الجفاف يفرض واقعاً جديداً… المغرب يتجه لري مليون هكتار لزراعة الحبوب لأول مرة

الجفاف يفرض واقعاً جديداً… المغرب يتجه لري مليون هكتار لزراعة الحبوب لأول مرة

لندن-راي اليوم
في خطوة غير مسبوقة بتاريخها الزراعي، يستعد المملكة المغربية لاعتماد الري على مساحات شاسعة مخصصة لزراعة الحبوب، بهدف تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، في ظل التحديات المناخية المتزايدة.
أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كشف في مقابلة مع “الشرق” أن الإنتاج المتوقع من الحبوب للموسم الفلاحي 2024-2025 سيبلغ حوالي 4.4 ملايين طن، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 41% مقارنة بالموسم السابق. ويعود هذا التحسن إلى زيادة معدلات التساقطات المطرية خلال شهري مارس وأبريل، بعد بداية موسم شهد نقصاً كبيراً في الأمطار وتراجع المساحات المزروعة.
وأضاف الوزير أن الناتج الداخلي الخام الفلاحي للعام الحالي مرشح للنمو بنسبة 5.1%، مقارنة بانكماش قدره 4.8% العام الماضي، في مؤشر واضح على التعافي بعد ست سنوات من توالي مواسم الجفاف التي أرغمت المملكة على تكثيف استيراد الحبوب من الخارج.
برنامج طموح لريّ مليون هكتار
ضمن خطة استراتيجية بعيدة المدى، تعتزم الوزارة إطلاق برنامج ري تكميلي يستهدف مليون هكتار من المساحات المزروعة بالحبوب، في حال عدم كفاية الأمطار. ويهدف البرنامج إلى رفع الإنتاج السنوي إلى ما بين 7 و8 ملايين طن، ومن المرتقب أن يبدأ التنفيذ هذا العام في بعض المناطق المختارة.
ويعتمد هذا التوجه الجديد على تحلية مياه البحر والفائض المخزن في السدود لتأمين كميات الري اللازمة، مع تركيز الجهود على المساحات البورية التي تشكل الغالبية العظمى من الحقول المزروعة بالحبوب في المملكة.
التقليل من الاعتماد على الواردات
رغم هذه الجهود، ما تزال الحاجة السنوية للمغرب تتجاوز 10 ملايين طن من الحبوب. وقد استوردت المملكة العام الماضي نحو 10.2 ملايين طن بزيادة 10% عن العام الذي قبله، بحسب الجامعة الوطنية لتجار الحبوب والقطاني. وشكلت فرنسا وأوكرانيا وروسيا أهم مصادر التوريد.
وفيما بلغت كلفة استيراد القمح فقط نحو 1.7 مليار دولار العام الماضي، مسجلة انخفاضاً طفيفاً بنسبة 7.9% وفقاً لمكتب الصرف الحكومي، تسعى الرباط إلى تقليص هذه الفاتورة عبر تحسين الإنتاج المحلي وتبني تقنيات زراعية حديثة.
نحو زراعة مستدامة
إلى جانب الري التكميلي، تعمل وزارة الفلاحة على تشجيع تقنية الزرع المباشر للحبوب، خصوصاً في فترات الجفاف. هذه التقنية، التي تندرج ضمن أساليب الزراعة الحافظة، تساهم في الحفاظ على رطوبة التربة وتقليل استهلاك المياه، ما يدعم جهود المملكة في بناء قطاع فلاحي أكثر استدامة وقدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية.
بهذه الخطوات الطموحة، يبدو أن المغرب يسعى بقوة إلى إعادة رسم ملامح منظومته الفلاحية، ليضمن أمنه الغذائي في مواجهة مستقبل مناخي شديد التقلب.