مجد شاهين: من البلاغة الثائرة إلى البراغماتية المنهزمة

مجد شاهين: من البلاغة الثائرة إلى البراغماتية المنهزمة

 

مجد شاهين
هكذا قال مظفر النواب، وهكذا نرددها حتى اليوم، وكأنها تعويذة أو لطمة للوعي. كانت “أولاد القحبة” على لسانه ليست شتيمة بالمعنى التقليدي، بل بيانًا ثوريًا من طراز فريد. وقعها كان يطرب الأذن، لا ابتذالاً، بل لأنها نُطقت بصدق، وبحسّ الجرح النازف. كانت تلك العبارة درسًا، جيلًا بعد جيل، انتشاءً يصل حد الفخر.
شتيمة مظفر لم تكن لغوًا أو انفعالاً. قالها والدماء لم تجفّ من على الأكتاف.
قالها حين كان الشعر مسدسًا في وجه الخيانة، لا أغنيةً في بلاط الحاكم.
قالها ليوقظ أمة، لا ليُسكت خصمًا.

يُقال إن السياسة فن الممكن.
وأنا أقول: إنها فن الكذب… فن “الضحك على اللحى”.
لكن حين يتحوّل الممكن إلى سكوت، أو إلى تبرير للتراجع، فإننا لا نكون أمام فن، بل أمام هاوية.

شتائم مظفر كانت إنذارًا مبكرًا لعصر “السلام مقابل الاستسلام”.
أما اليوم، فنشهد لغة هجينة، لا تخجل من بيع الحلم الوطني مقابل بقاء سياسي هشّ.

قد تكون هذه الكلمات الاي كتبتها مجرد عبارات عابرة…
ربما يُستفاد منها، وربما تُرمى في الحاوية؛
لكنها حاوية مليئة بالاستنفار والغضب… الغضب الصامت، الذي يُخشى أكثر من الصراخ و ما اكثرها

شتائم مظفر كانت أعلى من الشتيمة، كانت فعل مقاومة.
أما شتائم اليوم، فهي أدنى من السياسة، هي فعل عجز.
فلا تخلطوا بين من أراد أن يوقظ الأمة، ومن أراد فقط أن يُسكت “خصمه” او يبرر دوره .
كاتب عراقي