يسين بوغـازي: دردشة حول الفيلم الروائي الجزائري الطويل؟

يسين بوغـازي
سألني أحد الأصدقاء العرب عن الفيلم الروائي الجزائري الطويل وأردف قائلا: أرجوك سيد يسين لا تقل لي معركة الجزائر ولا تقل ليّ وقائع سنين الجمر ولا حتى عمر قتلاتو لأنها أفلام كلاسيكية قديمة تماما مثل فيلم المواطن كين لأولسن والـيز وفيلم سبارتكيس وفيلم الحي الصين
وعندما أجبته مبررا ازمة السينما في الجزائر و ان الجهود مبذولة والأسطوانة الطويلة كسور اسمع عنه في باد الصين ، ذكرنيّ بلهفة عربية مصرية بفيلم إلى آخر الزمان باعتباره أحد الأفلام الجزائرية الجميلة التي شاهدها منذ سنوات واعجب بها أيما إعجاب وأردف بانه صنع فرجة سينمائية من حنينيات وواقع المجتمع بقصة عمية الأثر جيدة الإخراج و الكتابة ، ولأنني لم أشاهده ذاك الفيلم الا بعد سنوات من خروجه بسنة ونصف فلم استطع مجاراة صديقي عما فعله سنة خروجه ، فهو لا يعلم بان مشاهدة الأفلام في الجزائر معضلة بيروقراطية ضمن التعامل مع السينما فعليك أن تكون عاصميا لكي تحظى بالعروض الكبرى او تتحمل مشاق سفر لمئات الاميال قادما الى العاصمة من الشرق او من الجنوب ، أو ان يكون لك معارف بأحد موظفي مديريات الثقافة لكي تحظى بدعوة مشاهدة حين العروض بالولايات الداخلية النادرة العروض ندرة السينما نفسها في الجزائر . لكنني سكتت على مضض وزاد اعجابي بان صديقي أطلق معزوفة مدح وثناء على الفيلم وعلى السينما الجزائرية التي يتحسر عليها كيف تغيب وتغيب كل هذه السنوات وهي جديرة الحضور الفني والميزة السينمائية وأنها مهرجانية المقاييس دون منازع عند ظهورها رغم شقة البعد والغياب عن المحافل والشاشات.
ورغم قساوة سؤاله ، وقساوة عدم وجود الفيلم الروائي الجزائري الطويل بوتيرة إنتاجية منتظمة لأنني ممن يعتقدون بان الفيلم الفرنكو جزائري الروائي الطويل هو سينما أخرى لا تبدو ليّ كثيرا لها علاقة بالفيلم الذي يتأسف عليه صديقي العربي لان الأفلام الفرانكو جزائرية في العالم العربي تبدو هجينة كما وجبات المطاعم السريعة فهو فيلم برمزيات حزينة اوربية المنشأ والاحكام لذا فهي سلسلة أفلام لا علاقة لها بالعالم العربي و اعتقد ان المهرجانات العربية الكبرى تعرضها من باب المجاملة و إبقاء خيط الود لا اكثر ولا اقل.
ومضى صديقي الى شانه بعدما انهينا سلسلة الرسائل السينمائية الودية لكنه ابقى ليّ غصة فيلم ” إلى آخر الزمان” تجلت في السلوك الذي تنتهجه السينما عندنا فهي لا تعطى للمبدعين الحقيقين سبل من الاستمرار و الإنتاج بوتيرة متنظمة بل تطوى المبدع الذي يعلو بفيلمه ، تطويه في طيات من غياهب ومآسي السينما وواقعها المريب عندنا ، و أعتقد ان تجربة سينمائية رائدة كما فعله صناع فيلم الى آخر الزمان كانت جديرة أن تستمر بأفلام أخرى وان تعطى المخرجة ما يكفيها سينمائيا لكي تقول لنا ما تريد قوله بفيلم جديد ، ولكن هي السينما في الجزائر تبدو ليّ كمراهق حاد الحساسية ومتقلب المزاح ولا يأبه بأحد وقد يحرق جميع اشرطة الأفلام و النيجاتيفات كلها في لحظة تهور.
سيناريست جزائري