لرؤية وطنية شاملة لحماية لبنان

لرؤية وطنية شاملة لحماية لبنان

د. بلال اللقيس
لن نستغرق في فقاعات تصدر من هنا وهناك حول المقاومة وسلاحها فالخيال والأمّاني شيء والواقع شيء آخر ، والدعة شيء والمسؤولية شيء آخر ، فاستخدام مصطلح النزع بذاته يدّل على صبيانية مروجيه ولا يقول عاقل به فالمقاومة في لبنان لها منطقها ومبرراتها العميقة ومشروعيتها التي تربو وتزيد على نقاش القوانين والتششريعات الدستورية وتكاد تساوي وتُضاهي مشروعية نشوؤ الدولة . فالمقاومة للعدو الصهيوني مسألة متوالجة في تكّون هوية لبنان وتمّثل تيارا عريضا  انبنت عليها الإرادة اللبنانية . أمّا مقاربة استراتيجية دفاعية أو بكلمة أدّق مقاربة رؤية وطنية شاملة لإصلاح الدولة والنهوض بها مع ما يحتويه ذلك من استراتيجية دفاعية ، فهذا منطق له وجاهته بل هو ضروري ولازم ويمكن أن يكون مدخلاً لتحاور الطرحين المتخاصمين في لبنان ( علماً أنّ هذا الخصام والجدال موجود باشكال مختلفة منذ نشأة الكيان الصهيوني عام 1948 مع ايجابية أنّه لا يستحيل اقتتالاً اليوم لأساب يطول ذكرها ) .
إذا ، إنّ الإطار الممكن للنقاش والذي يمكن للجميع السير فيه بهدوء وروية وحكمة وبعد نظر ودونما تعّجل ولا تحّدي ولا تخوين وإثارة نعرات هو الاجابة عن : كيف نحقق الأمان للبنان “دولة ورسالة” ؟؟  لماذا نقول دولة ، ورسالة ؟؟ لأنّ لبنان لا يشبه غيره من الدول العربية لا في القيم السياسية ولا في نظام الحكم فهو لا يشبه تلكم الشامات ولا غيرها من البوادي. هو يحمل رسالة إنسانية حضارية أو يًفترض أنّه هكذا الى جانب كونه دولة أو يجب أن يكون دولة !! .
  وعندما نتحدث عن استراتيجية دفاعية ، فهي جزء من رؤية وطنية أوسع باتت ملّحة وضرورية ، فالاستراتيجية الدفاعية فرع الرؤية الوطنية، ومسألة السلاح فرع الاستراتيجية الدفاعية ، وايّما نجاح نبغيه يفترض بنا ردّ الفرع الى أصله . كما ونقصد بالاستراتيجية ليس شعارات بل مقاربة منطقية واقعية يتحّقق بها الهدف الفعلي بحماية لبنان الكيان (الدولة) ولبنان القيم والدور (الرسالة).
وعليه فإنّ الاستراتيجة هي عبارة عن مصفوفة أو منظومة علائق ومنطلقات “سياسية ثقافية اجتماعية” قبل أن تكون عسكرية ، هي هذا الكّل . لماذا لأنّ الفعل المقاوم الذي نشأ فور نشوؤ الكيان الصهيوني هو ليس حالة عابرة ، ولا غواية ولا حرفة أو مجموعة مقاتلين امتهنوا القتال إنّما  هو مجتمع حقيقي شّكل حزب الله الى جانب حركة أمل محوره وينضم اليه مجموعة مهمة من الأحزاب والقوى والشخصيات وغيرهم ، إذا إنّ المقاومة هي تجّل لفهم وإرادة شعبية على امتداد الوطن بلل والإقليم والعالم، هذه الإرادة أو الطاقة المجتمعية الكبيرة أي والطاقة المجتمعية الحيوية أالمقاومة تقبل مع الغالبية الساحقة من اللبنانيين تقب الطائف كدستور وتؤكد على جملة مرتكزات حاكمة على السياسة والخطاب : أولاً نهائية الكيان وضرورته ثانياً حفظ أمنه واستقراره وسلمه الأهلي ثالثاُ ضرورة بلوغه الاستقلال والسيادة رابعاً عداوته المطلقة للكيان الصهيوني وخامساً تميّزه عن غيره وخصوصيته  وليس آخرا التزام التوافقية في مسار بنائه ومعالجة تحّدياته.
