بإيعازٍ ممّن؟ الهبّاش يُعلِن بدء حرب وراثة عبّاس: “الشيخ مُجرّد مساعد وليس زعيمًا منتظرًا أوْ بديلاً بل يُساعِد عند الحاجة والشعب يُنتخَب الرئيس”.. مرسوم تعيين الشيخ لم يمنحه صلاحيات خلافةٍ رسميّةٍ وشعبيته بالحضيض

الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
حتى بعد تعيين حسين الشيخ (64 عامًا) نائبًا لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يمثل أول مرة منذ عقود يتم فيها تعيين نائب لهذا المنصب، فإنّ الحرب على خلافة عبّاس، ابن الـ 89، ما زالت مستمرةً وبوتيرةٍ عاليةٍ.
ورغم أنّ الخطوة لا تغيّر المشهد السياسي بشكلٍ مباشرٍ، إلّا أنّها تشير إلى أنّ سلطة رام الله بدأت التخطيط لمرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، الذي سيبلغ عامه التسعين هذا العام.
وتمّ تعيين الشيخ في المنصب بعد تصويت 16 من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. الهيئة، الأهم نظريًا داخل المنظمة، تخضع فعليًا لسيطرة عباس، ما يجعل القرار بيد الرئيس وحده.
ووفقًا لنوريت يوحنان، المختصّة بالشأن الفلسطينيّ، تُعتبر الخطوة على نطاقٍ واسعٍ أكثر تحركٍ ملموسٍ حتى الآن من عباس لتسمية خليفة له، في محاولة لتفادي صراعٍ محتملٍ على قيادة السلطة الفلسطينيّة يخشاه كثيرون في حال تنحي عباس أوْ وفاته، لكن اللافت أنّ المرسوم الذي عيّن الشيخ نائبًا لم يمنحه صلاحيات خلافة رسمية.
هذا ورفض محمود الهباش، مستشار عباس البارز، فكرة أنّ الرئيس يسعى لتسمية خليفة، واصفًا دور الشيخ بأنّه أقرب إلى مساعد، وليس زعيمًا منتظرًا.
وقال الهباش لموقع (تايمز أوف إسرائيل) إنّ الخطوة إيجابيّةً ومهمةً وستعزز العمل السياسيّ الفلسطينيّ وتساعد عباس في أداء مهامه، مُضيفًا أنّ “النائب ليس بديلاً للرئيس بل يساعده عند الحاجة”.
وأبرز أدوار الشيخ، وزير الشؤون المدنية بالسلطة، ما جعله فعليًا حلقة الوصل بين رام الله والاحتلال، وبالتالي أيضًا واشنطن، وعقد لقاءاتٍ عديدةٍ مع مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين على مدى سنوات.
ورغم أنّ تعيين الشيخ قد يبدو وكأنّه يدفعه إلى رأس القائمة لتولي القيادة بعد عباس، إلّا أنّ مستقبله لا يزال غامضًا، وأكّد الهباش أنّ مَنْ سيخلف عباس في نهاية المطاف سوف يُنتخب من الشعب، وقال: “الرئيس يجب أن يُنتخب من الشعب، عبر انتخاباتٍ عامّةٍ ومباشرةٍ، لا من خلال التعيين”.
وتعود السيطرة الرسميّة على منظمة التحرير، التي تضم معظم الفصائل الفلسطينيّة، عدا حماس والجهاد الإسلاميّ، إلى المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ، الذي يضم نحو 300 عضو، واللجنة التنفيذية المكونة من 16 عضوًا، لكن عمليًا، عبّاس، الذي يقود المنظمة والسلطة وحركة فتح منذ أكثر من 20 عامًا، يسيطر عليها بالكامل.
ووفق المصادر الإسرائيليّة والفلسطينيّة فإنّه في حال أُجريت انتخابات، سيُواجه الشيخ معركةً صعبةً بسبب افتقاره الشديد للدعم الشعبيّ، وقد أدت علاقته الطويلة والوثيقة بالمسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين إلى اتهامات بالتعاون والخيانة على وسائل التواصل الفلسطينيّة. كما أثار إشرافه الطويل على إصدار تصاريح العمل في إسرائيل للعمال الفلسطينيين اتهامات بالمحسوبية والفساد.
ويحظى عدد من المرشحين الآخرين المحتملين بمستويات دعمٍ شعبيٍّ أعلى، بما في ذلك أمين سر اللجنة المركزيّة لحركة فتح جبريل الرجوب، ومحمود العالول، نائب رئيس اللجنة المركزية للحركة.
وقد يرى عباس، الذي وعد مرارًا بإجراء انتخابات ثم ألغاها لأسبابٍ مختلفةٍ، في الشيخ خلفًا محتملاً له وراء الأبواب المغلقة، ما يُسلّط الضوء على الفجوة المتزايدة بين القيادة السياسيّة والشارع الفلسطينيّ، ويبدو أنّ الشيخ، الذي لا يُمثل لا جيل التأسيس ولا الجمهور العريض، قد يجد صعوبةً أكبر في سدّ هذه الفجوة المتسعة.
وفي نوفمبر، أصدر عبّاس مرسومًا رئاسيًا يقضي بتعيين روحي فتوح خلفًا مؤقتًا له في حال عجزه عن أداء مهامه أوْ وفاته.
في المقابل، يُنظر إلى قرار عباس بتعيين نائبٍ له على أنّه استجابة للضغوط المتزايدة من الدول العربيّة وواشنطن لإجراء إصلاحاتٍ داخل السلطة الفلسطينيّة، بما في ذلك الدفع بقياداتٍ شابّةٍ تمهيدًا لعملية خلافةٍ محتملةٍ.
وتزايدت المطالب بالتغيير بعد هجوم حماس في أكتوبر، وفي مارس 2024، بدا أنّ عباس استجاب لبعض هذه المطالب، فقام بحلّ الحكومة الفلسطينيّة وتعيين حكومة تكنوقراط غيرُ حزبيّةٍ برئاسة الخبير الاقتصاديّ محمد مصطفى، وهي خطوات لاقت إشادة رغم أنّها اعتُبرت في الغالب شكلية.
وفي فبراير 2025، ألغى عباس مرسومًا يقضي بتقديم مخصصات الرعاية الاجتماعيّة للفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل على خلفية تنفيذ هجمات، إلّا أنّ (تايمز أوف إسرائيل) علمت من مصادر فلسطينيّةٍ مقربةٍ من الأسرى أنّ عائلاتهم واصلت تلقي المخصصات كالمعتاد في الأشهر الأخيرة.
ويبدو أنّ عباس، الذي تقدم به العمر، يسعى أيضًا إلى تقديم صورة للتغيير مرتبطة بإرثه الشخصيّ، وبعد تعيين الشيخ، أجرى وزير الخارجية الإماراتيّ عبد الله بن زايد آل نهيان اتصالًا لتهنئته، في خطوةٍ نادرةٍ تعكس تحسن العلاقات بين رام الله وأبو ظبي، التي كانت من أبرز الدول الخليجية الداعية إلى إصلاحات واسعة لتعزيز مصداقية السلطة الفلسطينية. كما رحبت السعودية بالتعيين، واصفة إياه بأنّه “إصلاح من شأنه تعزيز العمل السياسيّ الفلسطينيّ والمساهمة في الجهود لإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ مستقلةٍ”.