التجاني صلاح عبد الله: تحية إلى “ابتهال ابو السعد” المغربية الاصيلة

التجاني صلاح عبد الله: تحية إلى “ابتهال ابو السعد” المغربية الاصيلة

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر

 

التجاني صلاح عبد الله
عندما كتبت قبل بضع سنوات عن السيدة “ريما خلف” الأردنية،  التي استقالت من منصبها كأمينة تنفيذية للمجموعة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) ESCWA التي تتبع ل-هيئة الأمم المتحدة ، بعد رفض التقرير الذي قدمته المجموعة، والذي كان يثبت بأدلته الدامغة ممارسة إسرائيل للأبارتايد، أو التمييز العنصري، والهيمنة العرقية التي تمارسها إسرائيل على الفلسطينيين، والذي كان في توصياته إعادة إحياء لجنة الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة الفصل العنصري، ومركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري اللذين توقف عملهما عام 1994 ، عندما اعتقد العالم أنه تخلص من الفصل العنصري البغيض بسقوط نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا، وذكرت ان سيادتها قد ألقمت الأمم المتحدة وأمينها العام، الذين لا يتوقع منهم رد فعل سوى القلق، أو الانزعاج في كل القضايا والأزمات العربية، ألقمتهم حجرًا باستقالتها من منصبها، وان سيادتها قد أهالت بذلك شيئًا من التراب على خيالات المآتة من أنظمتنا العربية، ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه..عندما كتبت ذلك المقال وقتها، توقعت نماذج مشابهة لذات المسلك من شرفاء الامة وذوي الضمير اليقظ ، والمبادئ الراسخة ، وها هي بالفعل “ابتهال ابو السعد” من المغرب الحبيب، ترفع ذات الراية وذات الحجر، وتلقم  شركة مايكروسوفت العالمية ايضا حجرا في افواههم، وتهيل ذات التراب على خيالات المآتة من انظمتنا العربية.
 “ابتهال ابو السعد” هي مهندسة ومبرمجة مغربية، تخرجت في جامعة هارفارد الأميركية، وتخصصت في الذكاء الاصطناعي، وعملت لدى شركة مايكروسوفت العالمية في عام 2022 في قسم الذكاء الاصطناعي، كما عُينت أيضا ضمن فريق يعمل على تطوير تقنيات متقدمة ومنتجات للشركة، مثل برنامج الخدمات السحابية “مايكروسوفت أزور” (Microsoft Azure). وعملت “ابتهال” أيضا ضمن الفريق الذي كلفته مايكروسوفت بتطوير تقنيات تستخدم في مجالات مثل المراقبة والتحليل البياني.وفي الذكرى الخمسين لتأسيس شركة مايكروسوفت كما تابع الراي العام مؤخرا في الأيام الماضية صدعت ” ابتهال ” بكلمة الحق ، ولم تخشى لومة لائم، واحتجت بصوت عال،  اجبر العالم كله على احترامها، وتقدير موقفها البطولي، في وقت تخاذل فيه الكثير من أبناء الامة عن نصرة فلسطين ومساندة الغزاويين، وهم يقدمون أروع البطولات، وأعز التضحيات ،ليس معهم الا الله رب العالمين، امام صلف وبطش إسرائيل والولايات المتحدة،وتجاهل وتعامي الدول العربية والاسلامية، احتجت امام مديرها التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي “مصطفى سليمان” (وهو بريطاني من أصل سوري، لا ندري لم لم تتحرك فيه النخوة العربية، مثلما تحرك الغضب العربي في عروق “ابتهال ابو السعد” !) على تواطؤ الشركة  وتعاونها الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي عن طريق تسخير أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لخدمة إسرائيل، وقالت في كلمات صلبة وقوية: عار عليك يا مصطفى أنت تزعم أنك تهتم باستخدام الذكاء الاصطناعي للخير، لكن مايكروسوفت تبيع أسلحة الذكاء الاصطناعي إلى الجيش الإسرائيلي. خمسين ألف شخص ماتوا، ومايكروسوفت تدعم هذه الإبادة الجماعية في منطقتنا!.