فالمقاومة ليست مجاميع عسكرية متمّيزة التدريب. هذه الصورة هي المشهد الأخير من حقيقة المقاومة أو لنقل رأس جبل الجليد منها أو الذي يُضاء عليه أكثر ربطاً بطبيعة الصراع وحدّته ، إنّها إرادة حرّة وقرار نابع من الذات  ومجتمع واثق بقيادته وهي في حقيقتها ثقة وتماهي مع مجتمعها، هي ثقافة مجتمع يأبى الضيم ويرفض الذّل لعدو ويقّدم العدالة والتحّرر حتّى على العيش . بهذه القيم والسمات الإجتماعية والثقافية ولدت واستمرّت المقاومة من رحم الشعب منذ السيد عبد الحسين شرف الدين الى السيد موسى الصدر استمرارا بحزب الله والسيّد نصرالله وتستمر اليوم مع أمينها العام وقائدها الشيخ قاسم . ويمكن أن نضيف قيمة لازمة وضرورية في أنّ المقاومة مجتمع يحب الوحدة والجماعة ولا يعيش عقدة التنوّع والآخر والخوف منه ولا التوتر في الشخصية الاجتماعية والعقد، إنّ مجتمعها بسيط منبسط مرتاح متفاعل وليّن العريكة ، شخصيته تحوي صفات جمالية الى جانب تلك الجلالية ، وهو أي مجتمع المقاومة يجد نفسه بالآخرين ومعهم ، يجد نفسه بنداء الوحدة لا الفرقة والتباعد وتراه لا يحّب بل ويشنأ التقسيم والقوقعة ، دوماً في تاريخه كان حيث الوحدة وعمل من قلبها حتّى لو كانت أحياناً كثيرة على حسابه الشخصي أو المذهبي .
هذه البيئة هي المقاومة وعينها ، وهذه المقاومة هي البيئة وهما كالعملة بوجهين “شعب- مقاومة” يتبادلان الأدوار لحماية الذات المهدّدة بهويتها وقيمها ووجودها الفيزيائي منذ عقود من أميركا وإسرائيل وبعض الأنظمة الإقليمية .  ونتيجة لهذه الثقة التي تراكمت صارا واحداً وتماهيا بحيث صارا يريا من خلال بعضهما البعض . لولا ثبات المجتمع وتلقيه بصدره ودمه وبيوته العدوان والغطرسة الإسرائيلية لكانت إسرائيل تحكم لبنان وتعّين فيه رؤساء وتحّدد نظام الحكم ولكان لبنان أحد مستوطناتها كما كان يعّبر إمام المقاومة السيد موسى الصدر  دور رئيسي فيه . لكن تكامله مع المجاهدين منعها من احتلال لبنان رغم أنّه شنّت بدعم أمريكي أكبر وأخطر حرب في تاريخها على المقاومة فيما سمّي بمعركة أولي البأس . لذلك من أراد أن يعرف كيف حمي لبنان ولم يُسمح لإسرائيل أن تفعل ما فعلته في سوريا أو في غزّة أو الضفة أو ما فعلته من قبل في لبنان عليه أن يدّقق في هذه المسألة أي المجتمع المقاوم الذي استولد مقاومته وليس استوردها وبنى منعها الثقة خطوة خطوة بالألم والعناء والأمل والصبر والتضحيات والانتصارات لعقود.
