كواليس وأسرار تُكشف.. حسين الشيخ يُشعل نار الصراعات والخلافات داخل “فتح” والأزمة ستتصاعد.. تجهيز لانقلاب وتمرد واستقالات وقرار تعيينه نائبًا للرئيس عباس قلب الأوراق وأدخل دول عربية بالصراع.. وهذا هو السيناريو الخطير القادم

غزة ـ خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي:
أشعل تعيين حسين الشيخ، نائبًا للرئيس الفلسطيني محمود عباس، حربًا داخلية في حركة “فتح”، لا يتوقع أن تُخمد نيرانها بسهولة نظرًا لحجم الخلافات وتشعبها خاصة في مناطق الضفة الغربية المحتلة، التي تسيطر فعليًا عليها الحركة ونفوذها بات أقوى من غزة.
ورغم أن تعيين الشيخ نائبًا للرئيس الفلسطيني لم يكن مُفاجئا للجميع، كون اسمه كان مطروحًا بقوة على خلافة الرئيس في المرحلة المقبلة، خاصة أن الكثير من الإعلام الإسرائيلي والأجنبي قد مهد الطريق لهذا الاسم منذ سنوات طويلة، وبات الأقرب كثيرًا من غيره لكرسي رئاسة السلطة الفلسطينية.
ولكن، بالنسبة لحركة “فتح”، وبحسب المراقبون فإن هذا التعيين لن يمر مرور الكرام وستكون هناك نقاط خلاف كبيرة، وقد تشتعل أزمات بين قادة الحركة، فهناك من هو معارض لتعيين الشيخ لهذا المنصب “الحساس” كونه شخصية “لا تتمتع بالشعبية ولا حتى الكفاءة الكافية لقيادة المنصب”، وبين من يرى نفسه قادرًا وأحق بهذا المنصب من الشيخ.
وتوقع كذلك المراقبون، أن تشهد الضفة خلال الأيام القليلة بعض الاستقالات وكذلك خروج مسلحين للشوارع، وقد تصل لحد الاشتباكات المسلحة، كخطوة طبيعية لهذا القرار الذي تصنفه بعض قيادات “فتح”، بأنه “إجحاف وظلم لتاريخهم النضالي”، بعد أن كان قرار تهميشهم صدر من الرئيس عباس شخصيًا.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن طرح اسم حسين الشيخ بقوة لمنصب نائب الرئيس والمصادرة رسميًا عليه في الاجتماع الأخير، جاء ليس فقط بضغط إسرائيلي وأمريكي، بل بتوافق عربي كبير ولم يكن معهودًا في السابق، بمدى تدخلات العربية في الشأن الفلسطيني الداخلي.
وذكر الإعلام العبري، أن الشيخ بنظر دول عربية هو الوحيد القادر على قيادة المركب الفلسطيني خلف عباس، خاصة بعد أن عطت إسرائيل وبشكل مثير للجدل صفقة الإفراج عن الأسير مروان البرغوثي، الذي كان يتمتع بشعبية جارفة في حركة “فتح” وكذلك بين أبناء الشعب الفلسطيني، كونه المنافس الأوحد للرئيس عباس لمنصب الرئاسة، ليبقى الشيخ الوحيد على الساحة المرشح لهذا المنصب.
كواليس وأسرار
والسبت، قالت منظمة التحرير الفلسطينية إنها وافقت على الترشيح المقدم من عباس لتعيين الشيخ نائبا له وخليفته المحتمل.
ويرأس عباس، البالغ من العمر 89 عاما، منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية منذ وفاة الزعيم ياسر عرفات عام 2004، لكنه قاوم لسنوات أي إصلاحات داخلية، بما في ذلك اختيار نائب له.
والشيخ، المولود عام 1960، من كبار أعضاء حركة فتح، الفصيل الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي أسسه عرفات ويرأسه عباس حاليا، وينظر على نطاق واسع إليه على أنه شخصية براغماتية.
وزادت الضغوط من أجل إصلاح السلطة الفلسطينية منذ اندلاع حرب غزة، وشجعت الولايات المتحدة على فكرة توليها حكم القطاع بعد إجراء الإصلاحات اللازمة.
وفي ذات السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن تعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس السلطة محمود عباس، أو الخليفة المنتظر بصورة أدق، لم يكن أمرًا مفاجئًا، مشيرًا إلى أن معظم المؤشرات كانت تدفع نحو هذا الاتجاه منذ فترة.
