سيناريو اسود بانتظار سورية؟

علي وطفي
ربما قضي الأمر وما يجري مع السوريين وسوريتهم السايكسبيكية إلى إعادة التشكيل، قد تكون مسالة وقت إلى ان يعلن دفنها بعد ان تثبت الخرائط الجديدة بغياب وعجز حكام العرب وبتغيب السوريين أنفسهم، فهم في حالة انتظار اي شيء يوقف موتهم البطيء، كفروا بكل خطوط بلدهم الحمراء والمحرمات يبحثون عن اي امل للعيش الآمن. والأمريكي ومعه جيوشهم المحلية السورية بدأ ينتشر من قاعدته في التنف حيث يتمركز (جيشه السوري الحر) الى مدينة “الضمير” ما بين تدمر والشام و قرب سد تشرين ومنطقة “كسب” بجوار الحدود مع تركيا وليس بعيد عن قاعدة “حميميم” الروسية ، هو سلّف اردوغان الانقلاب في سوريا وأثنى على نجاحه في السيطرة تقريبا على البلد واليوم استحق على اردوغان إعادة الدين لواشنطن التي غطت انقلابه على اتفاق”أستانا” وطعنه حلفائه روسيا وإيران .
هو سرطان يتمدد في الجسد السوري المتهالك الدامي، الجنوب السوري يمكن نسيانه بعد ان تركته السلطة المؤقتة بين انياب الكيان الإسرائيلي هرباً من بطش (دولته) المليشيوية والشمال الشرقي خارج الجغرافية السورية منذ زمن وعمليا اصبح مستقل في الواقع، يبقى الساحل المغدور به يعاني الموت البطيء أمنيا واقتصاديا ما بين الوجود الروسي وميلشيات تركية الاجنبية التي لا تعرف الرحمة ولا الإسلام يعيش معاناة وضياع لا يحسد عليهما، إلى أن يتم الاتفاق وعلى من سوف ترسو المناقصة، لان الصراع روسي- تركي في الكواليس و مع رغبة و حنين الى تراث الماضي احتمال ضعيف ان تحصل على قطعة من جزء جزء الكعكة السورية إلا بقبول روسي وأمريكي، وتذهب العاصمة دمشق مع جيب خغرافي باتجاه الشمال اي (جمهورية الشرع )/ ولاية تركيا فعلياً.
إنه السيناريو الاسود الذي يلوح في الافق اذا ما تم تثبيت خطط النفوذ القادم .. ولكم ان تتخيلوا وضع الشعب السوري بين كل هذه التجاذبات ومواقع النفوذ المتعددة الجنسيات لاشك هو الخاسر والتائه الاكبر .
نعايش اليوم نزعة جديدة في علم السياسة الدولية اي دخلنا في مصطلح جديد استراتيجي من تعدد القطبية الإستعمارية كل قطب له حسب قوة نفوذه متناسبة طرداً مع حالة تعدد الاقطاب الناشئة، الفرق هو انهم يتقاسمون إرث الاستعمار الفرنسي البريطاني بعد تفرد امريكا وهيمنتها الكونية منذ تلاشي منظومة المعسكرين التي آمنا شي من التوازن والحماية للانظمة الضعيفة في القرن الماضي.
سوريا موقع جيوستراتجي في قلب العالم، اي ميزان النفوذ العالمي وعقدة التحكم بطرق الطاقة والموارد منذ القدم تؤكدها مقولة روزفلت: “سورية الجغرافية عبارة عن حاملة طائرات طبيعية وغير قابلة الغرق ومن يقودها يتحكم بثروات العالم ونفوذه”.
