أسعار الشوكولاتة تحلّق… وهذه الأسباب الحقيقية

أسعار الشوكولاتة تحلّق… وهذه الأسباب الحقيقية

لندن-راي اليوم
خلال الأشهر الأخيرة، لاحظ عشاق الشوكولاتة حول العالم قفزة لافتة في أسعار منتجاتهم المفضلة، من ألواح الحلوى وكعك الأعياد إلى مسحوق الكاكاو نفسه. فما الذي يحدث تحديدًا في سوق الشوكولاتة؟
قفزة غير مسبوقة في الأسعار
في مشهد يعكس أزمة حقيقية، قفزت أسعار الكاكاو بنسبة تصل إلى 300% خلال عام واحد، مما انعكس بشكل مباشر على أسعار الشوكولاتة، التي ارتفعت بمعدلات لم يشهدها السوق من قبل. وفقًا لتقديرات بنك “ويلز فارجو”، كانت الزيادة في أسعار الشوكولاتة خلال عيد الحب 2024 أعلى بخمسة أضعاف مقارنة بالعام السابق.
على سبيل المثال، ارتفع سعر لوح شوكولاتة “ريسيز هارتس” الكبير بنسبة 13% في فبراير/شباط 2024، بينما شهدت الأسواق البريطانية مفارقات أكثر إثارة؛ إذ قفز سعر بيضة شوكولاتة “تويكس” البيضاء بنسبة 47% مع تقليص وزنها بشكل ملحوظ.
ورغم تراجع أسعار الكاكاو بنسبة 20% منذ ذروتها في ديسمبر/كانون الأول 2024، إلا أن أسعار الشوكولاتة ما تزال مرتفعة، لتصبح رمزًا آخر للأزمة الغذائية العالمية.
مناخ مضطرب… ومزارع تتلاشى
وراء هذا الارتفاع الحاد تقف عوامل عدة، أبرزها التقلبات المناخية التي عصفت بمزارع الكاكاو، خصوصًا في غرب أفريقيا، حيث تنتج دول مثل غانا وكوت ديفوار ثلثي الكاكاو العالمي. الأمطار الغزيرة التي أغرقت الحقول عام 2023، تبعها جفاف قاسٍ في 2024، ما أدى إلى تدمير مساحات شاسعة من المحاصيل.
تقول أمبر ساوير من “مركز الطاقة والمناخ”، إن تأثير تغير المناخ على الشوكولاتة “ليس مفاجئًا”، بل هو حلقة ضمن سلسلة طويلة من المواد الغذائية التي باتت تواجه مستقبلًا ضبابيًا بفعل الطقس المتطرف.
أزمات مركبة: قوانين بيئية وأمراض فتاكة
ولم يكن الطقس وحده وراء الأزمة. ففي سعيها للحد من إزالة الغابات، فرضت حكومات غرب أفريقيا قيودًا على توسع مزارع الكاكاو، مما ضغط على العرض العالمي.
زاد الطين بلة انتشار فيروس “تورم حبوب الكاكاو” الذي التهم المحاصيل في كوت ديفوار، فيما اجتذبت أنشطة تعدين الذهب غير القانوني في غانا أعدادًا كبيرة من المزارعين، الباحثين عن مصادر دخل أسرع من زراعة الكاكاو.
كيف تحاول الشركات التكيّف؟
مع ارتفاع الأسعار، لجأت شركات الشوكولاتة إلى استراتيجيات مختلفة: بعض العلامات التجارية رفعت الأسعار بشكل مباشر، وأخرى عمدت إلى تقليص حجم المنتجات أو تقليل نسبة الكاكاو فيها.
كما بدأت بعض الشركات استكشاف طرق بديلة، مثل استخدام نكهات جديدة أو تطوير منتجات خالية من الكاكاو، على غرار شراكة “كارغيل” مع “فوياج فودز” لإطلاق شوكولاتة بديلة.
ماذا عن المستقبل؟
رغم توقعات بتحقيق فائض إنتاجي طفيف خلال موسم 2024-2025، إلا أن خبراء يحذرون من استمرار تقلب الأسعار تحت تأثير تغير المناخ والعوامل الاقتصادية والاجتماعية. من ناحية أخرى، قد يؤدي تنامي الابتكار في بدائل الشوكولاتة إلى تحول تدريجي في تفضيلات المستهلكين خلال السنوات المقبلة.
في النهاية، يبدو أن قطعة الشوكولاتة التي طالما كانت رمزًا للمتعة، أصبحت اليوم تعبيرًا مكلفًا عن التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه العالم.