ندد باستهداف المسعفين في غزة.. ماكرون من العريش: غزة ليست “مشروعا عقاريا” وإدخال المساعدات “أولوية” واتمنى أن يعيد ترامب التفكير في قرار التعرفات الجمركية

ماكرون: العريش (مصر) ـ (أ ف ب) – أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء عن أمله أن يتراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرار زيادة التعرفات الجمركية على الواردات وخصوصا من الاتحاد الأوروبي.
وقال ماكرون في تصريحات أثناء زيارة لمدينة العريش المصرية إن “هدفنا هو أن نتوصل لأن يعيد الرئيس ترامب التفكير في قراره”.
وأضاف “وفي حال تطلب ذلك أن نؤكد أننا على استعداد للرد، ينبغي أن نكون جاهزين لذلك”، مشيراً إلى أن “فرنسا وأوروبا لم تسعيا أبدا للفوضى”.
ودان الرئيس الفرنسي الثلاثاء استهداف طواقم الإغاثة والعاملين في القطاع الإنساني في غزة، أثناء زيارته لمدينة العريش المصرية القريبة من غزة بعد أسبوعين من مقتل 15 مسعفا في رفح بجنوب القطاع بنيران إسرائيلية.
وتأتي جولة ماكرون في العريش في إطار زيارة رسمية لمصر استمرت 48 ساعة وتضمنت قمة ثلاثية فرنسية مصرية أردنية.
وقال ماكرون في العريش الواقعة على بعد 50 كيلومترا من معبر رفح بين غزة ومصر: “ندين هذه الهجمات بشدة، ويجب كشف الحقيقة كاملة” في شأن ما تعرض له المسعفون.
وأثار الهجوم الإسرائيلي على المسعفين في غزة انتقاداً دولياً دفع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي لطلب تحقيق “معمق” في الحادث.
واستأنفت إسرائيل في 18 آذار/مارس ضرباتها الجوية على قطاع غزة بعد هدنة هشة استمرت شهرين تم خلالها تبادل عدد من المعتقلين والرهائن لدى إسرائيل وحماس.
وأكد ماكرون الثلاثاء أنه قدم “تعازي فرنسا” بضحايا الهجمات الإسرائيلية على عاملي الإغاثة وأضاف “هم هناك (في غزة) نيابةً عن المجتمع الدولي لمساعدة المحتاجين ولهذا من الضروري ألا نتنازل عن حماية” العاملين في القطاع الإنساني.
– دخول المساعدات فورا –
ودعا ماكرون من العريش إلى استئناف إدخال المساعدات إلى قطاع غزة “في أسرع وقت ممكن”، مؤكداً أن ذلك هو “أولوية الأولويات”.
وأضاف أن “الوضع اليوم في غزة لا يمكن التساهل معه. وهو لم يكن أبدا بهذا السوء”.
وتمنع إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة منذ بداية آذار/مارس. وأفاد عامل إغاثة فرنسي وكالة فرانس برس بأن أسعار المياه أصبحت مرتفعة جدا في القطاع معتبرا أن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية ورقة ضغط في المفاوضات مع حماس.
وأكد مصدر إغاثي فرنسي آخر لفرانس برس أن الأدوية على وشك النفاد خلال أسبوع إذ “لم يدخل غزة أي مساعدات منذ شهر”.
وفي العريش أيضاً، زار ماكرون مستشفى المدينة والتقى عددا من المرضى والجرحى الفلسطينيين والطواقم الطبية والإغاثية.
وتفقد ماكرون مستشفى العريش يرافقه نظيره المصري عبد الفتاح السيسي الذي حمل ورودا بيضاء للمرضى الذين يتلقون العلاج بالمستشفى القريب من قطاع غزة. وكان ماكرون شكر السيسي في مؤتمر صحافي الاثنين “على استقبالكم لنا في العريش… في هذا الموقع المتقدم لدعم المدنيين في غزة”.
وفي المستشفى زار الرئيسان عدة أجنحة، منها غرفة لألعاب للأطفال.
وقال الطبيب في مستشفى العريش محمود محمد الشاعر للصحافيين إنه منذ بدء الحرب استقبل المستشفى 1200 مريض فلسطيني، موضحا أن هناك عدة مستشفيات أخرى قريبة تستقبل أيضا مصابين فلسطينيين من غزة.
وأضاف الشاعر أن المستشفى استقبل الكثير من المصابين، بينهم إصابات في العين والمخ “والكثير من حالات البتر بين الأطفال”.
وزار ماكرون أيضا مخازن الهلال الأحمر المصري التي تضم مساعدات موجهة لقطاع غزة، ووصف مدينة العريش بأنها “ترمز للدعم الإنساني للمدنيين في غزة”.
– ليست مشروعا عقاريا –
وشدد ماكرون الثلاثاء على أن غزة يعيش فيها مليونا شخص “محاصر” رافضاً أن يتم التحدث عنها كـ “مشروع عقاري”.
وكان ماكرون أعلن في القاهرة الاثنين دعمه للمبادرة العربية التي صاغتها مصر واعتمدتها الجامعة العربية الشهر الماضي لإعادة إعمار غزة، في مقابل مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة إلى دول الجوار لترك المجال لاستثمارات أميركية تحول القطاع إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وقال ماكرون الثلاثاء في العريش “حين نتحدث عن غزة نحن نتحدث عن مليوني شخص محاصر.. بعد أشهر من القصف والحرب”.
وأضاف “لا يمكننا محو التاريخ والجغرافيا. لو كان الأمر ببساطة مشروعا عقاريا أو استحواذا على أراضٍ.. لما كانت الحرب اندلعت من الأساس”.
– الحل السياسي –
وشدد ماكرون خلال زيارته مصر على أهمية التمسك بالمسار السياسي لإنهاء الحرب، وأشار إلى المؤتمر الذي تترأسه فرنسا والمملكة السعودية في حزيران/يونيو المقبل بهذا الصدد.
وخلال قمتهم الثلاثية الاثنين أكد الرئيسان ماكرون والسيسي والعاهل الأردني عبد الله الثاني أن “الحوكمة والحفاظ على النظام والأمن في غزة، وكذلك في جميع الأراضي الفلسطينية، يجب أن تكون بشكل حصري تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية الممكّنة بدعم إقليمي ودولي قوي”.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري “ينبغي ألا يكون لحماس أي دور في حكم غزة (وينبغي) ألا تستمر الحركة في تشكيل تهديد لإسرائيل”.
وأضاف أنه يتطلع لحكم “فلسطيني جديد في القطاع بقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية”.
وخلال اجتماعهم في القاهرة، أجرى السيسي وعبد الله وماكرون مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ناقشوا فيها التطورات في غزة، في اليوم ذاته الذي استقبل فيه الأخير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في البيت الأبيض.
وأكد ماكرون في المؤتمر الصحافي مع السيسي الاثنين رفضه التهجير القسري لسكان غزة.
وقال السيسي “توافقنا على رفض أي دعوات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم”.
ودعا بيان ثلاثي عقب القمة الفرنسية المصرية الأردنية إلى “عودة فورية لوقف إطلاق النار لحماية الفلسطينيين وضمان تلقيهم المساعدات الطارئة الإنسانية بشكل فوري وكامل”، مع تأكيد أهمية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 19 كانون الثاني/يناير “والذي نصّ على ضمان إطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين، وضمان أمن الجميع”.
كما عبّر القادة “عن قلقهم البالغ بشأن تردي الوضع الإنساني في الضفة الغربية والقدس الشرقية”، ودعوا “إلى وقف كل الإجراءات الأحادية التي تقوّض إمكانية تحقيق حلّ الدولتين”.