المعارضة تهاجم رئيس الحكومة المغربية: لجنة تقصي الحقائق حق دستوري لا إثارة سياسية

المعارضة تهاجم رئيس الحكومة المغربية: لجنة تقصي الحقائق حق دستوري لا إثارة سياسية

الرباط ـ “رأي اليوم” ـ نبيل بكاني:

في موقف سياسي أثار اهتمام الأوساط الوطنية، عبّر حزب التقدم والاشتراكية عن استهجانه الشديد لما وصفه بـ”التهجُّم غير المبرر” الذي صدر عن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، تجاه المعارضة البرلمانية، وذلك إثر مبادرتها لتشكيل لجنة تقصي الحقائق بشأن الدعم العمومي والإعفاءات التي استفاد منها مستوردو الأغنام والأبقار.
واعتبر الحزب أن تصريحات رئيس الحكومة، التي وصف فيها المبادرة بـ”الإثارة السياسية” واتهم المعارضة بـ”الكذب”، تُعدّ انزلاقًا غير مقبول في التعاطي مع مبدأ الرقابة الديمقراطية وممارسة المعارضة لوظيفتها الدستورية.
وجاء في بيان صادر عن المكتب السياسي للحزب، عقب اجتماعه الأخير، أن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول ملف بالغ الحساسية مثل استيراد المواشي والدعم العمومي المخصص لذلك، يُعتبر تعبيرًا مسؤولًا عن الدور الرقابي للبرلمان، وتجسيدًا للممارسة الديمقراطية السليمة، في إطار الشفافية والمحاسبة.
وأكد البيان أن هذه المبادرة لا يمكن اعتبارها إثارة سياسية، بل هي مطلب شعبي ومؤسساتي يهدف إلى كشف الملابسات وتقديم أجوبة دقيقة للرأي العام الوطني، لا سيما في ظل الغياب التام لأي انعكاس إيجابي ملموس لهذا الدعم على أسعار اللحوم في الأسواق الوطنية، خصوصًا خلال المناسبات الدينية والوطنية التي تُسجل فيها ارتفاعات مهولة في الأسعار.
وتساءل الحزب عن أسباب “توجس رئيس الحكومة وأغلبيته” من آلية دستورية ذات طابع إلزامي، مثل لجنة تقصي الحقائق، التي يُخول لها الدستور صلاحيات واسعة في البحث والتحقيق والمتابعة.
وشدد البيان على أن “هذا الرفض والعرقلة غير المفهومة من طرف الأغلبية، لا يمكن تفسيرها سوى بكونها محاولة للتهرب من كشف الحقيقة الكاملة، ومناورة لطمس الحقائق بدل مواجهتها بشجاعة سياسية”.
وأكد الحزب أن “المهمة الاستطلاعية” التي اقترحتها فرق الأغلبية لا ترقى من حيث فعالية أدواتها الرقابية ولا من حيث إلزامية توصياتها، إلى مستوى لجنة تقصي الحقائق، التي تُعد من أقوى الآليات الدستورية في يد البرلمان لممارسة مهامه الرقابية.
وأضاف أن “الأجدر بالأغلبية، إن كانت صادقة في نواياها، أن تنخرط في مبادرة المعارضة بكل مسؤولية سياسية ووطنية، عوضًا عن اللجوء إلى أساليب الالتفاف والتهرب من الحقيقة”.
وفي السياق ذاته، قال الحزب إن “سؤال الخوف من تشكيل لجنة تقصي الحقائق سيظل سؤالًا شعبيًّا يطارد الحكومة ورئيسها وأغلبيتها إلى حين الكشف عن الحقيقة الكاملة”، مؤكداً أن الشعب المغربي من حقه أن يعرف مصير المال العام، ومدى استفادة المواطنين من هذه الإعفاءات والدعم الذي يُفترض أن ينعكس على استقرار أسعار المواد الغذائية الأساسية، وعلى رأسها اللحوم.
وعلى مستوى قضية الصحراء المغربية، ثمّن حزب التقدم والاشتراكية ما وصفه بـ”التطورات الإيجابية” التي تعرفها القضية على الساحة الدولية، مُشيدًا بالجهود الدبلوماسية المغربية التي أثمرت تعزيز الاعتراف بمغربية الصحراء وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية.
كما أشار إلى المشاورات الجارية بمجلس الأمن وازدياد عدد الدول التي تدعم المقاربة المغربية للحل، مؤكدًا أن هذه الدينامية الدولية تستوجب في المقابل تعزيز الجبهة الداخلية، من خلال ترسيخ الممارسة الديمقراطية، وتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، بما يُعيد الثقة إلى المواطن في مؤسساته، ويقوي مناعة البلاد أمام التحديات الخارجية.
وفي الجانب المتعلق بالقضايا الدولية، جدد الحزب إدانته الشديدة لما وصفه بـ”الجرائم الوحشية” التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، حيث يواصل الاحتلال ارتكاب مجازر جماعية وتطهير عرقي في ظل صمت دولي مطبق وتواطؤ سياسي، على رأسه الإدارة الأمريكية، التي وصفها الحزب بأنها “شريكة في العدوان من خلال تغاضيها ودعمها غير المشروط للآلة العسكرية الإسرائيلية”.
وأكد الحزب أن “عقلية الغطرسة التي يُصر عليها كيان الاحتلال، ورفضه لجميع المبادرات الرامية إلى وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية، تعكس استهتارًا سافرًا بالقانون الدولي والإنساني”، داعيًا الشعوب الحرة والضمائر الحية إلى التحرك العاجل من أجل فرض وقف العدوان، والدفع نحو مسار سلمي حقيقي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويضع حدًا لمعاناته.
وفي ختام بيانه، دعا حزب التقدم والاشتراكية إلى تعزيز العمل البرلماني الرقابي، والانفتاح على المطالب الشعبية بقدر أكبر من الجدية والمسؤولية، مؤكدًا أن قوة الديمقراطية تظهر في مدى احترامها لمبدأ المحاسبة، لا في محاولات خنق صوت المعارضة والتشكيك في نواياها الوطنية.