دخان أفول حضارة الغرب من غزة.. ورسالة من حاكم عربي إلى ترامب

فؤاد البطاينة
أمريكا اليوم مُندفعة بتزاوج أسباب القوة ونزعتها الإمبراطورية المادية الى احتكار كلمة العالم والمصالح الإمبريالية. وبالتالي عزمها على إنهاء النظام النظام الدولي القائم بتحالفاته، وجعل مخرجات الحربين العالميتين وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة بنظامها وميثاقها بما فيه الأمن الجماعي والتحالفات كله شيئا من الماضي. فهي تعتبر نفسها بما وصلت إليه من مقومات القوة الغاشمة خاسرة في ميزان القيم السياسية السائدة وقوانينها وتحالفاتها. وتعتقد أن بإمكانها أن تحصل بأحادية الهيمنة على ما تريده من حلفائها الحقيقيين دون تضحية أو عطاء، وأن تعظم مكتسباتها من حلفائها العملاء والمرتمين مع محمياتهم بحضنها بفرض الجزية عليها كغاية ووسيلة.
ترامب يتصنع الجنون والتناقض والبلطجة لخدمة أهداف أمريكا العميقة دون حرب وكلفة، ولكنه يقوم بحرب الإبادة بغزة وعموم فلسطين بصمت وتعاون أوروبي لتنفيذ صفقة القرن ومآرب أخرى. وبين هلالين، ألسنا نشتَم من كل هذا وغيره الكثير الكثير دخان أفول سطوة الغرب وسقوط حضارته من غزة ؟ دلائل ومؤشرات كثيرة على هذا.
نُكمل موضوعنا، لقد عمد المذكور لأخذ الشخصية الهلامية لمخاطبة الأخر كل بسايكولوجياته على تنوعها، واختار لنا العرب “الفردية والنفعية”. خونة المبادئ ومصالح الشعوب منا، لهم منطلقاتهم النفعية، لذلك انتهجوا سياسة التحالف مع الفاسق الأقوى. حليفهم الأمريكي اليوم يستغل انحراف ميزان المقاومة ويُذلهم أكثر ويستفرد بهم بلا حدود لأطماعه، ولن يتركهم وشأنهم (وراك وراك حتى نزع ثيابك وتركك في رمال الصحراء جيفة لآكليها ).
الأحلاف في العالم اليوم تبحث عن نفسها ولا تجدها وعن تموضع جديد لا تجده. وأقول لحكامنا، لعبة أمريكا معكم تحتضر، وإن كان لكم أدنى اعتبار عندها فهو بسبب عنفوان وصمود المقاومة ودوركم المأزوم في مواجهتها. أنتم الخروف في الغابة وعلى الطاولة، والمقاومة وحدها كانت وما زالت المعيق لسوقكم لمسلخ الجزار. خياركم للنجاة واحد وهو الخروج من بيت الطاعة الأمروصهيوني، وفي مؤازرة رسالة أحدكم الى ترامب ونصها التالي :
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا الحاكم العربي المستعرِب، تقولون لي ولرفاقي، إدفعوا ثمن حمايتي لكم. يا إلهي حمايتنا مِن مَن؟ من روسيا أم من إيران لعبتكم معنا التي بلعناها، أم من شعوبنا. لعل الصحيح من شعوبنا. ومع ذلك، ألم تكن هذه الثلاثية في الأصل وما زالت هي أعداء كم لقبح أطماعكم وسياستكم وأفعالكم؟ ألم تكن كُلف صراعكم معها وخوضكم الحروب عليها من جيوب شعوبنا ولحمها وعلى حساب كرامة تراب أوطانها وإفشال دولها؟. ألم نقدم لكم خدمات سياسية وأمنية وتآمرية مجانية لا يُقدر ثمنها بمال؟، وهل كان ممكن لكم بدون هذه الخدمات أن تسودوا على جغرافيا منطقتنا العربية وتصبح تحت نفوذكم، وهل كان للمشروع الصهيوني بدونها أن ينهض ويعيش أو كان “لإسرائيل” أن تقوم في فلسطين أو تستمر؟.
ألم نكن شركاء داعمين أساسيين في حربكم الصهيونية الإبادية على غزة وحمينا ظهر “اسرائيل” فيها اقتصادا وتموينا وأمنا ومالاً ولوجستياً، وتشديداً لحصارنا شعب وأطفال غزة وقطعنا الماعون عنها وعن وصولها لها وتسببنا في قتل أطفالها جوعاً وعطشا وبردا في العراء ؟ ألم نقمع شعوبنا بسياطكم وأعتاها سوط التجويع والإفقار وحرمانها من دولة قوية تصنع سلاحها وغذاءها وتدافع عن حياضها لكي تبقى “إسرائيل” وحدها السيد بآمان ويبقى الإحتلال ويتوسع؟
لا يا أمريكا. لن نموت ليعيش الإحتلال في فلسطين. لقد تأكد لنا بأن الوجود العربي ومنه الفلسطيني نقيضا لوجود الإحتلال لا يجتمعان. أعذرينا فنحن من حالفناك على شعوبنا وأوطاننا وعلى قيم العروبة والإسلام. أعذرنا يا ترامب، أنت من تحمل اليوم مشعل أفول سطوة الغرب وسقوط حضارته من قلب غزة، فنحن من سنضيء مشعلك بزيتنا كلما خفت نوره. وما زال أمامنا وقت نسارع فيه للتوبة الخالصة والتحالف مع قومنا وشعوبنا وأحرار العالم، ونقف مع كل من يقف بوجهك وبوجه الإحتلال، ونحن من سيحتضن المقاومة. سنعود مع شعوبنا لقيمنا لنبني أنفسنا من جديد ونصنع القوة والمنعة لترحل بدولتك مهزوماً، ونُزيل الكيان ونحرر فلسطين والأقصى. ولن تستطيع غير الركوع لنا ولقيمنا وحضارتنا التي تختزن الروح والخلق ضابطاً على المادة. انتهى
وأخيراً هل هذا حلم أم علم؟ إنه علم ولكن لمن يصحو.
كاتب عربي اردني