الفاتيكان يعد لجنازة البابا فرنسيس السبت في ساحة القديس بطرس

الفاتيكان يعد لجنازة البابا فرنسيس السبت في ساحة القديس بطرس

الفاتيكان – (أ ف ب) – تقام جنازة البابا فرنسيس صباح السبت في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان بمشاركة حاشدة يتوقع أن تصل إلى مئات آلاف المصلين، فضلا عن زعماء من العالم أجمع، على غرار الرؤساء الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون والأوكراني فولوديمر زيلينسكي.
وفي ختام القداس الذي يبدأ عند الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي (8,00 ت غ)، سينقل نعش البابا إلى بازيليك سانتا ماريا ماجوري) في وسط روما حيث سيوارى البابا الثرى نزولا عند رغبته المذكورة في وصيّته.
ونشر الفاتيكان صباح الثلاثاء الصور الأولى للبابا فرنسيس مسجّى في نعشه ومحاطا بعنصرين من الحرس السويسري في كنيسة بيت القدّيسة مرتا حيث كان يقيم منذ انتخابه حبرا أعظم في 2013 وحتّى وفاته.
وفي الصورة والفيديو، يظهر البابا فرنسيس الذي توفّي الإثنين عن 88 عاما إثر جلطة دماغية، مرتديا رداء أحمر وعلى رأسه تاج أسقفي أبيض وبين يديه مسبحة.
ويسجّى النعش اعتبارا من الساعة السابعة بتوقيت غرينيتش صباح الأربعاء في بازيليك القدّيس بطرس في روما ليلقي عليه المصلّون نظرة الوداع الأخير.
وقالت الراهبة ناتالي بيكار، الأمينة المساعدة لسينودوس الأساقفة التي صلّت مساء الإثنين أمام نعش البابا للصحافيين إنها عاشت لحظة “مؤثّرة جدّا” مع “الحزن من جهة والعرفان من جهة أخرى لكلّ ما فعله حتّى اللحظة الأخيرة”.
وعقد نحو 60 كاردينالا الثلاثاء جلسة مغلقة لمناقشة مراسم الجنازة خصوصا.
ويتعيّن على الكرادلة الناخبين البالغ عددهم 135 انتخاب خلف للبابا فرنسيس خلال مجمّع من المرتقب أن ينعقد في مطلع أيار/مايو.
وفي الأثناء، تزايدت التكهّنات بشأن من سيخلف البابا فرنسيس الذي كان أول بابا من القارة الأميركية وأول يسوعي.
في ساحة القديس بطرس، تجمّع المؤمنون والسياح حيث أعربوا عن حزنهم، وكان بعضهم يحمل زهورا بينما حمل البعض الآخر شموعا.
وقال الكاهن باستيان دولينسيك “عندما تُترك الكنيسة بدون رأس فإنّنا جميعا نشعر بالارتباك إلى حد ما”، معتبرا أنّ البابا فرنسيس قاد بمفرده الكنيسة “خطوة إلى الأمام”.
ونشر موقع الفاتيكان تفاصيل الساعات الأخيرة للبابا.
وقال إنّ أولى علامات التعب المفاجئ بدأت تظهر عليه عند الساعة 5,35 صباحا، بعد أقل من 24 ساعة من إلقائه التحية على حشود المؤمنين في ساحة القديس بطرس لمناسبة عيد الفصح.
وقبل أن يدخل في غيبوبة، عند الساعة السادسة والنصف تقريبا، لوّح بيده مودّعا مساعده الشخصي ماسيميليانو سترابيتي، ثم استلقى على سريره في الطابق الثاني في بيت القديسة مارتا، ودخل في غيبوبة تامة.
ونُقل عن البابا قوله لسترابيتي “شكرا لأنك أعدتني إلى ساحة القديس بطرس”.
وأُعلنت وفاته عند الساعة 7,35 صباح الإثنين.
وعقّب موقع الفاتيكان بالقول “لم يعانِ، ولم تكن هناك آلام، حدث كل شيء بسرعة وهدوء، كما روى من كان إلى جواره”.
– أسبوع حداد –
وتوالت التعازي من مختلف أنحاء العالم. وأعلنت الأرجنتين حدادا وطنيا لمدّة أسبوع، بينما بدأت الهند حدادا رسميا الثلاثاء لمدّة ثلاثة أيام، في ما يعدّ تقديرا دينيا نادرا لزعيم ديني أجنبي في أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم.
