلت المشاعر المعادية للولايات المتحدة وأوروبا لدعم الانقلابات في النيجر ومالي وبوركينا فاسو. وفي المقابل، قام الشركاء المحليون بطرد المدربين والمستشارين العسكريين الغربيين وسمحوا لروسيا بالاستعانة بمدربين ومستشارين عسكريين خاصين بها.
البحر الأحمر
ورأى المعهد أن ما يجري يؤطر لمصالح روسيا في البحر الأحمر حاليا، ففي بداية يناير 2025، اعترف الرئيس بايدن بأن الضربات العسكرية فشلت في ردع “الحوثيين” عن شن المزيد من الهجمات، سواء ضد السفن التجارية في الممرات المائية الإقليمية أو ضد إسرائيل في خضم الحرب على غزة.
وفي غضون ذلك، أدت الجهود الأمريكية المستمرة إلى إبقاء الممرات البحرية العالمية مفتوحة إلى نقص خطير في صواريخ الدفاع الجوي الأمريكية، لا سيما صواريخ “إس إم-3” الاعتراضية، التي تعد واحدة من أكثر أنظمة الأسلحة الأمريكية قيمة وتكلفة والتي تعد ضرورية لضمان الاستعداد لأي نزاع محتمل بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادئ، وهو واقع من المرجح أن تكون موسكو على دراية به جيداً.
بالإضافة إلى ذلك، وبينما يلاحظ شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط عدم قدرة واشنطن على حل هذه الأزمة، فإن ذلك يعزز رواية موسكو التي مفادها أن الولايات المتحدة هي ضامن غير موثوق للاستقرار، ويطرح أسبابا إضافية لهم لتحقيق التوازن في سياستهم الخارجية من خلال التعامل مع روسيا والصين. وبالتالي سيكسب بوتين أكثر مما سيخسر إذا ساهم في تأجيج أزمة البحر الأحمر، سواء من خلال تسليح الحوثيين أو تمكينهم بوسائل أخرى. ومن وجهة نظره، فإنه لا يختلف ذلك عن ما تفعله الولايات المتحدة لدعم أوكرانيا.
وقد يعتبر البعض أن روسيا، مثل الدول الأخرى، تتضرر مالياً من جراء ما يفعله الحوثيون، حتى لو كانت تدين الولايات المتحدة وبريطانيا علناً على خلفية قيامهما بعمل عسكري ضد الحوثيين. صحيح أن روسيا تحتاج إلى حرية الملاحة في البحر الأحمر لتوصيل صادراتها النفطية إلى شرق آسيا، كما أن تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح يؤدي إلى زيادة التكاليف ووقت الشحن. لكن البيانات المتاحة تشير إلى أن الأزمة أثرت أقل نسبيا على شحنات النفط الروسية من تأثيرها على شحنات نفط منافسيها.
وتستمر ناقلات النفط الروسية في المرور عبر قناة السويس والبحر الأحمر وخليج عمان دون عوائق نسبيا. وقد تجنب الحوثيون السفن الروسية إلى حد كبير، على الأرجح لأنه ليس لديها أي صلة بالولايات المتحدة أو اسرائيل على الرغم من أنهم كانوا يهاجمون في بعض الأحيان سفناً أخرى تحمل شحنات روسية إذا كانت تزور الموانئ الإسرائيلية.
وبالتالي، فبينما قد تتحمل موسكو بعض التكاليف من جراء تمكين الحوثيين، فإن الفوائد تفوق تلك التكاليف على الأرجح. فقد تعاملت موسكو مع وكلاء يصعب التعامل معهم من قبل، مثل حفتر. وعلى الرغم من محدودية الأسلحة التي يمكن لروسيا تصديرها بسبب الحرب الأوكرانية، إلا أنه يمكنها إرسال صواريخ مضادة للسفن إلى الحوثيين دون التأثير على تلك الجبهة.
عمر نجيب
[email protected]