بعد تحذيرات ترامب.. روسيا تعلن استعدادها لإبرام اتفاق مع أوكرانيا لإنهاء الحرب وواشنطن تطالب كييف بتقديم “تنازلات” كبيرة

واشنطن- (أ ف ب) – أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس، أن موسكو مستعدّة لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد تحذير وجهه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على خلفية ضربات دامية استهدفت كييف ليل الأربعاء الخميس.
وأسفر الهجوم الروسي الذي استهدف ست مناطق بـ70 صاروخا و145 مسيّرة، عن مقتل 12 شخصا في كييف، وفقا للسلطات الأوكرانية، بينما جاء في وقت تشهد المفاوضات الشاقّة التي يقودها ترامب، توترات بشأن قضية شبه جزيرة القرم.
وقال لافروف في مقابلة مع قناة “سي بي اس” الأميركية، إنّ ترامب “يتحدث عن اتفاق، ونحن مستعدون لإبرام اتفاق، لكنّ بعضا من العناصر المحدّدة لا يزال يحتاج إلى ضبط دقيق”.
وأضاف “هناك مؤشرات تدل على أننا نسير في الاتجاه الصحيح”، معتبرا أن ترامب “قد يكون الزعيم الوحيد على هذا الكوكب الذي يدرك ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للوضع”.
وصرّح الرئيس الأميركي هذا الأسبوع بأنّه “قريب للغاية” من تسوية مع روسيا تضع حدا للحرب التي اندلعت جراء الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
وألقى ترامب باللوم على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الجمود الحالي في المفاوضات، بينما تشير المعلومات التي أفاد بها مسؤولون أميركيون إلى طلب تنازلات كبيرة من جانب كييف. غير أنّ عمليات القصف الدامية دفعت ترامب إلى التخلّي عن النبرة التصالحية التي تبنّاها أخيرا تجاه بوتين.
وفي تصريح مقتضب وغاضب عبر منصته تروث سوشال، قال “فلاديمير، توقف!”، مضيفا أنّه “ليس راضٍ عن هذه الضربات التي حدثت في “توقيت سيّئ جدا”.
– صاروخ كوري شمالي –
وفي حين أعلن الجيش الروسي أنّه شنّ “هجوما ضخما بأسلحة دقيقة بعيدة المدى” على العديد من الشركات المرتبطة بالمجمع العسكري الصناعي في أوكرانيا، شدّد لافروف في المقابلة مع “سي بي اس” على أنّ القوات الروسية لا تستهدف “إلا أهدافا عسكرية أو مواقع مدنية يستخدمها الجيش”.
وتعتبر حصيلة القتلى في العاصمة وحدها، من الأعلى منذ أشهر.
وفي شارع متضرّر جراء القصف في غرب كييف، شاهد صحافيو وكالة فرانس برس جثثا ملقاة على الأرض ومباني متضرّرة ومتفحّمة، وعناصر إنقاذ يبحثون عن ضحايا أو ناجين بين الأنقاض.
واتهم فولوديمير زيلينسكي الذي اختصر زيارته لجنوب إفريقيا، روسيا باستخدام صاروخ “مصنّع في كوريا الشمالية” في هذه الضربات.
وأكد أن الجيش الروسي حاول الاستفادة من عمليات القصف الجوي الضخمة، لتكثيف هجومه البري.
وقال على تلغرام “بينما ركّزت غالبية قواتنا على الحماية من الصواريخ والطائرات المسيّرة، كثّف الروس هجماتهم البرية بشكل كبير”، مضيفا أنّه تمّ التصدّي لهذا الهجوم.
– “ضغط على روسيا” –
وتأتي موجة الصواريخ والمسيّرات المتفجّرة التي أطلقتها روسيا، في لحظة حاسمة من عملية التفاوض التي بدأها ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص من الجانبين.
ومن المتوقع وصول البعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى موسكو في وقت لاحق هذا الأسبوع، بينما سيشارك دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي في مراسم جنازة البابا فرنسيس في روما السبت.
وأفادت معلومات صحافية عن أجراء محادثات روسية-أميركية بشأن الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، والتي كانت قد استولت عليها موسكو في العام 2014.
ومن دون الاعتراف صراحة بهذه النقطة، اعتبر الرئيس الأميركي هذا الأسبوع أنّ هذه المنطقة “خسرتها” أوكرانيا، في حين اقتراح نائبه جاي دي فانس “تجميد الخطوط على الأرض عند مستوى قريب مما هي عليه الآن” والقيام بـ”تبادل أراضٍ” بين أوكرانيا وروسيا.
وتطرّق الرئيس الأوكراني إلى هذه المسألة قبل مغادرته بريتوريا على عجل الخميس، وقال “نقوم بكل ما ما اقترحه شركاؤنا، باستثناء ما يتعارض مع تشريعاتنا ومع الدستور” الأوكراني بشأن وحدة أراضي البلاد، بما في ذلك القرم، مطالبا بدلا من ذلك بممارسة “مزيد من الضغط على روسيا”.
وفي السياق، أكد الرئيس الأميركي أمام الصحافيين الخميس، أنّ الولايات المتحدة تمارس “ضغوطا قوية” على روسيا لإنهاء الحرب، معتبرا في الوقت ذاته أنّ موسكو “ستقدّم تنازلا كبيرا” بالموافقة على عدم الاستيلاء على البلاد بأكملها.
من جانبه، أبدى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته الذي استقبله ترامب، اختلافا مع تصريحات الأخير التي اتهم فيها كييف بعرقلة مفاوضات السلام.
وقال روته في واشنطن “أعتقد أنّ هناك شيئا على الطاولة، الأوكرانيون يلعبون اللعبة حقا. وأعتقد أنّ الكرة في ملعب روسيا بشكل واضح”، مضيفا “لقد اتُخذت خطوات عملاقة في الأيام الأخيرة”.