صحيفة عبرية تُحذر.. خدمات خرائط تكشف مواقع سرية إسرائيلية وأماكن تواجد الجيش في قطاع غزة بتفاصيل وافية ودقة عالية

زين خليل/ الأناضول- حذرت صحيفة عبرية، الثلاثاء، من أن خدمات خرائط توفر عبر الأقمار الاصطناعية صورا بدقة عالية لمواقع سرية إسرائيلية، بينها مفاعل ديمونا، وقوات الجيش التي ترتكب جرائم إبادة جماعية بقطاع غزة.
وتظهر صور الأقمار الاصطناعية الحديثة مواقع سرية في إسرائيل بمستوى عال غير مسبوق من التفصيل، بينها النشاط العملياتي على الأرض، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
الصحيفة قالت إن “صورا جوية لمركز ديمونا للأبحاث النووية وقواعد سرية وصورا من غزة، بما في ذلك الوحدات الإسرائيلية التي تنفذ مناورة برية هناك، باتت متاحة للجميع على خدمات خرائط غوغل وأبل”.
وبمساعدة فرنسية، شيدت إسرائيل مفاعل ديمونا بمنطقة النقب الصحراوية (جنوب)، خلال ستينيات القرن الماضي، ويعد أشهر المفاعلات النووية الإسرائيلية.
ورغم ادعاء تل أبيب أن المفاعل للأغراض المدنية، إلا أن التقني السابق في المفاعل موردخاي فعنونو، كشف لوسائل الإعلام عام 1986 بعضا من أسرار البرنامج النووي، الذي يعتقد أن له علاقة بصنع رؤوس نووية.
واختطفت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فعنونو من إيطاليا عام 1988، وحكم عليه بالسجن 18 عاما بتهمة الخيانة، وأفرج عنه عام 2004.
وقالت “يديعوت أحرونوت”: “تُظهر منشورات ظهرت مؤخرا على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، وكذلك بحسب تحققنا، أن دقة الصور تصل إلى وضوح عالٍ نسبيا مقارنة بما كان معتادا في السابق”.
ولا يعد نشر هذه الصور على خدمات تطبيقات الخرائط الخاصة بشركات التكنولوجيا العملاقة بالأمر الجديد.
ولكن الدقة العالية نسبيا (0.4 متر) المتاحة اليوم تجعل من هذه الصور “مصدرا استخباراتيا مرئيا من الدرجة الأولى، سواء للكيانات المعادية أو الباحثين أو حتى الفضوليين”، حسب الصحيفة.
وفي عام 1997، دخل في الولايات المتحدة حيز التنفيذ ما يُعرف باسم “قانون كايل-بينغمان”، والذي يمنع جمع ونشر صور أقمار اصطناعية بدقة عالية لإسرائيل والمناطق التي تحتلها، إلا بموافقة هيئة فيدرالية أمريكية، وبشرط ألا يتجاوز مستوى الدقة ما هو متاح من مصادر تجارية غير أمريكية.
ووفق الصحيفة “كان هذا القانون نتيجة مباشرة للجهود الدبلوماسية التي بذلتها إسرائيل في الكونغرس (الأمريكي)، ولكن في الوقت الذي صدر فيه، كانت معظم مصادر صور الأقمار الاصطناعية التجارية تأتي من شركات أمريكية”.
واستدركت: “اليوم، الوضع مختلف تماما. في 2017، اتضح للجنة الاستشارية لوسائل الاستشعار عن بعد للاستخدام التجاري، أن دقة صور الأقمار الصناعية غير الأمريكية أصبحت أعلى بكثير من تلك التي تنتجها الأقمار الأمريكية”.
وتعد هذه اللجنة جزءا من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي التابعة لوزارة التجارة الأمريكية، التي تشرف على تنفيذ قانون “كايل-بينغمان”.
وزادت الصحيفة بأن انتشار هذه الصور من مصادر غير أمريكية أتاح لخدمات الملاحة والخرائط الحصول على صور عالية الجودة لكافة أراضي إسرائيل.
ومنذ ثلاث سنوات ونصف، لم تعد توجد أي مشكلة في الحصول على صور عالية الجودة نسبيا لمواقع مصنفة سرية في إسرائيل، بدءا من مفاعل ديمونا النووي ووصولا إلى قواعد استراتيجية، وفق الصحيفة.
وتابعت أن صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية أظهرت نشاط طائرات إسرائيلية، من مقاتلات “F-15” وصولا إلى طائرات بدون طيار من طراز “زيك”، في أجواء غزة ولبنان، فضلا عن توثيق نشاط وحدات برية إسرائيلية.
وأردفت: “يبدو أن الأمر خرج عن السيطرة، فليس لدى حكومة إسرائيل أي تأثير على نشر مثل هذه الصور من جانب جهات تجارية أمريكية، طالما أن ذلك يتم في إطار القيود التي يفرضها قانون كايل-بينغمان”.
وعلى عكس الحال في 1997، تقدم اليوم خدمات إلكترونية عديدة في أنحاء العالم صورا فضائية، سواء ضمن خدمات الخرائط والملاحة أو عبر بيع الصور لأغراض تجارية مثل التعدين والزراعة والتخطيط الحضري والبحث العلمي.
الصحيفة قالت إن ما أسمته “الوضع العبثي” وصل إلى حد أنه في 2021 نُشر في مصادر أجنبية عن أعمال بناء واسعة في مفاعل ديمونا، وهو حدث “كان يُعتبر سابقا غير مقبول إطلاقا”.
وتعد إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراض عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.
ورفضت كل من وزارة الدفاع الإسرائيلية ومتحدث الجيش الإسرائيلي طلب من الصحيفة بالتعليق.
و”يبدو أن نمط التعامل الذي تم اختياره هو دفن الرأس في الرمال وتجاهل الواقع، وهي طريقة أثبتت في السنوات الأخيرة أنها ليست فعالة أبدا في التعامل مع التحديات الأمنية”، وفق الصحيفة.
ويأتي تقرير “يديعوت أحرونوت” في وقت تواصل فيه إسرائيل بدعم أمريكي مطلق، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
وهذه الإبادة أسفرت عن أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل.
وتحاصر إسرائيل غزة للعام الـ18، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ودخل القطاع مرحلة المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.