اسيا العتروس: كم فلسطينيا يتعين أن تقتل اسرائيل حتى يعترف الغرب بالمحرقة؟ صدق سفير ليبيا في الامم المتحدة وكذب الثلاثي الامريكي البريطاني الفرنسي

اسيا العتروس: كم فلسطينيا يتعين أن تقتل اسرائيل حتى يعترف الغرب بالمحرقة؟ صدق سفير ليبيا في الامم المتحدة وكذب الثلاثي الامريكي البريطاني الفرنسي

اسيا العتروس
لم تحركهم صور الاطفال الذين احرقوا احياء في غزة ولم تحركهم صور الصحفيين الذين أبيدوا مع عائلاتهم ولم تحركهم صور عائلات باكملها دفنت تحت الانقاض و غابت من السجلات المدنية لم تحركهم كل تفاصيل المحرقة الموثقة لحظة بلحظة في التقاريرالاممية و الحقيقية والاعلامية ولكن تحركوا بكل قوة وصلافة ووقاحة لان السفير الليبي في الامم المتحدة خاطبهم بما يخجلون من سماعه ووصف ما يجري في غزة بالمحرقة داعيا العالم الى التحرك لوقف .المجازر ..الواقع أن الهجوم الذي تعرض له السفير الليبي في الامم المتحدة طاهر السني  بعد مداخلته خلال مناقشات تطورات الحرب المتوحشة التي تعيش على وقعها غزة منذ نحو عشرين شهرا و توجيهه لكيان الاحتلال اصابع الاتهام بارتكاب “محرقة في غزة” ما جعل سفراء كل من أمريكا و بريطانيا و فرنسا يحتجون على ذلك على اعتبار أن المحرقة مصطلح لا يجوز استعماله الا في وصف ما تعرض له اليهود على يد النازيين بدعوى ان ما يجري في غزة لا يرقى الى مصطلح و مفهوم المحرقة ..و هو في الحقيقة موقف استفزازي يكشف عقلية عنصرية في التعاطي مع أبسط حقوق الانسان وتعتبر أن دم اليهود ارقة واثمن من غيره لا سيما عندما يتعلق الامر بالدم الفلسطيني..
وحتى نفهم أكثر يجب أن نتوقف عند تصريحات ممثلي هذه الدول و هي من الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن و قد اشتركت منذ بداية هذه الحرب في اسقاط أكثر من قرار لمجلس الامن لوقف الابادة ..
طبعا الرد الثلاثي كان جاهزا حيث اعتبر ممثلو واشنطن و لندن و باريس أن في استعمال مصطلح المحرقة او الهولوكوست ما ينم عن معاداة للسامية..
ممثلة الولايات المتحدة، دوروثي شيا،كانت أول المتدخلين لرد الاتهام عن الحليف الاسرائيلي وقالت إنها وجدت نفسها مضطرة للرد على السفير الليبي مشيرة إلى أن “ما من حدث في التاريخ المعاصر يرقى لمستوى المحرقة” وأضافت: “التعريف الذي اعتمده الناجون من المحرقة يعتبر كل من يقارن أي حدث بالمحرقة معاديا للسامية. مثل هذه العبارات تقلل من شأن المحرقة التي ذهب ضحيتها ستة ملايين يهودي وبعض الجنسيات الأخرى، وهذا أيضا معاد للسامية”.
السفيرو الامريكية أضافت أنها تابعت التهم الباطلة الموجهة لإسرائيل، مشيرة إلى أن بعض الدول ترفض أن تجلس في مجلس الأمن بجانب المندوب الإسرائيلي. وقالت: “هؤلاء لا يستحقون أن يكونوا أعضاء في المجلس. بل إنهم لا يحملون حركة الجهاد مسؤولية إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، ويرفضون وصف حماس بأنها جماعة إرهابية. هذه العبارات المعادية للسامية تمس بهيبة الأمم المتحدة ولا ينبغي منح هذه المساحة لها”.
بدورها عبرت ممثلة المملكة المتحدة،  عن قلقها البالغ من استخدام السفير الليبي مصطلح “المحرقة” لوصف الوضع في غزة. وقالت: “لن ننسى وحشية المحرقة التي ارتكبها النازيون ضد اليهود، والتي راح ضحيتها ستة ملايين شخص. لا يمكن مقارنة هذه الفظائع بأي شر آخر في التاريخ المعاصر. نرجو أن يركز المتحدثون على ما يقرب الفلسطينيين والإسرائيليين، لا على ما يفرق بينهم”.
ممثل فرنسا، الذي تترأس بلادة مجلس الامن رد بالقول على ما قاله السفير الليبي. نحن لا نعترف إلا بمحرقة واحدة، وهي تلك التي ارتكبها النازيون ضد اليهود. ذكرى تلك المحرقة يجب أن تحترم ولا تقارن بأي شيء آخر. نحن نعترف بمعاناة الناس في غزة، ولكن هذا لا يعني أن نقارن الوضع بمحرقة اليهود على أيدي النازيين”…
الاكيد أن في هذا الموقف الثلاثي الامريكي الفرنسي البريطاني ما يعكس احساسا خفيا بالخجل ازاء ما يحدث في غزة و لكن ممثلو الدول الكبرى الحليفة لاسرائيل ينكرون ذلك و يعتبرون أن ما يجري في غزة لا يرقى الى المحرقة المازية و هو ما يدفعنا للتساؤل كم يتعين أن يبيد جيش الاحتلال من الفلسطينيين حتى يقر العالم الحر بأن ما يجري محرقة في حق غزة و حق الفلسطينيين و هي محرقة لم تتوقف منذ تأسيس كيان الاحتلال منذ عقود ..
الاكيد أيضا أن هناك ذعر من أن يعتمد مصطلح محرقة غزة  في الاعلام الدولي  و تبدأ المقارنة بين ما وقع على ايدي النازيين و ما يجري اليوم تحت أنظار العالم بعد أن كان ما يعرف بالعالم الحر الذي سيضع أسس النظام العالمي الجديد يقول لا يمكن أن يتكرر ما حدث never again  و لكننا نراه اليوم يتكرر في ظل صمت و تواطؤ رهيب ..
و الاكيد كذلك أنه عندما اتفقت واشنطن و تل ابيب على الغاء القرار 3379 الذي يعتبر أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية في نوفمبر 1975 فقد كانت تستبق الاحداث لتكميم الافواه و محاكمة كل من يتجرأ على فضح جرائم هذا الكيان الذي تلاحق قياداته في المحاكم الدولية و أمام العدالة الدولية و لكنه يجد في القوى الكبرى غطاء و مظلة لتعزيز ترسانته العسكرية و مواصلة عملية الابادة ..
نعم لم يجانب السفير الليبي في الامم المتحدة الصواب و كان له الجرأة ليصدع بالحقيقة التي ينكرها مجلس الامن الدولي الذي يستمر في تخدير الرأي العام و ايهام المجتمع الدولي بأنه حريص على تحقيق العدالة الدولية التي يتم نحرها على معبد الامم المتحدة المتهاوي على وقع محرقة العصر ..
صحفية وكاتبة تونسية