حسن لمين: إصدارات نقدية جديدة تعزز حضور السرد في المشهد الثقافي العربي

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر

حسن لمين
أصدرت منشورات السرديات بالدار البيضاء، بدعم من وزارة الثقافة، خمسة كتب نقدية تُعد إضافة نوعية إلى رصيد المكتبة العربية في مجال النقد الأدبي، خصوصًا في ما يتعلق بتحليل السرد والرواية العربية من خلال أدوات نقدية معاصرة. هذه الأعمال تسعى إلى الجمع بين دراسة تطورات الشكل والمضمون في الرواية العربية، واستيعاب المناهج النقدية الحديثة، من خلال مساءلة المفاهيم الجوهرية مثل الفضاء الروائي، والأنواع الأدبية، وتحولات الكتابة في ظل التغيرات المجتمعية والثقافية. ويجمع بين هذه الإصدارات اهتمامها بربط النصوص الأدبية بسياقاتها الاجتماعية والفكرية، وكذا سعيها إلى استكشاف الحدود الفاصلة بين التنظير النقدي والممارسة التطبيقية، مع التركيز على خصوصية التجربة الروائية المغربية والعربية في تفاعلها مع التراث والحداثة.

“دينامية الأشكال والموضوعات في الرواية العربية” لإبراهيم أزوغ

يرصد هذا الكتاب التحولات التي عرفتها الرواية العربية المعاصرة بين سنتي 2003 و2021، مركزًا على دينامية الأشكال الفنية وتنوع الموضوعات التي تعكس قضايا الذات والمجتمع. ينقسم العمل إلى ثلاثة فصول: الأولان يتناولان التغيرات الاجتماعية والنفسية التي انعكست على النصوص الروائية، أما الفصل الثالث فيسلط الضوء على التجريب الشكلي، سواء من خلال استلهام التراث أو الاستفادة من التجارب الغربية. هدف المؤلف هو إبراز كيف ساهم هذا التعدد في إثراء التجربة الروائية وتوسيع أفق التلقي.

“أسئلة الذات وتحولات الكتابة في الرواية المغربية المعاصرة” لسلمى براهمة

يقدم هذا الكتاب قراءة تحليلية لعشر روايات مغربية تنتمي إلى العقدين الأولين من الألفية الثالثة. تركز الباحثة على الكيفية التي تعامل بها الروائيون المغاربة مع إرثهم الأدبي، وتأثير التحولات الثقافية على كتاباتهم، خاصة في ظل تراجع الإيديولوجيات الكبرى. كما تطرح تساؤلات حول موقع الرواية في المشهد الثقافي المغربي، ودور النقد المعاصر في الكشف عن الأبعاد المعقدة للنصوص الروائية.

“النقد الأدبي الحديث: التنظير والممارسة” لناصر اليديم

يتناول هذا الكتاب تطور النقد الأدبي المغربي منذ الثمانينيات إلى اليوم، متتبعًا التحولات المفاهيمية والمنهجية التي عرفها. يناقش مفاهيم مثل “نقد النقد” وتأثير التيارات البنيوية وما بعد الحداثية، وصولًا إلى آفاق النقد الرقمي. في أربعة فصول، يرصد المؤلف كيف تفاعل النقد المغربي مع المدارس العالمية، وساهم في بلورة هوية نقدية متميزة.

“الفضاء الروائي في الخطاب النقدي” لسعيد العيماري

يبحث هذا الكتاب في مفهوم الفضاء الروائي كعنصر جمالي أساسي في بناء النص. يقارب المؤلف هذا المفهوم من زوايا مختلفة، متتبعًا تمثلاته في النقدين العربي والغربي. يقسم عمله إلى ثلاثة فصول: الأول يوضح المفهوم في علاقته بالمكان والزمن، الثاني يحلل المقاربة الشعرية، أما الثالث فيناقش المقاربة السيميائية. يهدف الكتاب إلى إبراز أهمية الفضاء في توليد المعنى الروائي ودوره في تشكيل البنية السردية.

5 – “بنية النوع والنسق في رواية التخييل العلمي العربية” لمحمد محي الدين

يسلط هذا العمل الضوء على أدب التخييل العلمي في العالم العربي، مستكشفًا خصوصياته وتحدياته. يناقش الكتاب الخصائص النوعية لهذا الأدب، ويعود إلى جذوره التراثية مثل «حي بن يقظان»، كما يتناول علاقته بالعلم والخيال والمستقبل في مجتمعات لا تزال تفتقر إلى قاعدة علمية قوية. يحلل المؤلف الأنساق التي تحكم هذا النوع السردي، محاولًا تحديد مدى استقلاله عن النماذج الغربية.

خلاصة

تمثل هذه الكتب الخمسة خريطة نقدية متكاملة تسهم في فهم الرواية العربية والمغربية من خلال ربط التحليل الشكلي بالمضمون، والتنظير بالممارسة. وهي تزود القارئ والباحث بأدوات منهجية تساعد على مقاربة النصوص من زوايا متعددة، سواء من خلال استكشاف الفضاء الروائي، أو بنية النوع، أو دينامية الأشكال والموضوعات، مما يجعلها مرجعًا مهمًا في الدراسات الأدبية المعاصرة.