ما حقيقة التسريب المنسوب للرئيس عبد الناصر ويكشف وجها آخر غريبا عنه؟ ماذا قالت أسرته؟ و ما الرسالة ولماذا الآن تحديدا؟ ومن الذي يقف وراءه؟ (فيديو)

ما حقيقة التسريب المنسوب للرئيس عبد الناصر ويكشف وجها آخر غريبا عنه؟ ماذا قالت أسرته؟ و ما الرسالة ولماذا الآن تحديدا؟ ومن الذي يقف وراءه؟ (فيديو)

 

القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
فجأة ودون مقدمات نشرت إحدى قنوات الـيوتيوب، تحمل اسم «nasser tv»، تسجيلًا صوتيا منسوبا للرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وهو يتحدث للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
التسريب سبب صدمة كبيرة، لأنه كشف- إن صح- وجها آخر تماما للرئيس عبد الناصر.
عبد الناصر انتقد في التسجيل المزايدين على مصر وقال ما نصه:
«إذا كان حد عايز يكافح ما يكافح.. إذا كان حد عايز يناضل ما يناضل».
وأوضح للقذافي أنه من غير المنطقي القول إنه يجب استعادة كل “أراضي 48″، أو عدم قبول أي حلول جزئية لاستعادة ما احتلته إسرائيل في عام 1967.
وقال إنه مستعد لتقديم دعم مالي إذا اتفقت الجزائر والعراق وليبيا وسورية واليمن الجنوبي على حشد قواتها والدخول في حرب ضد إسرائيل.
وفي أول تعليق لأسرة عبد الناصر رفض عبد الحكيم جمال عبد الناصر نجل الرئيس المصري السابق تسمية التسجيل الأخير بـ”التسريب”، مؤكداً أنه موجود ومتاح في مكتبة الإسكندرية منذ إهداء أسرة عبد الناصر المكتبة العديد من أوراقه وتسجيلاته.
وكشف عبد الحكيم في تصريحات لوسائل الإعلام ، أنه يملك القناة التي نشرت الفيديو وهناك من يديرها له، وسوف يستمر في نشر مزيد من التسجيلات التي تخص والده عليها.

 

 

 

 

