“العدالة والتنمية” يحذر من تراجع البناء الديمقراطي ويشدد على تخليق الحياة السياسية.. و”حزب التقدم والاشتراكية” ينتقد بشدة أداء الحكومة ويعبر عن تضامنه مع فلسطين

الرباط ـ “رأي اليوم” ـ نبيل بكاني:
أكد حزب العدالة والتنمية أن المسار الديمقراطي بالمغرب تعرض خلال السنوات القليلة الماضية لهزات عميقة أدت إلى تراجع كبير في مصداقيته، وهو ما انعكس بشكل سلبي على ثقة المواطنات والمواطنين في الحياة السياسية.
وأوضح الحزب أن هذا التراجع ساهم بشكل واضح في إضعاف الإيمان بجدوى المشاركة السياسية، سواء تعلق الأمر بالتصويت أو الانخراط في العمل الحزبي، وهو ما جعل الحاجة ملحة اليوم لإعادة الاعتبار للمسار الديمقراطي وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة.
وفي تقريره السياسي الذي قدمه خلال افتتاح أعمال مؤتمره الوطني التاسع بمدينة بوزنيقة، شدد حزب العدالة والتنمية على أن البلاد اليوم في حاجة ماسة إلى ما وصفه بـ”عملية تخليق شاملة”، تكون كفيلة بإعادة بث نفس سياسي وحقوقي جديد، يقوم على استحضار روح الإنصاف والمصالحة التي سبق أن شكلت مرجعية رئيسية في بناء الثقة بين الدولة والمجتمع.
واعتبر الحزب أن التحديات التي تواجهها البلاد خارجياً، من مناورات تستهدف السيادة الوطنية والوحدة الترابية، تتطلب تقوية الجبهة الداخلية وتماسكها، وهو أمر لا يتحقق إلا بوجود مؤسسات منتخبة قوية، نزيهة، وتحظى بثقة المواطنين، لا مؤسسات تُفرزها جماعات ضغط تسعى لحماية المصالح الريعية وتكريس الفساد، وفق تعبيره.
وأشار الحزب، وفق ما نقلته منصة اليوم 24 الإخبارية، إلى أن قوة المؤسسات مرتبطة بمدى احترام الإرادة الشعبية، مشدداً على أن أي مسار ديمقراطي حقيقي يجب أن يُبنى على انتخابات حرة ونزيهة تفرز نخبا سياسية تعبر عن تطلعات المواطنين، لا نخبا يتحكم فيها المال السياسي وتسعى إلى تمييع الحياة السياسية.
وحذر الحزب بشدة من مخاطر العزوف السياسي المتزايد، معتبراً أن المستفيد الأكبر من انسحاب المواطنين من الساحة السياسية هم لوبيات الفساد وشبكات الريع، التي تستغل الفراغ لتعزيز هيمنتها على المؤسسات والقرارات العمومية.
وذهب التقرير إلى التأكيد على أن هذه الشبكات تعمل بكل الوسائل لتغذية الشعور باليأس والإحباط لدى المواطنين، ودفعهم إلى العزوف عن العمل السياسي والنقابي، وذلك بغرض إفراغ الساحة من الأصوات الجادة والنزيهة، وتسهيل سيطرة المصالح الفئوية على المشهد السياسي والاقتصادي.
وحذر الحزب من أن هذه الوضعية تُسهم بشكل كبير في إضعاف النقاش العمومي وإفراغ الحياة السياسية من مضمونها النبيل، مما يهدد الأسس الديمقراطية التي بُني عليها التعاقد الاجتماعي والسياسي بين الدولة والمجتمع.
وتوقف التقرير السياسي مطولاً عند ما سماه “الانحدار الخطير” الذي تعرفه بعض وسائل الإعلام الوطنية، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من المنابر الإعلامية انحرف عن أداء مهامه النبيلة، وبدل أن يكون معبراً عن هموم المواطنين، تحول إلى أداة في يد لوبيات المال السياسي، مما جعل المال والإعلام يتحالفان في مشهد يهدد حرية التعبير والنقاش الحر.
كما سجل التقرير تراجع دور المؤسسات المعنية بالسهر على احترام أخلاقيات مهنة الصحافة، مما زاد من تغول هذا التزاوج الخطير بين المال والسلطة.
ودعا حزب العدالة والتنمية إلى ضرورة استئناف مسار البناء الديمقراطي على أسس جديدة وقوية، مؤمناً بأن لا تنمية حقيقية يمكن أن تتحقق دون ديمقراطية صلبة تضمن احترام إرادة المواطنين، ولا ديمقراطية يمكن أن تستقيم دون شفافية ونزاهة ومصداقية.
وخلص التقرير إلى أن تجربة الحكومة الحالية، خلال السنوات الأخيرة، أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك فشل محاولات الالتفاف على البناء الديمقراطي عبر الدفع بنخب ريعية ومصلحية تتحكم فيها شبكات المال السياسي، مؤكداً أن التجربة السياسية الراهنة كشفت حدود هذا التوجه.
وفي سياق متصل، تناول محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الكلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، حيث عبّر عن تضامنه مع القضية الفلسطينية التي تمر، حسب قوله، بمرحلة عصيبة، وسط استمرار المجازر والانتهاكات الخطيرة التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، في ظل صمت دولي مطبق أو تواطؤ مكشوف.
وانتقد بنعبد الله أداء الحكومة المغربية بشدة، معتبراً أنها تعاني من “ضعف سياسي واضح”، وأنها أخفقت في تقديم نموذج إصلاحي حقيقي، بل عجزت حتى عن الوفاء بالتزاماتها التي أعلنتها أمام البرلمان والشعب.
وأضاف أن الحس السياسي يغيب بشكل شبه كامل عن عمل هذه الحكومة، ما أدى إلى انكماش النقاش العمومي، وتراجع منسوب الثقة لدى المواطنين إلى أدنى مستوياته منذ سنوات.
وختم بنعبد الله مداخلته بنبرة نقدية لاذعة، قائلاً: “طال صبرنا، وأصبحنا نتمنى أن تهنينا هذه الحكومة وقتاش غادي تغادر”، في إشارة إلى حالة الاستياء الواسعة من تدبير الشأن العام.