وأوضح أن اختيار الشيخ لم يأتِ بسبب “السيرة النضالية” كما يروج له داخل أوساط حركة فتح، بل نتيجة رضا الاحتلال الصهيوني وعدد من المحاور العربية الفاعلة، مبينًا أن الأهم بالنسبة لـ”عباس” هو الحفاظ على ذات النهج القائم على معاداة المقاومة والإصرار على تكرار التجارب الفاشلة، مع المحافظة على هيكل السلطة ومكتسباتها، بغض النظر عن سلوك الاحتلال وعدوانه.
وأشار الزعاترة إلى أن من يراجع تغريدة حسين الشيخ عقب إعلان تعيينه، وما احتوته من مديح مبالغ فيه لـ”عباس”، ويستحضر في ذات الوقت التسريبات الصوتية له نهاية عام 2022، يدرك بوضوح الطابع الانتهازي الذي يحكم هذه المنظومة السياسية.
وفي سياق تعليقه، اعتبر الزعاترة أن الشيخ رفع عباس إلى مصاف صلاح الدين الأيوبي بل وأكثر، مغدقًا عليه ألقابًا وصفات لم ينلها أي زعيم فلسطيني قبله. وقال: الخلاصة التي يصل إليها المراقب هي أن كل تعويل على تغيير جوهري في طبيعة السلطة أو المنظمة أو حركة “فتح” هو بيع للوهم أو شراء له.
وأكد أنه لا مناص تبعا لذلك من المضي في برنامج عزل هذه المنظومة بعد أن افتضح أمرها إثر خذلان غزة ومقاومتها وجراحها، إضافة إلى التخصّص في هجائها وصولا إلى وصف أبطالها بـ”أولاد الكلب”، ومطالبتهم بإطلاق أسرى العدو تسليم السلاح والاستسلام.
-كيف يراه الإسرائيليون؟
اعتبر المقدم (احتياط) موريس هيرش، الباحث في مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية، أنّ “هذه الخطوة تُعدّ الأحدث ضمن سلسلة قرارات اتخذها أبو مازن منذ عام 2018 لضمان استمرار حركة فتح في الحكم من دون أيّ عملية ديموقراطية حقيقية”.
وأضاف: “عمل عباس على إعداد الشيخ كخليفة محتمل، واضعاً إياه في طليعة الاتصالات مع إسرائيل. واستعان به لتمهيد الطريق لإلغاء الانتخابات العامة للسلطة الفلسطينية التي كان من المقرر إجراؤها في أيار/مايو 2021. كما شارك في الوفد الذي سافر إلى كأس العالم في قطر، رغم الأزمة المالية للسلطة”.
وأشار هيرش، بصفته مديراً سابقاً للنيابة العسكرية في الضفة الغربية، إلى تورط الشيخ في التخطيط لهجوم وسط القدس في 21 آذار/ مارس 2002، الذي أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة العشرات.
ووفق اعترافات المتورطين عبد الكريم عويس وناصر شاويش، فقد حصلا على المتفجرات من رئيس المخابرات العامة توفيق الطيراوي، وتوجّها إلى مكتب الشيخ، الذي سلّمهما المال والقنابل.
بدورها، أفادت هيئة البث الإسرائيلية (كان) بأن الشيخ “يُعدّ من أقرب الشخصيات إلى عباس”، وقد قضى 11 عاماً في السجون الإسرائيلية بسبب نشاطه ضمن “فتح”، حيث تعلّم العبرية، مما ساعده لاحقاً على بناء شبكة علاقات واسعة مع السلطات الإسرائيلية خلال ترؤسه “الهيئة العامة للشؤون المدنية” (2007-2024)، فتحكّم بملفات حيوية، واكتسب نفوذاً واسعاً.
وأضافت الهيئة أن الشيخ يواجه انتقادات داخلية باعتباره “رمزاً للفساد والتنسيق الأمني مع إسرائيل، مع ارتباط اسمه بشبهات فساد وسلوكيات غير أخلاقية”.
ونشر موقع “واللا” تقريراً وصفه بـ”المشتبه به في قضية التعاون مع إسرائيل”، مشيراً إلى أن بعض الفلسطينيين يعتبرونه “واجهة للتنسيق” مع تل أبيب.
أما صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فذكرت أن الشيخ “دعم جميع قرارات عباس المثيرة للجدل، ومنها منع دفع رواتب عائلات الأسرى والقتلى الفلسطينيين”، ودعا بعد اندلاع الحرب إلى “تصفية الحسابات مع حماس”.
وأمام هذه التطورات.. تعيين الشيخ بهذا المنصب لمصلحة من؟ وما هي أجندته؟ وماذا عن غزة والمقاومة؟