أيضاً يمكن القول أنّ الشعب المقاوم للعدو اصهيوني أي مجتمع المقاومة يستبطن في نظرته لمقاومته بعداً إضافية أو قيمة مُضافة . تندّك عنده عدّة مناظير ، أولاً هو يعتبر أنّ مقاومته هي التعبير عن هويته في لبنان باعتبار أنّ العدالة ( وتحرير الإرادة) هي القيمة المضافة التي يعمل لتقديمها في المنتظم اللبناني إذ لا حرية بلا عدالة ولا عدالة بدون حريّة فعلية وتحّرر إرادة وليس فقط تعبير . إذا المقاومة هي صناعته ولونه في الفسيفساء اللبناني وهي تمّثله الذي فرضه عليه العدو والواقع والتاريخ القديم والجديد  وليصير هوية الدولة مقابل هوية الطوائف الأخرى أو الجماعات الأخرى ، قبل هذه المقاومة كان المجتمع مهمّشاً وعندما حصل على بعض حقوقه من خلال الطائف حصل عليها باعتباره أسقط 17 أيار وباعتباره تمّيز بمقاومته الجادة والمسؤولة للعدو الصهيوني ، وهذا جانب من فهم المجتمع لعروبة لبنان ، فهي ليس عروبة اللغة بل عروبة رفض الهيمنة الخارجية بالأداة الصهيونية ( أميركا حينها كانت محتاجة في غزو العراق لموقف عربي وسوري فلم تعر كثير اهتمام أنّ هذه المقاومة الوليدة حينها ستتمكن مع القائد الملهم السيّد الشهيد نصرالله أن تُحدث جملة انصارات وتصير إقليمية التأثير وتهّدد هيمنة وإطباق أميركا على المنطقة وشعوبها )  . العروبة كانت بلحاظ الصراع مع إسرائيل وليس بلحاظ الانقسام العربي بين صدام وليبيا وبين الخليج حينها . لذلك إنّ فاعلية المجتمع المقاوم لم تأت كما غيره من نفس السيستيم بل من مشروعية ضمنية أعطت للسيستيم قدرة على السير والاستمرار مع الطائف الى حين تخربطت العلاقات السعودية السورية وسقوط العراق وإعادة الأمريكي محاولته لهندسة جديدة للمنطقة بتبدأ بالعراق تمهيداُ لاسقاط سوريا والمقاومة في لبنان وجعل المنطقة في الفلك الأمريكي بل والإسرائيلي عبر ما سمّي حينها بحوار مدريد والسلام ! . إذا إن ّفكرة المقاومة هي التعبير  والتجّلي النهائي عن فاعلية هوية المجتمع المقاوم في المنتظم اللبناني وبالتالي المقاومة هي تلبية احتياج بالأمن والمكانة والدور والهوية ، لمساس بالمقاومة هو اقتراب من كل العناوين الآنفة .  من هنا وجب علينا جميعاً الحذر  والسير لاستكشاف المدخلية السليمة التي تلاقي فيها الأطراف بعضها لإقناعهم ببديل يلبّي أسئلتهم وتحّدياتهم ويستجيب لها بكفاءة وجدارة . بديل ينطلق من كون الجميع في لبنان أسرة لا يتفرّد أحد في تعريف هوية لبنان كما يحاول البعض أن يرّدهم الى زمن التأسيس لأنّ أكثر ما يستّفز مجتمع المقاومة هو الحديث عن أزمنة الخمسينيات ولبنان “العظيم” حينها ، بل يعتبرونها أسوء مراحل تاريخ لبنان حين كان الإفتئات عليهم ولم يكونوا جزءا فاعلاً من هوية لبنان ودوره . فالمقاومة هي تمّثل فاعليتهم وإرادتهم وميزتهم في المنتظم اللبناني باعتبارها هي عين العدالة والتّحرر .
ثانياً هي مصدر الحماية الوحيد لهم ، حيث لم تقم الدولة منذ تأسيسها بذلك ، الدولة خيمة وملجأ لم يشعروا فيه أبداً ، الدولة مواطنة ومساواة في الحقوق والواجبات ولم يجدوا ذلك البتة ، الدولة تقدير الدولة معرفة والدولة توزيع راشد للقيم ولم يجدوا من ذلك شيء … الدولة الدولةلم يجدوا منها الا الكازينو والاقتتال على المغانم والتقّوي بالخارج لحسابات داخلية وغياب عن قضايا العالم والإنسان وتبرير الضعف والعجز والوهن فلم يجدوا رجلاً اسمه الدولة يعتمدون عليه  . هم لجؤوا الى الاستجابة فاستولدوا مقاومتهم لمل فراغ غياب الدولة أو بالأحرى فقدانها  . السياسة ليست مواقف هي قبل ذلك ممارسة وثقة ، فلا يمكن أن تنتقل من حيّز الى حيّز لم يُبت ثقته أهله به حتّى اللحظة . ففي دولة يمسك الأمريكي بقرار أغلب سياسييها وبمؤسساتها الأمنية ويستدعي وزير خارجيتها الى السفارة ويستبيح حرمتها ولا يحفظ ولو بالشكل هيبتها ويتدّخل بالتعيينات وبتفاصيل الدولة ، منذ عقود ولنكن أدّق منذ ما بعد عام 2000 عندما برزت المقاومة  كقوّة وقدرة ونموذج عربي وأعطت أول انتصار على المشروع الأمريكي “إسرائيل” .
