ماذا وراء توقيع اتفاقية اقتصادية قناة السويس وموانئ أبوظبي؟ لماذا أبدى خبراء اقتصاديون قلقهم البالغ وذكّر آخرون بمقولة مبارك “الموانئ خط أحمر”؟

القاهرة – “رأي اليوم”- محمود القيعي:
أثار خبر توقيع مجموعة “أبو ظبي للموانئ” اتفاقا مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنشاء منطقة لوجستية وصناعية شرقي مدينة بورسعيد المصرية، وذلك بحق انتفاع لمدة 50 عاماً قابلة للتجديد، جدلا واسعا، وسارع عدد من أساتذة الاقتصاد إلى نقده.
بموجب الاتفاق سيتم تطوير وتشغيل منطقة صناعية ولوجستية على مساحة 20 كيلومترا مربعا بالقرب من مدينة بورسعيد، وهذا الاتفاق يعد أحدث حلقة في سلسلة استثمارات موانئ أبوظبي في البنية التحتية البحرية واللوجستية في مصر حيث استحوذت المجموعة على مدى السنوات الثلاث الماضية على شركات النقل البحري المصرية ترانسمار وتي.سي.آي وسفينة بي.في، كما وقعت موانئ أبوظبي اتفاقات امتياز طويلة الأجل لتطوير محطات سفن بحرية في موانئ سفاجا والغردقة والسخنة وشرم الشيخ على البحر الأحمر وتشغيلها، بالإضافة إلى بناء ميناء متعدد الأغراض في سفاجا ومحطة دحرجة “رورو” في السخنة.
كان د. مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء قد شهد أمس الأحد توقيع اتفاقية لتطوير منطقة «كيزاد شرق بورسعيد» بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومجموعة موانئ أبوظبي، المطوِّر العالمي الرائد في مجالات التجارة والصناعة والخدمات اللوجستية.
الاتفاقية تهدف – كما قيل- إلى تطوير وتشغيل منطقة صناعية ولوجستية متكاملة على مساحة 20 كيلومترًا مربعًا، تقع بالقرب من مدينة بورسعيد، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ضمن المنطقة الصناعية بشرق بورسعيد، التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
الدكتور مدبولي وصف المشروع بأنه من أبرز المشروعات الصناعية واللوجستية الطموحة التي يتم تدشينها في مصر، وقال إن المشروع سيكون منصة صناعية تخدم حركة التجارة بين الشرق والغرب، مؤكدا أن أحد التوجيهات الرئاسية الأساسية كان تحقيق الربط المتكامل بين شرق وغرب قناة السويس من خلال شبكة أنفاق وطرق حديثة، وهو ما تم تحقيقه تدريجيًا ليعزز التكامل في محور قناة السويس، المنطقة الاستراتيجية لمصر والتجارة العالمية.
وأشار مدبولي إلى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أصبحت نموذجًا ناجحًا للتنمية الدولية بفضل موقعها الجغرافي وبنيتها التحتية واستراتيجيتها الطموحة، وهو ما ساعد على جذب استثمارات ضخمة وتوفير فرص عمل واسعة.
الاتفاقية وقعها كل من اللواء بحري محمد أحمد محمود، نائب رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس للمنطقة الشمالية، وأحمد المطوع، الرئيس التنفيذي الإقليمي لمجموعة موانئ أبوظبي.
وبموجب الاتفاقية، ستقوم مجموعة موانئ أبوظبي بتطوير المنطقة على مراحل، حيث تشمل المرحلة الأولى مساحة 2.8 مليون متر مربع، وستبدأ الأعمال الإنشائية في نهاية عام 2025، وتبلغ الاستثمارات المخصصة لهذه المرحلة نحو 120 مليون دولار تشمل الدراسات الفنية والسوقية وأعمال التشييد الأولية، ومن المنتظر أن تتضمن رصيفًا بطول 1.5 كيلومتر قد يضم مستقبلًا محطة شحن متعددة الأغراض.
الدكتور وليد جمال الدين، رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس علق على توقيع مجموعة موانئ أبوظبي الإماراتية بقوله خلال مداخلة هاتفية مع لميس الحديدي إن المنطقة هي جزء من المنطقة الصناعية لشرق بورسعيد التابعة للمنطقة الاقتصادية وهي منطقة قريبة من ميناء شرق بورسعيد وإحدى المناطق الصناعية المتكاملة داخل المنطقة الاقتصادية.
وكشف أن الاتفاقية هي بنظام «حق الانتفاع» لمدة 50 سنة، وأن مجموعة موانئ أبوظبي كمطور صناعي عليه تجهيز البنية التحتية لاستقطاب استثمارات معينة في قطاعات معينة في تلك المنطقة، استفادة من قرب المنطقة محل الاتفاق من لميناء شرق بورسعيد، وبالتالي تستفيد الاستثمارات من الحوافز الضريبية المباشرة وغير المباشرة، إضافة للاتفاقيات الدولية لتلبية احتياجات السوق المحلية.
وعن قيمة ما سيتم سداده للحكومة المصرية نظير حق الانتفاع؟ قال: نسبة من 15% من الإيراد الداخل للشركة، وبالتالي كل مبالغ ترد للشركة من قبل مستثمرين تحصل الحكومة على نسبة من هذه الإيرادات.
من جهتها قالت د. عالية المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إنها غير قادرة على قبول فكرة دخول الإمارات في مشروع ضخم في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لسببين: أولاً لأنها ستدمر منطقة جبل علي الخاص بالإمارات، مشيرة إلى أن هذا امر ليس طبيعيا.
وأضافت أن الإمارات تدعم مشروع الخط التجاري من ممباي للإمارات للأردن ثم اسرائيل وأخيرا اوروبا ومن مصلحتها ألا تقوم لقناة السويس قائمة.
من جانبه يرى الأكاديمي د. هشام الرفاعي أن الاتفاقية تخريب وليس استثمارا، لافتا إلى أن مصر لن تستفيد من هذه الاتفاقيات مع الإمارات بدليل استحواذ موانئ دبي العالمية علي ميناء السخنة منذ عهد مبارك ولا نعرف أين هو التطوير وما قدر الزيادة فى الدخل القومى ولماذا لا يتم ذلك بإدارة مصرية وخبرات أجنبية.
ويضيف أن الإمارات لن تبني موانئ مصرية لتنافسها، بل هي تستحوذ عليها لتمنع مصر من تطويرها مستقبلاً و فى الخلفية
أياد صهيونية حسب قوله. في سياق الجدل المحتدم حول هذا الخبر ذكّر الكثيرون بمقولة الرئيس الراحل حسني مبارك ( الموانئ خط أحمر و أمن قومى).