ماذا خلف حظر تركيا لطائرة نتنياهو من التّحليق في أجوائها؟ وهل دخل الطيران الحربي التركي الأجواء السورية ليلة استهداف إسرائيل “قصر الجولاني” وكيف انتهت المُواجهة بينهما؟.. نتنياهو أجّل زيارته لأذربيجان ووفد الأخيرة استقبله الشرع فأي علاقة؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
يتَحصّن الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، خلف قرارات شعبويّة علنيّة فيما يبدو، وذلك في مُواجهة حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وحليفته سورية الجديدة، بعد ليلة الغارات الإسرائيلية التي طالت كل سورية، وغابت عنها أنقرة، أو حضرت فيها بشكلٍ غير مفهوم.
إلى الواجهة يتصدّر نبأ منع تركيا لتحليق طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو النبأ الذي أثار جدلًا بين تل أبيب وأنقرة، حيث قالت هيئة البث الإسرائيلية إن نتنياهو، يعتزم إجراء زيارة رسمية إلى أذربيجان، الأربعاء المُقبل، في زيارة تستمر 5 أيام.
هذه النيّة، دفعت المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كتشالي للقول في بيان، إن “الادعاءات بأن طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي حصلت على إذن بالتحليق فوق الأراضي التركية غير صحيحة على الإطلاق، ولم نتلق أي طلب في هذا الاتجاه”.
تحظى تركيا هنا بثناء شعبي، ويتصدّر منعها هذا وسائل الإعلام المُوالية لسياسات الرئيس التركي، إضافة إلى رفض تركيا مرور طائرة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ من مجالها الجوي إلى أذربيجان، لحضور مؤتمر المناخ.
وقال مكتب نتنياهو السبت إنه تقرر تأجيل زيارة رئيس الوزراء المقررة خلال الأيام المقبلة إلى أذربيجان مُرجعًا ذلك لعدة أسباب منها التطورات الأخيرة في غزة وسوريا.
وتُوجّه اتهامات متكررة بشأن استمرار تدفّق النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل عبر تركيا، ولكن الأخيرة تنفي ذلك، وكانت وصفت ذلك بـ”الادّعاءات القائلة”، وقالت إن النفط الذي تم شحنه من جيهان إلى إسرائيل وأن تركيا سمحت بذلك لا أساس له من الصحّة على الإطلاق”.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قالت إن تركيا رفضت مرور طائرة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ من مجالها الجوي إلى أذربيجان، لحضور مؤتمر المناخ، ولكن قناة 12 الإسرائيلية ذكرت، السبت، أن الرئيس الإسرائيلي ألغى الزيارة المقررة إلى باكو “لأسباب أمنية”.
وقال مصدر رفيع المستوى في الخارجية الأذربيجانية لموقع “كاليبر” الإسرائيلي إن سبب إلغاء الزيارة، أنه “لا يتعلّق بالأمن وإنما بحظر تركيا استخدام طائرات هرتسوغ لمجالها الجوي”.
وبالعودة إلى ليلة الغارات الإسرائيلية العنيفة، تصدّر المشهد خلال الساعات الماضية، نبأ حصول مواجهة بين الطيران الحربي التركي، والإسرائيلي، وهو النبأ الذي اعتبره البعض ردًّا على سؤال الاستفسار عن الغياب التركي لحماية حليفها الانتقالي أحمد الشرع.
بالعودة لتفاصيل النبأ، كشفت صحيفة “سوزجو” التركية المعارضة عن مُواجهة غير مسبوقة بين الطيران الحربي التركي والإسرائيلي داخل الأجواء السورية، مساء الجمعة 2 أيار 2025، أثناء شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات عنيفة استهدفت مواقع عدّة في مُحيط دمشق وحماة.
طائرات تركية من طراز F-16 دخلت الأجواء السورية بالفعل بالتزامن مع الغارات الإسرائيلية، ونفذت طلعات استطلاعية فوق مناطق العمليات، تحديدًا في المناطق التي كانت تشهد هجومًا إسرائيليًا واسعًا على ثمانية أهداف، من بينها مواقع تابعة لفصائل سورية مدعومة من أنقرة، أبرزها “لواء السلطان مراد” و”لواء سليمان شاه”.
ولكن أوضحت الصحيفة التركية بأن المقاتلات التركية استخدمت أنظمة الحرب الإلكترونية لإطلاق إشارات تحذير باتجاه الطائرات الإسرائيلية، فيما جرى اتصال لاسلكي قصير بين الطرفين، دون أن يتطوّر الموقف إلى اشتباك مباشر، حيث حرص الجانبان على تجنّب التصعيد.
حصل “تجنّب في التصعيد” بالرغم أن استهداف المُقاتلات الإسرائيلية لم يتوقّف على مواقع تابعة للشرع، و”قصره”، بل وصل لاستهداف مواقع لفصائل سورية مُوالية لأنقرة، فيما الرئيس التركي يواصل تكرار تأكيده بأنه لن يسمح بتقسيم سورية، ورفض الفيدرالية، واللامركزية فيها، بل أكد في تصريحات اليوم الأحد، إن “إسرائيل مُنزعجة للغاية من قوّة تركيا في المنطقة”.
وأضاف أردوغان: “العالم أكبر من إسرائيل وعليه إخماد كرة اللهب هذه التي تحاول إشعال النار في أرجاء المعمورة”.
يحصل كُل هذا، فيما أُعلن في سورية عن استقبال أحمد الشرع في قصر الشعب وفدًا من أذربيجان برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء الأذربيجاني سمير شريفوف، ما يطرح تساؤلات فيما إذا كان يحمل ذلك الوفد رسائل إسرائيلية للشرع، حيث تُزوّد أذربيجان إسرائيل بـ 50 بالمئة من احتياجاتها من النفط، بدورها تزود إسرائيل أذربيجان بنحو 70 بالمئة من وارداتها من الأسلحة.
وكان ناقش الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، الدور الذي يمكن أن تلعبه أذربيجان في استعادة قطاع النفط والغاز السوري، وجرت هذه المُناقشات خلال لقائهما على هامش أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي الدولي في تركيا، في 1 من نيسان الحالي.
بكُل حال لا بُدّ من الإشارة إلى أن رأس أولويات أردوغان في سياق رفضه لمشروع تقسيم سورية، هو منع إقامة الحكم الذاتي الكردي، فذلك يُهدّد كما يقول الأمن القومي التركي، فيما ترفع تل أبيب ذريعة حماية الدروز، لتنفيذ مشروعها الأكبر لتقسيم سورية، فيما يبدو أن حكّام دمشق الجُدُد هم الحلقة الأضعف بين كُل هذه القوى الإقليمية التي تلعب على الأرض السورية، فيما تبدو الجبهة الداخلية مُهدّدة على خلفيّات بنزاعات وصراعات طائفية، ليس أولها ما حصل في الساحل السوري ضد العلويين، وليس آخرها ما حصل في صحنايا وجرمانا ضد الدروز.