جدل “اللحى السلفية” في تولّي أعلى المناصب.. السير حامد باتيل في بريطانيا وأحمد الشرع في سورية!.. أين مواضع التشابه والاختلاف وهل كل الطرق تؤدي إلى “الأسلمة”؟

جدل “اللحى السلفية” في تولّي أعلى المناصب.. السير حامد باتيل في بريطانيا وأحمد الشرع في سورية!.. أين مواضع التشابه والاختلاف وهل كل الطرق تؤدي إلى “الأسلمة”؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

تتسلّط الأضواء المنصّاتيّة على تعيين الحكومة البريطانية، السير حامد باتيل رئيسًا مُؤقّتًا لمكتب هيئة معايير التعليم “أوفستد”، الأمر الذي يدفع بعض التيّارات الإسلامية إلى مُقارنة الحالة مع الحالات العربية، ومع وصول الجماعات الجهادية للحُكم، وتحديدًا في سورية.

الانتقادات مُسلّطة على الرجل، كونه أول مسلم بريطاني يُعيّن في هذا المنصب، ما دفع بالتيار العلماني المتعصب للقول إن الحكومة البريطانية متجهة نحو “أسلمة التعليم”.

ثمّة حملة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي البريطانية حول فرضية محاولة “الإسلاميين” السيطرة على التعليم في المملكة المتحدة، وأن الحكومة تساعد في ذلك بقرارات تجبر الأطفال في المرحلة الابتدائية والثانوية على دراسة الإسلام كإحدى المواد الدراسية الرئيسية.

ولكن في حالة حامد باتيل، لا بد من الإشارة إلى مُؤهّلاته، قبل الخوض في خلفياته الدينية، فهو مؤسس “أكاديميات ستار” وهي مؤسسة تعليمية تُدير 36 مدرسة ابتدائية وثانوية وقد حصلت العديد من هذه المدارس على تصنيف “ممتاز” من قبل “Ofsted”.

ذلك إنجاز مرصود، على عكس الحالة الجهادية السلفية التي بدأت تغزو المنصات العربية، وتروج لأنظمة جهادية، ترفع شعارات طائفية مقيتة، فالنقد هُنا مُوجّه لتصرّفات هذه الجماعات المرتبطة بخلفياتها الوهابية، والسلفية، وأخيرًا ما أصابها من سعار ديني، على خلفية مقطع منسوب لشخص درزي أساء لنبي الإسلام محمد الأكرم، وتبيّن عدم صحّته باعتراف سلطات دمشق الجديدة.

وكان أكّد الأمين العام للمجلس الإسلامي البريطاني، واجد أختر، أنّ “تعيين باتيل يمثل لحظة فخر واعتزاز للمسلمين البريطانيين، ولبريطانيا كلها”، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود قلق بالغ إزاء الهجمات المتحيزة الموجهة ضده، التي يُعزى دافعها الواضح إلى هويته الإسلامية.

الباحث أحمد سليمان العمري كتب معلقا تعيين حامد باتيل يجب أن يُقيَّم بناء على كفاءته وإنجازاته، لا على دينه، خبرته في إدارة 36 مدرسة وحصول العديد منها على تصنيف «ممتاز» تؤكد جدارته بالمنصب، بعيدا عن الجدل الدائر حول خلفيته.

فيما كتب الناشط أشرف مقصود، تخيل لو تم تعيين شخص بالهيئة وبالشكل ده في مصر مسؤؤلا عن التعليم وعن تقييم ومراقبة أداء المدارس في مصر في أعلى هيئة تعليميه في مصر كان حصل ايه من التنويريين الجدد – حاجه كده زي الدعاه الجدد – ؟ الراجل ده اتعين في بريطانيا مسؤؤلا عن الاوفستد، الهيئة اللي بتراقب وتقيم أداء المدارس في عموم المملكه المتحده. اسمه حامد باتيل.

وليد مكداشي كتب: “لمن يظن أن الانفتاح والتفسخ في المدارس الخاصة هو ما يؤدي إلى ارتفاع المستوى التعليمي كما في الغرب، فهو لم يفهم كيف يُدار التعليم إلا من خلال أفلام هوليوود، القاعدة هي: كلما زاد الانضباط وقلّ التشويش على العقول، ارتفع المستوى، وأضاف وليد: روتين التعاليم الإسلامية خاصتا الشاقة كصلاة الفجر والمداومة على الرياضة، يعزّز فرص التزام الأطفال وانضباطهم.

في بريطانيا، كانت المدارس الكنسية محل اهتمام حتى من قبل العلمانيين، بسبب نجاح أبنائهم فيها، لكن في السنوات الأخيرة، تصدّرت المدارس الإسلامية في بريطانيا الترتيب على مختلف المستويات تقريبًا.

واختارت الحكومة البريطانية حامد باتيل، مؤسس مدارس توحيد الإسلام، ليترأس الهيئة العليا لمراقبة وتقييم المدارس، بهدف الحفاظ على جودة التعليم.

إنجازات الرجل، لم تمنع صحيفة “تلغراف” من التطرّق لبعض السياقات السلبية في سيرة حامد باتيل، فقالت إن مدرسته توحيد الإسلام، التي حثّت البنات على ارتداء الحجاب خارج المدرسة، كما أصدرت توجيهات للتلاميذ بـ”تلاوة القرآن الكريم مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا” و”عدم إحضار أدوات مكتبية إلى المدرسة تحتوي على صور غير إسلامية”، مثل صور نجوم البوب.

هذه ذاتها مخاوف قد تتقاطع مع مخاوف الليبراليين، والعلمانيين في سورية، بفارقٍ بسيط، بأن باتيل لم يفرض خلفياته الدينية على كل البريطانيين، وإنما داخل مدرستة التي يذهب إليها الناس باختيارهم، وليس كما يفعل اليوم حكام دمشق الجدد، أو من يصفهم الانتقالي أحمد الشرع بالفصائل المُتفلّتة، غير المنظبطة من “المُقاتلين الأجانب”.

الخُلاصة في المُفارقة، مُفت ذو لحية سلفية وزي إسلامي يُعيَّن لرئاسة أهم هيئة تعليمية في المملكة المتحدة، ولكن يخلو سجلّه من أي جرائم، لا يُعجب الغرب المتطرف، ويتعرّض لأعنف هجوم، فيما رئيس دولة مثل سورية، خلع زيّه الإسلامي، وقلّم لحيته السلفية وصافح الغرب، وفي سجلّه جرائم قتل، وإرهاب، صافحه واحتفى به الغرب!