ثالثاً ، المقاومة اليوم هي أحد أوجه التوازن غير المباشر أو الضمني في مواجهة الهيمنة الأمريكية على لبنان والتغّول عليه . ولولاها لكان الأمريكي حول لبنان لولاية من ولاياته وجزء من تحالفاته كما حدث زمن كميل شمعون ، إذا إنّها تحافظ على التوازن الكّلي في البلد منعاً لإستفراد الهيمنة الغربية فيه وتطويع سياساته بالكامل وهويته لصالحها  . فأميركا تمسك بالمؤسسات وقرارها بينما المقاومة تشبه الإرادة الشعبية الغالبة وتؤثر فيها  أكثر.
رابعاً ، إنّ هذه المقاومة بالنسبة لأهلها هي التي تعطي لبنان هذه اللمسة الحضارية ، فالحضارة ليست بالتحديث إنّما بالفكر والأخلاق والقيم . هذه المقاومة تفرز كالسيف الذي تحدّث عنه عيسى بن مريم ع في انجيل متّى عندما قال : ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً ، فالقسمة على أساس الأخلاق والقيم الإنسانية والتزام الحق والايمان به حتّى لو وصل الأمر بين الأب وابنه ، فالوقوف بوجه الصهيونية والتجّبر والعتّو والظلم هم الذي يعطي لحياتنا معنى وقيمة ، وهنا انقسم العالم فنجحنا وتسافل الغرب وحضارته المادية وأتباعهم ومن اشربوا كاسهم وقيمهم دون تمحيص . إذا المقاومة بالنسبة لجمهور المقاومة هي كل متّصل بالمشروع الحضاري  والمدى الإنساني وهي هذا اللون الذي بدونه يصبح لبنان تجمعاً بشرياً لا رسالة له ولا فذلكة له الا التحديث (الفارق كبير بين التحديث والحضارة).
إذا مقتضى العقلانية أنّك إذا أردت أن تنتقل بطائفة المقاومة (ضمناً الطائفة الشيعية) من فضاء الى آخر ، فالطريق هو  أن تقنع اهلها بالممارسة وبناء الثقة وتؤمن فذلكة تربطهم بالمدى الإنساني ، وليس من عاقل ينتقل من فضاء الثقة الى الفراغ والوعود ، ولا من عاقل ينتقل من الجدارة والمتانة الى الرخاوة والميوعة ولا من الواقع الى الوهم ولا من الرحابة الى الضيق ولا من المجال الإنساني الى زواريب التناتش على السلطة الاّ من يعيش شره وضعف في نفسه وذلّة . الدولة معنية أن تثبت نفسها لشعبها ، والسلطة التي لا تستجيب لأسئلة كبرى تفقد شرعيتها واقعاً حتّى لو لم تفقدها قانوناً (في الدستور اللبناني تفقد شرعيتها واقعاً وقانوناً بحسب مقدمة الدستور) .
