د. جاسم يونس الحريري: التقارب السعودي – الايراني الاسباب والنتائج

د. جاسم يونس الحريري: التقارب السعودي – الايراني الاسباب والنتائج

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر

 

 

د. جاسم يونس الحريري

أجرى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اتصالاً هاتفياً مع رئيس مجلس الوزراء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتهنئته بعيد الفطر2025. الملفت في البيان الإيراني أنه تطرّق إلى مواقف ولي العهد السعودي، عن أن التعاون بين إيران والسعودية والدول الأخرى في المنطقة، يمكن أن “يسهم بشكل فعّال في تعزيز الاستقرار وإرساء السلام، وأن الرياض مستعدة للعب دور في المساعدة على حل أي توتر وزعزعة للأمن في المنطقة”.وقال: “مثلما قلتم في كلامكم، إذا وضعت الدول الإسلامية أيديها بأيدي البعض، فإنها تستطيع وقف جرائم الكيان الصهيوني ضد أهل غزة المظلومين، وإرساء الاستقرار والسلام، والعمل من أجل المزيد من الرخاء في المنطقة”.وأضاف أن إيران “لم تسع قط إلى الحرب أو الصراع، ولا مكان للاستخدام غير السلمي للطاقة النووية في عقيدتنا الأمنية والدفاعية، ومن الممكن أن يتم التحقق بشكل كامل من الأنشطة النووية لإيران، كما حدث في كل الأعوام السابقة”.وتابع أن بلاده “مستعدة للتفاعل والتفاوض من أجل حل بعض التوترات، على أساس المصالح  والاحترام المتبادل”، وقال: “نحن لا نبحث عن الحرب مع أي دولة، لكننا لا نتردد في الدفاع عن أنفسنا، وجاهزيتنا وقدراتنا في هذا الصدد هي في أعلى مستوى”.وهناك تسريبات الموافقة لإيران على نشر صواريخ دفاعية في الجزر التي تُسيطر عليها في الخليج العربي.
تحليل واستنتاج:-
1.يعتبر الاتفاق الايراني السعودي الذي وقع في السابع من مارس2023في بكين نقطة فاصلة في العلاقات بين البلدين بعد تبادل السفراء والزيارات المكوكية بين مسؤولي إيران والسعودية والمباحثات الأمنية بين الجهات المعنية لدى البلدين.

أن تطبيع العلاقات بينهما انعكس إيجابا على علاقات طهران مع عدد من الدول العربية الأخرى، مثل البحرين ومصر والأردن، ذلك أن الولوج عبر بوابة السعودية قادر على فتح العديد من الأبواب الموصدة بوجه طهران في غرب آسيا وشمال أفريقيا.

أن المصالحة الإيرانية السعودية “قد عرقلت بالفعل مسلسل التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، وقلّصت النفوذ الأميركي في منطقة غرب آسيا، إذ إننا نرى عدم مسايرة الرياض سياسات التحالف الأميركي البريطاني في البحر الأحمر، كما أنها أسهمت في إبعاد شبح التوتر عن المنطقة.

أن المواقف القريبة جدا لكل من طهران والرياض حول ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة خير دليل على نجاعة المصالحة بينهما وانعكاساتها على الملفات الإقليمية.

استطاعت الصين أن توظف علاقاتها المتميزة مع الجانبين في إحداث اختراق يعد استثنائيا ومكسبا للدبلوماسية الصينية. وتعطي الخطوة دلالة واضحة على سعي بكين لتطوير حضورها في منطقة الخليج العربي وأداء دور جديد في مساعي تعزيز استقرار المنطقة ذات الأهمية الكبيرة للصين كونها المستورد الأكبر للنفط من المنطقة.

وفي ظل تصاعد التنافس مع الولايات المتحدة، تسعى الصين لتجاوز المساعي الأميركية لمحاصرتها في مجالها الحيوي واحتواء الجهود الصينية للاضطلاع بأدوار دولية. وقد أسهمت الرعاية الصينية للاتفاق في تحقيق بكين إنجازًا على حساب النفوذ الأميركي التقليدي في السياسة الإقليمية للشرق الأوسط، الأمر الذي يمنح الصين خطوة مميزة في تأمين إمداداتها النفطية من المنطقة.

تسعى السعودية لتعزيز نفوذها في المنطقة في ظل مقاربتها الواسعة لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي وإطلاق حملة مشاريع تنموية واسعة، حيث من المتوقع أن يسهم الاتفاق في تخفيف حدة الاشتباك غير المباشر مع طهران في عدد من الساحات. ففي اليمن، الذي يشهد منذ أكثر من عام هدنة سعودية مع جماعة الحوثي، ستدفع استعادة العلاقة مع طهران إلى توسيع بيئة الهدنة وربما الانتقال بها إلى مرحلة جديدة في طريق إنهاء الحرب وإطلاق مسار موسع لحل سياسي للأزمة اليمنية.

ترى إيران أن الاتفاق مع السعودية وبرعاية الصين يسهم في كسر العزلة الدولية التي تحاول الولايات المتحدة فرضها عليها. ففي ظل تعثر العودة للاتفاق النووي مع مجموعة “5+1” وفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية وتصاعد الاحتجاجات الداخلية في الأشهر الماضية في إيران والاتهامات الغربية لطهران في دعم موسكو في حربها في أوكرانيا، يأتي الاتفاق ليخفف الضغط الخارجي والداخلي على طهران.

وتسعى إيران كي يشكل الاتفاق مدخلا لكسر الحصار الاقتصادي والتجاري والدبلوماسي المفروض عليها. من ناحية أخرى، يُعقّد الاتفاق السعودي الإيراني محاولات ((إسرائيل)) لصوغ تحالف إقليمي واسع ضد إيران في المنطقة.

بدت الرعاية الصينية للاتفاق تقدمًا لبكين على حساب النفوذ التقليدي للولايات المتحدة في المنطقة، الأمر الذي يزيد من الحساسية التي تبديها واشنطن إزاء أدوار الصين المتنامية في عدة مناطق بالعالم.

 بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
[email protected]