وأوضح أن المستفيد من إذاعة التسجيل في هذا التوقيت هو “الحقيقة المجردة”، لكي تعرف الأجيال الجديدة التاريخ، حسب قوله.
وقال نجل الرئيس المصري الراحل إن حديث أبيه في التسجيل يؤكد أن الدول التي انتقدته زايدت عليه دون أن تفعل شيئاً تحت شعار “ضرورة الحرب بلا نهاية حتى آخر جندى مصر”، وأكد أن التسجيل يوضح أن عبد الناصر كان “رجل دولة وليس زعيماً حنجورياً كما يعتقد البعض”.
وفي بيان لمكتبة الإسكندرية اليوم الأحد قالت إنها غير مسؤولة عن أي مواد متداولة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تخص الرئيس السابق جمال عبد الناصر، بخلاف ما هو منشور على الموقع الرسمي للرئيس والذي كان نتاج تعاون منذ عام 2004 بين المكتبة ومؤسسة جمال عبد الناصر، برئاسة د. هدي عبد الناصر، حيث تم إهداء المواد الرقمية الموجودة بالموقع من المؤسسة إلى مكتبة الإسكندرية”.
وأكدت المكتبة أن موقع الرئيس جمال عبد الناصر، المنشأ من قبل مكتبة الإسكندرية، ليس لديه أي صفحات رسمية على مواقع التواصل الاجتماعي تخصها، ونفت “أي مزاعم تشير إلى ملكية المكتبة لهذه الصفحات، مؤكدة أنها لا تتبنى أو تروج لأي محتوى لا يتماشى مع مهمتها الأكاديمية والبحثية”.
ردود الأفعال على التسجيل “القنبلة” تباينت بين مكذب ومصدّق، وكان لافتا صمت كبار الناصريين وعدم تطرقهم إلى تسريب زعيمهم.
السفير فوزي العشماوي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق يرجح صحة التسريب، كونه جزءا من أرشيف الرجل الذي وثقته وأخرجته أسرته، كما توجد نسخة منه في مكتبة الإسكندرية.
ويضيف أنه كان و لا يزال يتمنى أن يتم إتاحة كل الأرشيف الوطني خاصة للأحداث الكبيرة والتاريخية كحرب 56 و67 و73 والثغرة وإتفاقيات السلام وصولا للسنوات الجسام الحالية، لافتا إلى أن عدم وجود نظام واضح ومحترم وقانوني وتواريخ ثابتة ومرعية لإتاحة الوثائق أمر نكاد ننفرد به بين الأمم، مايجعلنا شعبا ومحللين، نعاني العمي المعلوماتي، ويحرمنا، كدولة وأفراد ومؤسسات، من فرصة الإستفادة من الأخطاء وحساب المخطئين ورد الاعتبار للمجتهدين والناجحين .
ويدعو العشماوي لفهم التسريب في إطاره الزمني المرتبط بمبادرة روجرز التي قبلها عبد الناصر ببراجماتية وواقعية سياسية أملا في حد أقصى مستبعد وهو جلاء إسرائيل عن الأراضي المحتلة في67، وحد أدني مستهدف هو الحصول علي فترة تهدئة تمكنه من بناء حائط الصواريخ الهام والضروري لحماية العمق المصري أمام العربدة الإسرائيلية والضروري أيضا لأي حرب مستقبلية كان تقدير ناصر النهائي أنه لابد منها لإجبار إسرائيل ( وأمريكا ) علي القبول بإعادة الحقوق الفلسطينية والعربية التي كان واضحا التزام عبد الناصر الدائم والمستمر بها حيث كانت سيناء لاتمثل مشكلة وكانت إسرائيل علي استعداد لإعادتها لمصر في إطار أي سلام منفرد مع مصر رفضه ناصر تماما .
وبحسب السفير العشماوي فإن الواقعية والبراجماتية التي تميز حديث عبد الناصر تمثل وتعكس الوجه العاقل والمرحلة العمرية الناضجة والتجارب الأليمة التي مر بها الرجل، وعلي رأسها هزيمة يونيو التي قوضت طموحاته، والتي تظل لغزا غريبا لرجل بهذه الواقعية والتدقيق وحساب موازين القوي، فإن كان يدرك اختلال القوي بهذا الشكل ومع ذلك قام بخطواته وقراراته التصعيدية قبل الحرب، واحتفظ بثقته ( أو واصل خضوعه ) لقياداته العسكرية الفاسدة والفاشلة، فإنها مغامرة وخطيئة سياسية ووطنية لاتغتفر، وإن كان لايدري بالخلل في موازين القوي ( وهو ماأستبعده علي شخص كعبد الناصر ) فالجريمة أفدح.