هذا كله يلخص ما يدور ويخطط له ما بين جلسات الامن الدولي التي قد تصل إلى خمس جلسات بينما تكون الكواليس قد حسمت توزع مناطق السيطرة، الرعب والخشية ان يتم رسمها بالدم والدموع السورية من خلال تصاعد العمليات الانتقامية في مناطق معينة بهدف تثبيت هذه الحدود الجديدة السورية اي السبب والحجة المباشرتين (سعيا) لوقف حمام الدم المفتعل، لان الادوات جاهزة لتلقي الاوامر
التمهيد لمثل هذا السيناريو الذي يؤدي بالضرورة إلى عزل او فصل المجتمع السوري جماعات واعراق او مذاهب داخل كونتونات على الطريقة اليوغسلافية في مرحلة افول الحليف السوفيتي في بداية القرن الحالي وضعف الوريث القانوني له اي روسيا الاتحادية حينها، التي رغم ضعفها قامت موسكو تحت ضغط من اللوبي العسكري الروسي الذي هدد الرئيس الروسي آنذاك إن لم يوافق على هذه العملية الخاطفة التي فاجأت الغرب وبيل كلينتون تحديداً الذي اعتبر ان روسيا اصبحت في الجيب الامريكي آنذاك، تم الإنزال المظلي في مطار “برشتينا” قرب ما يعرف الان بالدولة الصريبة وبسبب هذا الحدث تدهورت بشكل غير مسبوق العلاقات الشهر عسلية مع نظام الرئيس بوريس يلتسين و إلى يومنا هذا.
بدأنا نلاحظ في مناطق الساحل السوري حركة دقيقة وحذرة من قبل القوات الروسية حيث بدأت تخرج دوريات آلية وتتمدد في مساحتها الجغرافية بخطوات محسوبة وقابلة للتوسع مع غطاء جوي ومراقبة ما وعلى ما يبدو ستكون لموسكو اليد العليا في مناطق الساحل مع احتمال الصدام مع تركيا عبر ميليشيات مدعومة وممولة منها التي بدأت تتلقى انواع جديدة من السلاح بالمقابل هناك تواصل و تجهيز لوحدات من العسكريين السوريين السابقين مع قاعدة حميميم اي ان هناك شيء ما يتكون المرحلة المقبلة.
اما العرب وحكامهم وما أدراك حالهم.. !؟ كالعادة، مجرد صندوق تمويل والاستثمار في التخريب وكوبارس أو صدى لكل ما يدور من حولهم، مسلحين بمواقف وأسلحة من اناشيد وبيانات بمفاعيل نووية من الرفض والاستنكار الانشائي الذي اصبح “تريندهم” بلا منافس وثم التأكيد على وحدة سورية كغيرها من الدول (الشقيقة) وهذا إقرار منهم انها سوف تقسم وتتمزق هكذا اكدت لنا التجارب معهم الغير بعيدة إن في ليبيا، الصومال، السودان واليمن وصولاّ إلى سورية، تبين ان غالبيتهم يعملون جنود مجهولين في تفتيت الامة.
أما خرافة ووهم الحضن العربي الذي لم ولن يلد إلا العاهات السياسية وقراراتها الخلبية المخادعة ،كل يفتش عن مصالحه بين مشاريع السياسة الدولية يتنافسون على خدمة اجندة الاخرين يتصارعون ويحضرون المكائد فيما بينهم، هذا الحضن قتل سورية (آخر الضحايا) وهم يشربون في السر نخب ضحيتهم وهذا المصير الكارثي الذي حل بها، لأن الاولوية بالنسبة لأصحاب هذا الحضن هو العمل ليل نهار حماية رؤوسهم السياسية من التدحرج بين أرجلهم، لكن لن ينفعهم هذا الانبطاح و التذلل لأنه ببساطة، عندما يؤذن الموذن لن ينفع هؤلاء الاغاني في الخدمة مثال (حسني مبارك في مصر وابن علي في تونس) عند العراب الخارجي.
كما انه من المفيد ان نسترجع الذاكرة القريبة لعلهم يعتبرون و لكن لا أمل في الاموات روحا حين نتذكر كلمات الراحل القذافي في قمة دمشق اعتقد في آذار 2008 عندما رسم العقيد ما هو آت علينا و المصير ينتظره مع أقرانه من الرؤساء والحكام المزعجين بالنسبة لخطط “واشنطن وتل أبيب” كأولوية ، بينما هم جالسيين يستهذؤون ويقهقهون ما بين كلماته الموجهة إليهم و تكشف عن مصيرهم بالمباشر وبينما يحذرهم، اليوم تبين للجميع صحة قراءته الأحداث و صحة نبوآته لقد كان إما على علم أم انه (نوستراداموس) المنطقة، عندما قرأ في فنجان هذه الامة المتهالكة التي نخر جسدها كل أوبئة الفرقة والعمالة والخنوع، أصحاب النوايا و خطط قوى النفوذ لإعادة السيطرة على العالم التي هي ايضاً تراكم قواها للوصول إلى ما رسمته لنا وللبقية في هذا الصراع المارثوني.
كاتب سوري