الدكتور جلال جراغي: العملية الصاروخية اليمنية تربك حسابات كيان الاحتلال

الدكتور جلال جراغي: العملية الصاروخية اليمنية تربك حسابات كيان الاحتلال

 

 

الدكتور جلال جراغي

أربكت العملية الصاروخية اليمنية النوعية الأخيرة حسابات كيان الاحتلال، وفضحت حالة التخبط والارتباك التي يعيشها، وهو ما عكسه صدور تهديدات عشوائية من مسؤوليه تجاه إيران واليمن، تعبيرًا عن عجزهم وارتباكهم الميداني والإعلامي.
فبعد الحصار البحري الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على كيان الاحتلال، ومنع عبور سفنه في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، وصولًا إلى شل حركة الملاحة البحرية الإسرائيلية بشكل شبه كامل، لا سيما تعطيل عمل ميناء حيفا (أم الرشراش) ضمن المرحلة الخامسة من العمليات البحرية اليمنية، جاء الانتقال النوعي إلى البحر الأبيض المتوسط، ليكمل خنق الكيان بحريًا.
لكن التطور الأخطر تمثّل في فرض حصار جوي، عبر إطلاق صاروخ يمني فرط صوتي متطور استهدف مطار بن غوريون في قلب الأراضي المحتلة، محدثًا حفرة بعمق 30 مترًا في محيط الصالة الرئيسية. هذه الضربة أرعبت المستوطنين، حيث هرع أكثر من ثلاثة ملايين منهم إلى الملاجئ، كما دفعت عشرات من شركات الطيران الدولية الكبرى، مثل “لوفتهانزا” وغيرها من الشركات الأوروبية والأمريكية، إلى تعليق رحلاتها إلى “إسرائيل” حتى إشعار آخر. هذا المشهد عكس حالة من الذعر والخوف داخل منظومة الاحتلال، التي سرعان ما أطلقت تهديدات متشنجة تجاه اليمن وإيران، تعبيرًا عن فقدانها السيطرة.
الصاروخ الفرط صوتي اليمني، الذي أصاب هدفًا استراتيجيًا يتمثل في مطار بن غوريون – العمود الفقري للاقتصاد والسياحة والأمن في كيان الاحتلال – لم يكتفِ بضرب منشأة حساسة، بل غيّر قواعد الاشتباك والمعادلات الإقليمية بالكامل. كما أكد فشل السياسات الأمريكية العدوانية التي استهدفت خلال الأسابيع الماضية شل القدرات الصاروخية اليمنية عبر أكثر من 1400 غارة جوية، دون أن تحقق أيًّا من أهدافها. فجاء الرد اليمني دقيقًا، وقاسيًا، ليؤكد أن الهجمات الأمريكية لم تُضعف قدرات اليمن، بل زادت من صلابتها وتصميمها.
هذا الصاروخ أيضًا فضح هشاشة منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية التي يبلغ عدد طبقاتها الدفاعية تسع، بما فيها منظومات أمريكية متقدمة مثل “ثاد”. لقد أثبتت الضربة أن الكيان الصهيوني مكشوف تمامًا أمام الصواريخ اليمنية المتطورة، بل وأمام جيل جديد من الصواريخ لا تملكه حتى الولايات المتحدة نفسها، وإنما تمتلكه دول محدودة كروسيا والصين وإيران.
وفي ردّ فعل مرتبك، خرج رئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، بتصريحات تهديدية باهتة، توعّد فيها اليمن وإيران، بينما ادعى وزير الحرب أن الرد سيكون مضاعفًا، في حين دعا بني غانتس إلى استهداف طهران مباشرة. إلا أن هذه التصريحات، في حقيقتها، لا تعبر إلا عن حالة من العجز والانهيار النفسي، بعد أن فشلوا في صدّ صاروخ واحد أفقدهم هيبتهم، وأربك حتى الولايات المتحدة التي بدأت بسحب حاملات طائراتها من البحرين الأحمر والعربي، مبتعدة عن المياه الإقليمية اليمنية.
وفي السياق ذاته، وردًا على التهديدات الأمريكية والإسرائيلية ضد إيران، أكد وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية، العميد عزيز نصيرزاده، أن أي اعتداء أمريكي على إيران سيقابل برد قاسٍ، وستكون القواعد والمصالح الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك داخل الدول الإقليمية، هدفًا مباشرًا للصواريخ الإيرانية. وأوضح أن إيران لا تكنّ عداءً للدول المجاورة، لكنها لن تتهاون في الرد على أي عدوان ينطلق من أراضي تلك الدول.
أما فيما يتعلق بالرد الإيراني المحتمل على الكيان الصهيوني، فتفيد المعلومات المتوفرة لدى مركز “آفاق للدراسات الإيرانية العربية” بأن القوات المسلحة الإيرانية في أعلى درجات الاستنفار والتأهب، وقد صدرت التوجيهات والتعليمات اللازمة لتنفيذ ضربات فورية على المراكز والمرافق الحيوية والحساسة داخل الكيان فور صدور أي تحرك عدواني من جانبه. ويُستدل على هذا الاستنفار من غياب القوات الجوية الإيرانية عن الاستعراض العسكري الأخير بمناسبة يوم الجيش الوطني، لانشغالها بحالة الجهوزية القصوى.
وفي الختام، إذا كان صاروخ يمني واحد قد تمكن من اختراق تسع طبقات دفاعية إسرائيلية وضرب مطار بن غوريون بدقة، فكيف سيكون الحال أمام الصواريخ الإيرانية الفرط صوتية، التي تُعد من بين الأدق والأكثر تطورًا في العالم؟

مدير مركز آفاق للدراسات الإيرانية-العربية