محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تستجوب تقنياً في قضية وزير مغربي سابق: اتهامات بتضخيم فواتير وصفقات وهمية

الرباط – “رأي اليوم” – نبيل بكاني:
باشرت محكمة الاستئناف في مدينة الدار البيضاء، يوم الثلاثاء، استجواب المتهمين في القضية المرتبطة بمحمد مبديع، الوزير السابق وعضو حزب الحركة الشعبية، والمتابع بتهم تتعلق بالفساد المالي وتبديد المال العام خلال توليه رئاسة بلدية الفقيه بن صالح.
وخلال الجلسة، استمعت هيئة المحكمة إلى أحد المتهمين (محمد.ب)، الذي كان يعمل تقنياً في البلدية ذاتها، حيث وُجهت إليه أسئلة بشأن الفروقات الكبيرة بين أسعار مواد البناء المدرجة في الفواتير، وتلك المحددة في جدول الأشغال.
وقد دافع المتهم عن نفسه بأن هذا الشأن لا يدخل ضمن صلاحياته، ملقياً بالمسؤولية على مكتب الدراسات ومهندسيه، باعتبارهم المخوّلين باحتساب الكميات وتقدير الأسعار.
القاضي علي الطرشي واجه المتهم بوثائق رسمية كشفت عن تباينات تصل إلى 100% بين الأسعار، مستفسراً عن دور البلدية في مراقبة تلك التفاوتات.
وردّ المتهم بأن اختصاصه لا يشمل دفتر الشروط والمواصفات، ما دفع القاضي للتعليق مستغرباً: “هذه أول مرة نسمع أن المراقبة ليست من مهام التقنيين بالبلدية”، في إشارة إلى إفادات سابقة لتقنيين آخرين اعتبروا المراقبة جزءاً من صميم عملهم.
وأضاف المتهم بأن مهمته كانت تنحصر في متابعة الأشغال الميدانية وتلقي شكاوى المواطنين، نافياً أي دور له في مراقبة المشاريع أو الموافقة على صفقاتها.
غير أن القاضي ذكّره بشهادة مقاول يُدعى “يونس.ح”، كشف أمام الشرطة عن تجاوزات خطيرة تتعلق بتزوير وثائق وتضخيم فواتير في صفقات عمومية تجاوزت قيمتها ملايين الدراهم.
ومن بين أبرز هذه المخالفات، فواتير تتعلق بأشغال في أراضٍ صخرية تم تحميل البلدية كلفتها بمبلغ 50 درهماً للمتر المكعب، رغم أن السعر الحقيقي لا يتعدى 20 درهماً، ما دفع القاضي لوصف العملية بـ”السُّحت”، كما تم الكشف عن تولي شركة “سنطرال” تنفيذ أشغال الزليج وحفر الأتربة رغم عدم استكمال المشروع.
المتهم أنكر معرفته بهذه التجاوزات، مؤكداً أنه ليس مسؤولاً عن مراقبة الصفقات أو تنفيذها، ومشدداً على أن مكتب الدراسات هو الجهة الوحيدة المسؤولة عن ذلك. وعندما واجهه القاضي بتقرير لجنة الافتحاص التي رصدت تحويلات مالية تُقدر بـ5 ملايين درهم لشركتي “سنترال” و”أداما للاستثمار” مقابل أشغال لم تُنجز، ردّ المتهم بأنه لا يعلم شيئاً عن هذه التحويلات.
وأظهرت الجلسة كذلك حالات “غير قانونية” تتعلق بتنفيذ صفقات، كما هو الحال في شارع علال بن عبد الله، حيث نالت شركة “سنطرال” الصفقة بينما أنجزتها شركة أخرى، في خرق واضح لقواعد التعاقد.
ورداً على سؤال القاضي حول مصدر التعليمات التي كان يتلقاها، أشار المتهم إلى أنها كانت تأتي من رئيس البلدية أو رئيس المصلحة، وتتم من خلال اجتماعات دورية يتم فيها تحديد أولويات المشاريع وتوثيقها بمحاضر رسمية.