اسيا العتروس: في اليوم العالمي لحرية الصحافة… انتكست الاقلام ولا شيء يدعو للاحتفاء

اسيا العتروس
نعم لا شيء يدعو للاحتفال في اليوم العالمي لحرية الصحافة , المشهد قاتم و سيذكر العالم أن سنة 2025 كانت الاكثر دموية للصحفيين انطلاقا من جرائم الابادة في غزة حيث يستهدف الصحفيون في كل مكان و يتعرضون للقتل الجماعي والحرق أحياء و لكن سيذكر أيضا أن قطاع الصحافة المنكوب بات شاهدا على ضيق صدر الحكام والمتسلطين على الحريات و قد بات مطلوب من الصحفي أن يسقط قلمه و ينكس مصدحه و ينتقي كلماته حتى لا يغضب صاحب السلطة .. تعود الذكرى السنوية لليوم العالمي لحرية الصحافة في مناخ قاتم ما يجعل رسالة الصحافة في تراجع مستمر على وقع التضييقات التي تلاحق الصحفيين والتي يمكن أن تتخذ أكثر من صبغة بين التضييقات السياسية و تراجع مناخ الحريات و تعقيدات المنافسة الشرسة التي فرضتها المواقع الاجتماعية التي افرزتها التطورات المتسارعة في مجال تكنولوجيا المعلومات وبين التضييقات الاقتصادية و الواقع المتردي للصحفيين بما يجعل تطلعاتهم و احلامهم و نضالاتهم أيضا رهينة هذا الواقع المتردي خاصة عندما يتحول الامر الى لعبة مفضلة لدى السلطات لابتزاز الصحفيين ودفعهم للاختيار و المفاضلة في مسائل لا تقبل المفاضلة ولا تمنح الصحفي رفاهية الاختيار عندما يتعلق الامر بضمان لقمة العيش المعطرة بالمرارة مقابل التنازل عن الحرية التي بدونها لا وجود للاعلام ولا مجال أيضا للحديث عن مناخ ديموقراطي تعددي مشترك ..
نقول هذا الكلام وفي البال ما تضمنه تقرير منظمة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة 2025 وهو تقرير يستعرض واقع الصحافة في العالم ويؤكد أن واقع الصحافة في العالم بات صعبا للغاية , و هو واقع منهك وسقيم سواء تعلق الامر باكبر الديموقراطيات في العالم أو أدناها و لكن مع اختلاف مهم في درجات السقم والانهاك و في البدائل و الحلول المتوفرة للصحفيين في كل بلد ..في تونس و هذا ما يهمنا استمر التراجع بعد أن كان موقع الصحافة التونسية بدأ يخطو خطوات ثابتة في مجال الحرية و اليوم احتلت تونس المرتبة 129 بتراجع أحد عشر نقطة عن السنة السابقة .. كثيرةهي الانتهاكات التي تطال الصحفيين في العالم بين الانتهاكات الجسدية أو الهرسلة و الضغوطات و الترهييب التي تجعل الصحفي بين قبضة الصنصرة الذاتية والصنصرة الادارية ..و بين معركة المؤسسات الاعلامية لضمان استقلاليتها والمعركة لضمان وجودها تبقى خيارات الصحفيون أو من ابتلوا بهذه المهنة محدودة و محاطة بالتحديات ..
لا خلاف أن الوضع الاخطر للصحفيين على الاطلاق للسنة الحالية و السنة التي سبقتها ايضا هو ما يعيش على وقعه الصحفيون الفلسطينيون و خاصة الصحفيون في غزة الذين يدفعون ثمنا باهظا في جهودهم لفضح حرب الابادة التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي على اهالي غزة و ما يبديه من شراهة و تعطش للدم في غزة حيث قتل نحو 220 صحفية و صحفيا في غزة قصفا أو غدرا في اكبر حصيلة تسجل في مختلف الصراعات و الحروب ..ألم نقل أن واقع الصحافة يختنق و أن هناك حاجة ملحة لجرعة اوكسيجين تعيد الانفاس و تفتح الابصار على ما يجري حولنا …
صحفية و كاتبة تونسية