عائلة نازحة من جنين: بيتنا يسكنه جنود إسرائيل ونفتقد ملابس ابننا الشهيد

عائلة نازحة من جنين: بيتنا يسكنه جنود إسرائيل ونفتقد ملابس ابننا الشهيد

جنين/ قيس أبو سمرة/ الأناضول
باتت عائلة الفلسطيني أشرف النوباني (45 عاما) مشتتة تنتقل من بيت إلى آخر، بينما حوّل الجيش الإسرائيلي منزلها وسط مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة إلى ثكنة عسكرية.
وتؤكد العائلة، التي تسكن حاليا في حي الهدف المجاور للمخيم، أنها فقدت مصدر رزقها، وقتل كل من نجلها محمود وزوج ابنتها، وأصيب رب الأسرة.
وقال النوباني لمراسل الأناضول: “خرجت (من منزلي) على عكازات منذ اللحظة الأولى للعملية العسكرية لوضعي الصعب الذي يحتاج إلى العلاج؛ جراء إصابة تعرضت لها في قصف إسرائيلي في يوليو/ تموز العام الماضي”.
ويقع منزل العائلة في شارع السكة بالمخيم، والذي يتخذ الجيش الإسرائيلي منه مركزا لعدوانه الدموي والمدمر.
ومن حي الهدف يمكن للنوباني أن يرى منزله ومنازل أخرى في المخيم، وقال: “الشوق يملأ فؤادي.. سأعود للمخيم فور الانسحاب الإسرائيلي”.
ورغم ما يجري من أعمال تدمير وتخريب إسرائيلية، إلا أن النوباني يرى أن “العودة للمخيم قريبة، ولن تطول”.
ومرارا تعرض مخيم جنين لعدوان عسكري إسرائيلي، لكن عائلة النوباني لم تفارق منزلها، غير أنها أُجبرت على ذلك هذه المرة، لحاجة رب الأسرة لعلاج مستمر.
وأُصيب النوباني في قصف إسرائيلي راح ضحيته 6 شباب، بينهم نجله البكر محمود (14 عاما)، بينما كانوا يتسامرون أمام منزل العائلة.
وقال إنه يعاني من ضغط في البصر وضعف في السمع وما يزال يُعالج.
كما فقد مصدر رزقه الوحيد، وهو شاحنة لنقل البضائع دمرتها آليات عسكرية إسرائيلية.
وتابع: “أنا اليوم بلا عمل، وأرعى أسرة من 12 نفرا، بينهم ابنتي زوجة شهيد وأطفالها الأربعة”.
وعن البعد عن المنزل والمخيم، قال: “شعور صعب للغاية أن تعيش خارج المنزل بعيدا عن المكان الذي ولدت وكبرت فيه، وبعيدا عن ذكرياتك”.
وأردف: “سأعود من أجل أن أشتم رائحة نجلي الشهيد في البيت، البيت ليس عبارة عن حجارة، هو ذكريات وحياة”.
** ملابس الشهيد
بحسرة، قالت زوجته سميرة: “من الصعب عليك أن تعيش في بيوت بالأجرة وتتنقل من بيت إلى آخر، وبيتك أمامك يسكنه جنود الجيش الإسرائيلي”.
وأردفت: “هنا أعيش وسط عائلات تحترمنا، وتقدم لنا يد العون، لكن لا شيء كما بيتك، حاجاتك، خصوصيتك”.
واستطردت: “شعور صعب جدا ويوجع أنك قريب من بيتك ومخيمك، لا يفصلك سوى أمتار ولا يمكنك أن تصل إليه بفعل الرصاص والاحتلال”.
“أنظر من بعيد، وأتمنى أن أعود لأضم ملابس وحاجات ابني الشهيد.. كل شيء لي من خصوصيات وذكريات تركتها في المخيم”، كما أردفت الأم.
وتابعت: “صحيح أن بيتي لم يُهدم، ولكن لا نعلم ماذا فعل به الاحتلال بعد أن حوله لنقطة عسكرية”.
وبوتيرة شبه يومية تصل سميرة إلى محيط المخيم لتتفقده من بعيد، لكنها لم تقدر على العودة إليه، حيث فوهات البنادق والدبابات الإسرائيلية.
** نزوح وتدمير
وتواصل آليات الجيش الإسرائيلي عمليات هدم منازل فلسطينية في مخيم جنين، حسب رئيس بلدية جنين محمد جرار في حديث سابق للأناضول.
وأفاد بأن “الاحتلال دمر نحو 600 منزل بشكل كامل، إضافة إلى أن كافة بيوت ومنازل المخيم لحقها دمار جزئي، وأصبحت غير صالحة للسكن”.
وأضاف جرار أن 21 ألف فلسطيني نزحوا من مخيم جنين ومحيطه منذ بدء العدوان العسكري الإسرائيلي، الذي قتل 39 مواطنا.
ومنذ 21 يناير/ كانون الثاني الماضي يشن الجيش الإسرائيلي عدوانا على مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس شمالي الضفة الغربية.
وأسفر هذا العدوان عن مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين، فيما تقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن 40 ألف فلسطيني نزحوا قسرا من المخيمات الثلاث.
وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية بغزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى لاستشهاد أكثر من 956 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، واعتقال 16 ألفا و400، وفق معطيات فلسطينية.
وتحذر السلطة الفلسطينية من أن هذا العدوان، بما يتضمنه من تدمير وتهجير، هو أحد أدوات إسرائيل لضم الضفة الغربية المحتلة إليها، ما يعني نهاية إمكانية تطبيق مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة، خلًفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وتحاصر إسرائيل غزة للعام الـ18، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ودخلت غزة مرحلة المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.