إنّ الدولة إذا حضرت لا تحتاج الى جهد لإقناع الناس بالتحول اليها ، هي تفرض نفسها بنفسها ، مجرّد أن تلبي حاجة وتحديات أبنائها فعلاً ، مجرّد أن تزرع الثقة وتُثبت لهم قرارها الحّر وأنّهم أولويتة بالنسبة اليها فإنّ ذلك يؤدي تلقائياً الى جنوحهم لظلها لأنّ الناس تبحث بطبيعتها عن الأمان والاستقرار واحترام الهوية الجماعية والفردية والاعتراف والكرامة والدور بها ومن هو جدير بتلبية ذلك  ، الدولة ليست كالطفل تحتاج الى من يُبادر اليه هي يجب أن تُقنع وأن تبادر وأن تبرهن صدقيتها ونجاعة دعاويها ، فعلها أبلغ من دعاويها ، فلتبادر ولتحمي ولتزرع الثقة ولتكن الثقة فيها أوثق وأفعل وتلقائياً الناس ستشعر بها وهذا مقدمة المسار ، فلا داعي لكثير كلام إنّما فعل وإقناع بالملموس .
ختاماً إنّ الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان ثقافتها المقاومة وهي ملتزمة العداء للكيان الصهيوني كأصل إيماني وديني وأخلاقي وقيمي وإنساني ، تاريخها وحدوي وعلاقاتها تتحّدد على قاعدة العدالة والتحّرر ، وبالنسبة اليها وجود لبنان واستمراره ضرورة وهكذا تره وتفهمه …. واليوم هي هادئة وايجابية مع العهد الجديد الذي كما يبدو يسير بخطوات هادئة وناضجة ، وتعطي خطواته المسؤولة إذا استمّر بها لفخامته بعداً ومدى وطنياً واسعاً بعيداً عن السطحية ودعوات الانتقام والاقتتال الطائفي المقيتة واختلاق الصراعات الداخلية والفتن التي يقتات عليها البعض ، فهي أي الطائفة الشيعية ستلاقي كل جهد صادق ومخلص وواع ودائماً وأبداً ستكون مع الدولة الحقيقية أي الدولة السيدة القادرة العادلة الحرّة وتنتظر فجرها بفارغ الصبر.

المقال الثاني :
الدولة …. فكرة وثقة قبل أن تكون آليات وهي قيمة متقّدمة بعيون أبنائها وهي حقيقة يشعر أبناؤها بها ويخلدون اليها فمن خلالها سيولدون ولادة ثانية أرقى . مّا المؤسسات فهي تعبير عنها وتجّلٍ لها ، ثم يعودوا أي المؤسسات ليكونوا ضرورة لتطويرها في أروقة المؤسسات الخاصة الي يجب أن تكون متعّقلة أكثر . مسألة الاستراتيجية الوطنية لا تُبحث بعيداً عن أرضية متوازنة ومتعادلة ومتكافئة بين اللبنانيين ، لا تبحث في ظل هيمنة غربية أمريكية كاملة على المؤسسات وقرارها .  لذلك مقتضى بحث الدفاع عن هوية لبنان وأمنه ضمناً ، مقتضاه البحث عن المشاركة المتعادلة لكل بنيه فيه لضمان التوازن الداخلي ، ومقتضاه إعادة تعديل علاقاته لخارجية ليصير متوازناً بين الجميع على قدم وساق . مقتضى التعادل الخارجي أن لا يكون لدولة خارجية فرصة أكثر من أخرى في لبنان  ، فيُسمح لواحدة وتمنع ثانية .
الدولة عادة ما تسارع الى احتكار القوّة المادية ، السلاح . وهذا أمر مطلوب لكن هل تحتكر السلاح دون أن تحّدد من هي وماذا تريد وما هي الالتزامات منها وكيف توفيها ؟؟ والسؤال المطروح هل هي تحتكر اليوم سلطة التشريع وسلطة الانتخاب الحّر وسلطة التقرير السياسي وسلطة اتخاذ القرار وفق المصالح اللبنانية أم ماذا !!! هل هي تحتكر سلطة الإقتصاد وكارتيلات المال والاقتصاد !! هل هي تحتكر سلطة معرفية أو علمية أو مناقبية أعلى من السلطات الإجتماعية الأخرى !! . فلماذا تشكّلت دولة إذا لم تكن بوارد أن تعيد تنظيم وتعظيم انتماءات لجعل الجماعات تنتقل الى فضائها لأنّها معجبة بما للدولة من مزايا تفوق ما للجماعات .

كاتب لبناني