محمد جواد أرويلي: معرض مسقط للكتاب..حين تلتقي الثقافة بالدبلوماسية في لحظة فارقة

محمد جواد أرويلي: معرض مسقط للكتاب..حين تلتقي الثقافة بالدبلوماسية في لحظة فارقة

محمد جواد أرويلي
قبل عام، أتيحت لي فرصة زيارة معرض مسقط الدولي للكتاب، وكنت شاهدًا على روح الانفتاح والتنوع الثقافي التي تميز هذا الحدث الكبير. معرض لا يشبه غيره؛ هادئ، أنيق، يحتفي بالكلمة ويعلي شأن الحوار، بما يجعله بحق إحدى المنصات الإقليمية الأبرز التي تدمج بين الثقافة والدبلوماسية.
واليوم، تتكرر هذه الرمزية، ولكن بإيقاع مختلف وأكثر دلالة؛ حيث قام عباس عراقجي وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بزيارة معرض مسقط الدولي للكتاب، لتوقيع الترجمة العربية لكتابه “قوة التفاوض”، في خطوة تحمل بين طياتها أبعادًا ثقافية ودبلوماسية لافتة.
 وبينما كانت تستعد سلطنة عمان لاستضافة الجولة الثالثة من المحادثات الايرانية الأمريكية في مسقط، تبدو زيارة الوزير الإيراني للمعرض أكثر من مجرد حضور ثقافي؛ بل هي رسالة دبلوماسية ناعمة تؤكد مكانة عمان كوسيط موثوق به، يجمع الفرقاء تحت مظلة الحوار الهادئ بعيدًا عن صخب السياسة.
كما يأتي هذا الاختيار انسجامًا مع دور عمان المعروف في دعم التفاهمات الإقليمية والدولية، بما يتلاءم مع الرسالة الجوهرية للكتاب، الذي يتناول أهمية التفاوض والبحث عن حلول دبلوماسية وسلمية للنزاعات.
من خلال تجربتي الشخصية في المعرض ، لمست كيف تتعانق في هذا الفضاء إرادة المثقفين، فالكتب هناك لا تباع فقط، بل تخلق حوارات بين الثقافات، وتبني جسورًا تمتد من الخليج إلى أقاصي الشرق والغرب.
اليوم،يتعزز الدور الثقافي والسياسي لمعرض مسقط الدولي للكتاب أكثر فأكثر. فالكتاب الذي يتحدث عن فن التفاوض، يجد بيئة طبيعية لعرض أفكاره في بلد عُرف بتقنياته الرفيعة في إدارة الحوار واحتواء الصراعات.
توقيع وزير الخارجية الإيراني لكتابه في معرض مسقط لاقى أيضا تغطية إعلامية كبيرة داخل عمان وخارجها، وقد شاهدت شخصياً العديد من المقاطع المصورة التي أظهرت من زوايا مختلفة حجم الحضور الرسمي الرفيع. وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي ووزير الإعلام الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي رافقا الوزير الإيراني خلال زيارته للمعرض، في مشهد دبلوماسي عكس بوضوح حرارة العلاقات العمانية الإيرانية وأهمية هذا الحدث الرمزي.
ختامًا يمكنني القول ان معرض مسقط الدولي للكتاب يثبت مرة أخرى أن الثقافة ليست ترفًا، بل أداة أساسية لصناعة السلام. ومن المؤكد أن هذه اللحظة ستبقى عالقة في الأذهان، كدليل حي على أن الكلمة والحوار لا يزالان يملكان قدرة مذهلة في فتح نوافذ جديدة للتواصل والتفاهم وتغيير مسار الأحداث نحو الأفضل.
كاتب وصحفي ايراني