وأعلنت إيطاليا حدادا وطنيا لخمسة أيّام على وفاة البابا، في حين أعلنت بولندا يوم جنازته السبت يوم حداد وطني.
وتوافد مئات الصحافيين من حول العالم إلى الفاتيكان صباح الثلاثاء. وفرضت الشرطة الإيطالية طوقا أمنيا حول ساحة القدّيس بطرس.
وكما كانت الحال في جنازة يوحنا بولس الثاني في 2005، من المتوقّع أن يحضر المراسم العشرات من رؤساء الدول والشخصيات الملكية، وسط تدابير أمنية مشدّدة.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيحضر المراسم مع زوجته ميلانيا، بالرغم من الانتقادات اللاذعة التي وجّهها البابا فرنسيس إلى سياسته المعادية للمهاجرين في أكثر من مناسبة. وكتب ترامب على شبكته للتواصل الاجتماعي تروث سوشال “نتطلّع للمشاركة”.
ومن جزيرة لا ريونيون الفرنسية، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “سنحضر جنازة البابا بما يليق به”.
ومن بين الذين سيحضرون الجنازة أيضا، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا والمستشار الألماني أولاف شولتس.
ويعتزم الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينكسي الذي أشاد الإثنين بذكرى “من صلّى من أجل السلام في أوكرانيا وللأوكرانيين” المشاركة بدوره في المراسم.
أما نظيره الروسي فلاديمير بوتين، فقد أكّد الناطق باسمه خلال الإحاطة الإعلامية اليومية أن “لا نيّة له” لحضور الجنازة.
– “بابا مختلف” –
ومن إيران إلى الولايات المتحدة، مرورا بالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ولبنان والسلطة الفلسطينية، أشاد زعماء العالم بذكرى البابا الراحل.
وقدّمت بكين “التعازي” بوفاته الثلاثاء، مؤكّدة نيّتها الاستمرار في توطيد العلاقات مع الفاتيكان.
وكتب نجم كرة القدم ليونيل ميسي الذي سبق له أن التقى البابا الأرجنتيني على انستغرام أنه “بابا مختلف، قريب (من الناس)، أرجنتيني… ارقد بسلام يا أيّها البابا فرنسيس”.
كثّف الحبر الأعظم الذي خرج من المستشفى في 23 آذار/مارس الإطلالات العلنية في الأيّام الأخيرة، بالرغم من توصيات الأطباء له بالراحة لمدّة شهرين.
وبدا الإنهاك جلّيا عليه الأحد خلال احتفالات عيد الفصح، لكنّه أصرّ على أن يحيّي الحشود من سيارته “بابا موبيليه” في ساحة القدّيس بطرس.
كان جدول أعمال البابا فرنسيس، هاوي الموسيقى وكرة القدم الذي لا يستسيغ العطلات، يحفل غالبا بنحو عشرة مواعيد في اليوم.
وشجب البابا الذي انتخب في 13 آذار/مارس 2013، باستمرار كل أشكال العنف، من الاتجار بالبشر إلى كوارث الهجرة، مرورا بالاستغلال الاقتصادي.
ودعا فرنسيس الذي كان رئيس أساقفة بوينوس آيرس سابقا وعُرف بمعارضته الشديدة لتجارة الأسلحة، إلى السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط.
وكان هذا السياسي البارع ذو المواقف الجريئة، عازما على إدخال إصلاحات على الكوريا الرومانية، أي الحكومة المركزية للكرسي الرسولي، ومصمما على تعزيز دور النساء والعلمانيين فيها، وعلى إصلاح مالية الفاتيكان التي هزّتها شبهات وفضائح.
ولم يتردّد حيال مأساة الاعتداءات الجنسية على الأطفال في الكنيسة، في إلغاء السرّ البابوي في شأنها، وألزم رجال الدين والعلمانيين إبلاغ رؤسائهم عن أي حالات من هذا النوع، لكن خطواته لم تنجح في إقناع جمعيات الضحايا الذين أخذوا عليه عدم اتخاذه إجراءات أبعد من ذلك.
وبرز البابا فرنسيس المتمسك بالحوار بين الأديان خصوصا مع الإسلام، بدفاعه إلى أقصى حدّ عن كنيسة “منفتحة على الجميع”.