ويخلص إلى أنه لايري في التسجيل تبرئة للرجل من هزيمة يونيو، ولكنها بالطبع تفسر وتبرر قبوله لمبادرة روجرز، وتعكس أفضل سنوات قيادته بعد التخلص من عامر حيث المراجعات واعادة بناء الجيش وحرب الاستنزاف والاعداد لمعركة الثأر دون شعارات وأوهام.
ويقول إن التسجيل دليل جديد ومتجدد علي كارثة العرب المزدوجة : من ناحية تلك الفجوة الكبيرة بين مايقال في العلن من شعارات وعنتريات، ومايدرك ويقال في القصور والغرف المغلقة من حقائق وحسابات، ومن ناحية أخري استمرار الخلل الفادح والفجوة الكبيرة والمزمنة في موازين القوي بين إسرائيل باعتبارها رأس الحربة الغربي المغروس في المنطقة .
ويختتم مؤكدا أنه إذا أسقطنا نص وروح التسريب علي الأوضاع الحالية، خاصة مايتعلق بالمقاومة، فإن لنا كل الحق أن نغضب كما غضب عبد الناصر من تقاعس الدول العربية عن تقديم الدعم والاكتفاء بالنقد والمزايدة، كما أن لنا كل الحق أن ننتقد المقاومة كونها قامت بهجوم خطير دون ان تحسب جيدا حسابات القوة والنتائج والتداعيات، ويمكن القول دون مبالغة أن كل التسريبات التي خرجت في السنوات الأخيرة لايمثل أي منها دليل براءة لأي نظام أو قيادة أو مرحلة، بل هي صكوك إدانة للجميع كما أن هذه التسريبات برغم كونها تلقي بعض الضوء علي مناطق معتمة من تاريخنا المعاصر، ولكنه للأسف ضوء غير كاف أو منتظم بحيث يتحول لرؤية كاشفة وتأريخ موضوعي، فهي في النهاية تسريبات ممنهجة ومغرضة، ولاتبتغي صالح الوطن ووجه الحقيقة حسب قوله.
من جهته يقول الكاتب أنور الهواري إنه سمع فيديو الرئيس عبدالناصر، لافتا إلى أن المعنى لا جديد فيه، حيث شرحه الأستاذ هيكل في بعض كتبه.
ويضيف أن الجديد هو صوت عبدالناصر الذي طالما أحبه.
على الجانب الآخر يتساءل الكاتب مصطفى السعيد عن التسريب الاصطناعي المغشوش لجمال عبد الناصر من صنعه ومن يروجه؟
ويضيف أننا لا نحتاج إلى مجهود كبير لنعرف أن ما سموْه تسريبا محادثة بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع معمر القذافي مصطنع ومفبرك بتقنية جديدة أصبحت معروفة في الذكاء الاصطناعي، لا يمكنها تقليد الأصوات بدقة فقط، بل تحرك الصور بدقة أيضا ، لكن صناع “التسريب المصطنع” لم يوضحوا من كان لديه هذا التسريب؟ ولماذا أخفاه 55 عاما؟ ولماذا ترويجه الآن؟ وهل يمكن أن نكون بهذه السذاجة أو أن يقول عبد الناصر كلام من نوع “أنا انهزامي .. أنا استسلامي .. أنا ضد تحرير الأرض، ومفيش فايدة، واللي عاوز يحارب يروح يحارب ” وأنا ضد حرب الاستنزاف التي تستنزفنا، وما نقدرش نشتري سلاح .
ويخلص إلى أنه كلام لا يصدقه ساذج.. ولا يمكن لعبد الناصر الذي قاد حرب الاستنزاف أن يدينها، ولا يمكن لمن جهز لحرب أكتوبر أن يقول إنه ضد تحرير الأرض بالسلاح، حتى من يحاولون تمرير لعبتهم أو لعبة مشغليهم بأن هذا الكلام كان في إطار مبادرة روجرز، فإنهم لا يعرفون أن عبد الناصر رأى أن الهدنة يمكن أن تفيد مصر لمنحها الوقت لإعادة بناء الجيش، وإنجاز حائط الصواريخ.
وعن دلالة التوقيت يرى السعيد أنهم يريدون التخلص من جمال عبد الناصر ومن أي صوت للمقاومة، وكتمه وتشويهه بأثر رجعي.
ويختتم مؤكدا أن من فبركوا هذه المحادثة المصطنعة يخافون من أي ضمير وطني حي، ويتمنون لو أن الجميع في وضعهم الانبطاحي للاحتلال، لافتا إلى أن أصدق رد على هذا التلفيق هو الواقع نفسه، وما جرى من أحداث تؤكد عزم عبد الناصر على السير في طريق التحرير للأرض.
خلاصة الجدل الدائر تؤكد أن تاريخ مصر لا يزال بحاجة ماسة إلى تقديمه بموضوعية وتجرد من خلال وثائق آن وقت الإفراج عنها اليوم قبل الغد.