أيوب نصر: نظرة في الصراع الحالي بين باكستان والهند

أيوب نصر: نظرة في الصراع الحالي بين باكستان والهند

أيوب نصر

عرفت الأزمة الأخيرة بين باكستان والهند تسارع الأحداث وتطورها بشكل كبير ومخيف وغير متوقع، فمن قضية إتهام الهند لباكستان بدعم جماعة لشكر طيبة التي قامت بتنفيذ هجوم مسلح في وادي بيساران بالقرب من باهالجام في منطقة أنانتناج في جامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية والذي أدى إلى مقتل 26 سائحًا  وإصابة أكثر من 20 آخرين،
فمن قضية إتهام الهند لباكستان بءلك  إلى تعليق الهند العمل بمعاهدة مياه نهر السند مع باكستان وقيام باكستان أيضا بتعليق العمل باتفاقية شيملا، وكل هذا وغيره من الإجراءات وردود الأفعال التصعيدية تم داخل 48 ساعة الأولى.
تسارع ردود الأفعال بهذه الوثيرة وبهذا النمط المهول، يمكن أن نستدل به على وجود قوى أخرى خارجية تعمل على أن يتطور الصراع بين الهند وباكستان ويتطور، وذلك قصد خلق الفوضى والنزاعات  لتحقيق مصالح لها في أوراسيا وشبه الجزيرة الأسيوية
قبل أيام أعلن الكريملن عن رفع حركة طالبان، التي تحكم أفغانستان، من قوائم الحظر والإرهاب، وذلك لحالة الاستقطاب الحاصلة بين روسيا والغرب، ومحاولة الغرب التضييق على روسيا والصين في مجاليهما الحيوي، وخاصة أوراسيا، فمن يحكم أوراسيا ويبسط نفوذه فيها، سيحكم العالم، والغرب يود حصر الصين والروس فيها، ولهذا ذهبت روسيا إلى رفع الحظر عن جماعة طالبان.
وفي الثالث من فبراير الماضي نشر لي مقال بمجموعة من الصحف العربية، تحت عنوان: “ماذا بعد الصراع في الشرق الادنى؟” استشرفت فيه الأسباب التي حملت الدول العظمى على إيقاف الحرب في الشرق الأوسط وخاصة في سوريا، وكيف غامرت بمصالحها فيه، وتسائلت: “وما الذي حمل الجميع على إيقاف حروب لم يكن يخطر على خيال متخيل أو وهم متوهم، أن تكون نهايتها قريبة وبهذه السرعة؟”
وقلت مجيبا على سؤالي: “إن كلمة السر هنا هي أوراسيا (والمراد بها هنا المعنى السياسي لا الجغرافي)، فالأطراف العالمية (أمريكا وروسيا والصين) والإقليمية (تركيا وإيران) التي كان لها دور كبير وكانت فاعلًا رئيسًا في الصراع الحاصل في الشرق الأدنى، تريد جميعها أن تتفرغ للصراع في أوراسيا.”
إن ما يحدث اليوم من صراع بين باكستان والهند، ما هو إلا امتداد للصراع الذي كان بين القوى العالمية في الشرق الأدنى، وخاصة في سوريا، والذي سيحدد شكل النظام العالمي هو الصراع الحالي في أوراسيا.
كاتب وباحث مغربي مهتم بالشأن الأوراسي والعلاقات الدولية