وفي رسالة ايضا بعثت بها “ابتهال” الى اصدقائها، ذكرت حجم التعامل الذي كانت تقدمه الشركة ل-إسرائيل قالت: أعمل مهندسة برمجيات في قسم منصة الذكاء الاصطناعي بشركة مايكروسوفت منذ 3.5 سنوات. وتحدثتُ اليوم، لأنني اكتشفتُ أن قسمي يُمكّن الإبادة الجماعية لشعبي في فلسطين، لم أجد خيارا أخلاقيّا آخر، خاصة بعد أن رأيت كيف تُحاول مايكروسوفت قمع أي معارضة من زملائي الذين حاولوا تسليط الضوء على هذه القضية. على مدى العام ونصف الماضي، تم إسكات وتخويف ومضايقة مجتمعنا العربي والفلسطيني والإسلامي في مايكروسوفت، دون أي محاسبة محاولاتنا للتعبير عن رأينا، قوبلت إما بالصّمم أو بفصل موظفين لمجرد إقامة وقفة صمت. لم يكن هناك طريق آخر لجعل أصواتنا مسموعة عندما انتقلت إلى قسم منصة الذكاء الاصطناعي، كنت متحمسة للمساهمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة وتطبيقاتها لصالح البشرية..لم أُخبَر أن مايكروسوفت سوف تبيع عملي للجيش والحكومة الإسرائيلية، بغرض التجسّس وقتل الصحفيين والأطباء وعمال الإغاثة وعائلات مدنية بأكملها، لو علمت أن عملي في تحويل المحادثات الصوتية سوف يُستخدم للتجسس على الفلسطينيين واستهدافهم، لما انضممت إلى هذه الشركة وساهمت في الإبادة الجماعية، لم أوقّع لكتابة أكواد تنتهك حقوق الإنسان.. قد يلاحقونني بسبب ما قلته، لكن خوفي من الانتقام لا يقارن حتى بخوفي من المساهمة في التقنيات المستخدمة لقصف الأبرياء.. بالنسبة لي، أعظم مخاوفي هو أن أستيقظ في يوم عمل عادي لأكتشف أن الشيفرة التي كتبتها ربما لعبت دورًا في قتل أطفال. هذه هي الفكرة المزعجة التي استحوذت عليّ أكثر من أي شيء آخر. لهذا السبب تحدثتُ بصراحة، مُدركة تمامًا أن العواقب قد تكو،  وخوفي من المساهمة في الإبادة الجماعية في غزة أكبر بكثير.. ما يقلقني حقًا هو تواطؤ مايكروسوفت في هذه الإبادة الجماعية. بصراحة، لا شيء يتجاوز هذا الخط الأحمر بوضوح أكبر.. إن معرفة أن شفرتنا تُستخدم في القصف والمراقبة واستهداف المدنيين، هو ما يبقيني مستيقظًا في الليل أكثر من أي عواقب شخصية قد أواجهها بسبب اتخاذ موقف.
لا املك ازاء ما قالته “ابتهال أبو السعد” وما قامت به امام  شركة ميكروسوفت، التي تعتبر شريكا أولا فيما يلاقيه الاهل في فلسطين من صنوف الموت والتقتيل والابادة الجماعية المفزعة، والتهجير القسري والنزوح، لا أملك الا ان نقدم لها التحية والتمجيد، ونثمن لها هذا الموقف البطولي الرائع، والذي نتمنى ان تتبعه صحوات كثيرة للضمير الإنساني في مختلف بقاع الأرض أمام بربرية وهمجية الولايات المتحدة وإسرائيل. مرة أخرى التحية ل-“ابتهال أبو السعد “ولكل المناضلين والداعمين لقضية المسلمين الأولى.