عدنان نصار: الخطاب الحزبي الأردني السياسي.. والسيجار الكوبي!

عدنان نصار
في كل خطاب حزبي سياسي تبرز مظاهر الإيجابيات أو العيوب، وبعد كل انتهاء لأي خطاب سياسي تجيء التحليلات التي تحمل مفاهيم عديدة مختلفة نسبيا لكنها تقع في دائرة التكرار عند كل خطاب.
الخطاب الأردني الحزبي السياسي في غالبيته يتطلع الى مغازلة مكونات المجتمع وتطلعاته وأحلامه ومعاناته، وإحتياجاته، وهي سمات بارزة وواضحة ، وتم الشغل عليها لتتوافق مع كل رغبات المجتمع وإحتياجاته بما في ذلك مفردات الإصلاح السياسي التي تجيء بقوالب الإلحاح المشترك بين كافة الأحزاب الأردنية، ويبدو انه خطاب تم الشغل على مفرداته وأستراتيجيته بشكل جيد لكنه يتعارض بشكل كبير بين القول والفعل.
كثرة المنابر قد لا تبدو مفيدة ، وهي أن وجدت أصلا لا تجد الآذان الصاغية ولا الألسن المنادية بضرورة تفعيل الخطاب وتوافقه بين القول وإمكانية الفعل على أرض الواقع .. فالمفردات الحزبية الفنية ، والإصطلاحات الغنية بالدسم تبدو أكثر طربا لكنها أقل إخصابا وربما تكون عديمة الفعل أيضا ..وتبدو كثرة الخطابات والبيانات الحزبية أكثر حسرة ،وتتوغل في نفوس تعاني اصلا من “الكفر بالأحزاب” التي لا يمتلك بعضها إلا المكاتب وسجلات ورقية مؤرشفة لإحصاء عدد المنتسبين إليها.
ما وصلت اليه الأحزاب السياسية الأردنية في غالبيتها، لا يعدو عن كونها أحزاب “علاقات عامة” تعزف على الناي ..لكنها لا تصيء الشموع وتظل ممسكة بالنواح بدل السعي لزرع الأمل ضمن مسار واقعي يبتعد عن لغة التنظير غير الواقعي بلغته أو تنفيذه.
أثق بالنوايا الحسنة، والرغبة في تقليص فجوات الجفاء بين الحكومة وهنا لا أقصد حكومة د. جعفر حسان رئيس الوزراء الأردني، بل أقصد الحكومات المتعاقبة.. فالمسار الجاف بين احزاب وحكومات يحتاج الى ترطيب نسبيا ، ليتمكنا معا من حراسة أسوار الوطن، ومحاكاة أحلام الناس عبر لغة تستند الى مرونة بهدف إستكمال البناء وإبقاء البلد محلقا تتطلع اليه العيون بإعجاب .. غير أن ثمة من يسعى لتذويب الرغبات في قوالب الرعب والقلق.. وهو ما يرفضه المنطق الإنساني والعقلاني.
لم تصنع الأحزاب الأردنية الحديثة عبر مسيرتها منذ العام 1989 أي بارقة أمل واقعي قابل للتنفيذ، ولم تكن بارعة في صناعة التفاؤل بقدر ما كانت مؤججة للتشاؤم ، رغم مقدرتها على النحت لصناعة تمثال يعكس نموذج التلاقي عند مفترق الوطن والإنسان ،بعيدا عن الأصوات التي لا تجيد الخطابة ولا تنتمي الى البلاغة السياسية ..!
يؤسفني، أن إجتمع مع “رفاق” في الأمكنة العامة يدخنون التبغ المحلي ذو المستوى المقبول، لكنهم يدخنون السبجار الكوبي الفاخر في أمكنة مغلقة بعيدا عن أعن الرفاق المنتمين الى طبقة البرولتاريا.. هي ربما حالة إلتفاف على الطبقية، او فلنقل حالة شيزوفرانيا اصابت البعض .!
المكاشفة تبدو جيدة حتى لو حملت بعض “الزعل”، وهي مفيدة وأن حملت بعض “العتب” فما يعنينا في الخطاب الحزبي الأردني وبياناته هو الإستناد الى الواقعية التي تكرس الإحساس الوطني وتعززه وتكسر نصال المتفرجين على بعض عيوبنا ..نحتاج الى خطاب حزبي اردني يليق بذكاء الناس ..إن من أقسى أنواع الإضطهاد أن تغيب ذكاء الناس، ويحتكر بعض الفاقدين لفحولتهم الوطنية “العبقرية” التي يزعمون أنهم يحملون علاماتها ..مؤسف حد ضرب الكف بالكف أن يبقى البعض من “الحزبيين” في ملعب السياسة وهم لا يجيدون فن الدفاع عن المرمى .!!
كاتب وصحفي أردني ..