الدكتور أيوب عثمان: من هم أولاد الكلب؟!

الدكتور أيوب عثمان
للكلب في تراثنا العربي مساحة واسعة وأهمية كبيرة. يقول ابن عباس، رضي الله عنهما: “كلب أمين خير من صديق خؤون”. وقد قيل في الصديق الوفي أنه “وفي كالكلب” أو أنه “كلب في وفائه”.
والكلب من صفاته أنه حارس صاحبه، حام لحرمته في حضوره وفي غيابه، في يقظته وفي غفلته.
وقد روي من قصص وفاء الكلب لصاحبه أن الحارث بن عصعصة خرج في واحدة من متنزهاته مع ندمائه إلا واحد منهم تخلف عنهم وراح يقضي مع زوجة الحارث وقتا، فوثب كلب الحارث عليهما فقتلهما، فلما رجع الحارث إلى بيته وجدهما مضرجين بدمائهما فعرف الحقيقة، فقال:
“وما زال يرعى ذمتي ويحوطني
ويحفظ عرسي والخليل يخون
فيا عجبا للخل يهتك حرمتي
ويا عجبا للكلب كيف يصون”
ودونما حاجة للإطالة، فإن “الكلب” الذي ظل يعرف بأنه “رمز للوفاء” قد بات اليوم يعرف بأنه “رمز للسباب والشتائم والحط من القيمة والكرامة” كأن يشتم فرد بوصفه “يا ابن الكلب”، او ان تسب مجموعة بوصفها “يا اولاد الكلب”، كما الحال في وصف رئيس سلطة المقاطعة في رام الله لرجال المقاومة وأبطالها بأنهم “أولاد الكلب”.
وتعقيبا على هذا الوصف، وردا عليه، نقول:
إن أولاد الكلب ليسوا أولئك الأبطال الذين يقاومون الاحتلال الصهيوني ويرهنون أنفسهم شهداء في سبيل الدين والوطن والقضية العربية والكرامة الوطنية، وإنما هم:
★من يصفقون-دون فهم أو وعي- لمن يصف نفسه مفاخرا بأنه “زعلطي”.
★ من ينسقون مع دولة الاحتلال وينبطحون لرغباتها وأوامر قادتها.
★من تٱمروا-وما يزالون-على غزة وأهلها وأغمضوا أعينهم وصموا ٱذانهم عن قتلها وحرقها والتنكيل بها ثم تظاهروا بالتباكي على ما حل بها.
★من يقبلون العيش تحت بساطير الاحتلال وينسقون معه ليلا ونهارا.
★من حاصروا مخيم جنين وطاردوا المقاومين وقتلوهم وزجوا بهم في السجون.
★من حاصروا غزة لصالح الاحتلال ستة عشر عاما.
★أولاد الكلب هم الذين يروجون أن تسليم المقاومة سلاحها كفيل بوقف الحرب على غزة.
★أولاد الكلب هم الذين لا هم لهم الٱن إلا كسر شوكة المقاومة وتشويه صورتها.
★أولاد الكلب هم الذين ما يزالون يسبحون بحمد أوسلو فلا يعترفون أنها أعادت قضية فلسطين إلى ما كان أسوأ قبلها بكثير كثير.
★أولاد الكلب هم الذين يفسحون المجال أمام دبابات الاحتلال وٱلياته لاقتحام مناطق السلطة بغية اعتقال من يشاؤون.
★اولاد الكلب هم الذين لا يريدون أن يفهموا أن “عدوك إذا تركته يجتاز عتبة بيتك، فإنك ستراه بالحتمية غدا في غرفة نومك وفي مطبخك.
★أولاد الكلب هم الذين لا يواجهون الاحتلال بالمقاومة وإنما بالتنسيق والمساومة واللقاءات والمجاملة.
★أولاد الكلب هم الذين لا يفهمون ولا يتعظون، ولا يريدون أن يفهموا أو يتعظوا من الرسالة التي أرادت دولة الاحتلال إيصالها حين منعت طائرة من وصف رجال المقاومة بأنهم “أولاد الكلب” من الإقلاع من عمان إلى دمشق، ما اضطره إلى السفر برا.
★أولاد الكلب هم الذين يطالبون أبطال المقاومة بتسليم سلاحهم ومغادرة مواقعهم.
★أولاد الكلب هم أولئك (الطراطير!) الذين يصفقون كالٱلات المبرمجة لكل ما يتقيأ به أبوهم من عار وعوار.
★أولاد الكلب هم أولئك الذين يظنون وهم يصفقون للعار والعوار أنهم باتوا قادرين على التعبير عن تطلعات الأطفال من شعبنا في تقرير المصير وهم تحت جحيم الإبادة.
★أولاد الكلب هم اولئك الذين جف الحياء من وجوههم إذ يصفقون لمن يشتم رجالا مقاومين أشداء وأبطالا مجاهدين شهداء رفعوا رأس الأمة كلها وأكدوا أن فلسطين لن تغيب.
★أولاد الكلب هم الذين يصفقون لمن خان القدس في أوسلو، ولمن خان الدماء عبر التنسيق الأمني (المقدس) ولمن بلغ به الحقد أن يلعن من دافعوا عن القدس والاقصى وغزة.
★أولاد الكلب هم الذين يصفقون بلا حساب لمن أدار ظهره وأغلق عينيه وصم أذنيه عن نحو ستين ألف شهيد ونحو مئتي الف جريح ومفقود باتوا بلا مأوى.
وبعد، وبعد، وبعد، فماذا عسى المرء أن يقول، فيما صفحات تنفتح، فيما نحن الٱن فيه، على صفحات أخر من قول يتواصل، وقرائن لا تنتهي، وكلام له مبتدأ معروف وخبر غير مألوف.
كاتب فلسطيني