معارك “الدعم السريع” بكردفان.. هل تمنع الجيش السوداني من الزحف لدارفور؟

عادل عبد الرحيم / الأناضول
بعد إعلان الجيش السوداني سيطرته الكاملة على العاصمة الخرطوم في مارس/ آذار الماضي، بدأت قوات الدعم السريع الأيام الأخيرة تنشط عسكريا في ولايات كردفان (جنوب) المتاخمة لولايات دافور (غرب)، وهو ما فسره مراقبون برغبة تلك القوات في منع الجيش من الوصول إلى معاقلها الرئيسية في الإقليم الغربي للبلاد.
وقال الخبير العسكري السوداني معتصم عبد القادر في حديث للأناضول إن دخول قوات الدعم السريع قبل أيام إلى مدينتي النهود والخوي بولاية غرب كردفان يهدف إلى محاولة صد الجيش عن التقدم غربا نحو إقليم دارفور الذي تسيطر فيه فقط على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
واعتبر المحلل السياسي السوداني يوسف حمد نشاط قوات الدعم السريع المفاجئ بولاية غرب كردفان المتاخمة غربا لولايات إقليم دارفور، يأتي في سياق “الدفاع عن نواة قوتها بالإقليم الغربي”.
والسبت، أعلنت قوات الدعم السريع، عن سيطرتها على مدينة الخوي بعد يوم من سيطرتها على مدينة النهود العاصمة الإدارية المؤقتة لولاية غرب كردفان.
وكانت مدينة النهود تحت سيطرة الجيش، وتحولت منذ يوليو/ تموز 2024 إلى العاصمة الإدارية المؤقتة لولاية غرب كردفان، عقب سقوط عاصمتها الأصلية “الفولة” بيد “الدعم السريع”.
ويخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
ومؤخرا، بدأت تتراجع مناطق سيطرة “الدعم السريع” لصالح الجيش في عدة ولايات، خاصة في العاصمة الخرطوم، التي استعادت القوات النظامية فيها مقار مهمة مثل القصر الرئاسي، ووزارات حكومية، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي عموم السودان، لم تعد “الدعم السريع” تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال وغرب كردفان، وجيوب محدودة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، إلى جانب 4 ولايات في إقليم دارفور.
** تطورات كردفان
بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينتي النهود والخوي، صارت ولايتا شمال وغرب كردفان المتاخمتان لإقليم دارفور محور الصراع الجديد مع الجيش، ويسعى كلا منهما لفرض سيطرته عليها بشكل كامل.
وسبق ذلك إعلان الجيش والقوات المساندة له (المخابرات والاحتياطي المركزي للشرطة و”درع السودان”، والقوات المشتركة للحركات المسلحة، والمقاومة الشعبية) توجهها إلى دارفور “لحسم معاقل التمرد (قوات الدعم السريع) في الإقليم”.
وبجانب إشعال العمليات العسكرية بولاية غرب كردفان، ما زالت قوات الدعم السريع تواصل مهاجمة مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي تحاصرها منذ أكثر من عام بغرض الاستيلاء عليها.
و”كردفان” كان إقليما واحدا وسط السودان قبل تقسيمه إلى 3 ولايات هي جنوب كردفان وعاصمتها كادوقلي وغرب كردفان وعاصمتها الفولة وشمال كردفان وعاصمتها الأُبيض، وتحد الولايتين الأخيرتين إقليم دارفور بولاياته الخمس.
** وقف تمدد الجيش
يرى مراقبون أن حشد “الدعم السريع” لقواتها ومهاجمتها مدن غرب كردفان يبدو تكتيكا عسكريا لشد انتباه الجيش إلى هذا المدن بغرض تعطيل جهوده الرامية للتوجه إلى دارفور، حيث مكامن قوة تلك القوات.
الخبير العسكري السوداني معتصم عبد القادر، يعتبر أن الغرض من معارك غرب كردفان التي أشعلتها قوات الدعم السريع بالهجوم على مدينتي النهود والخوي تأتي لوقف زحف الجيش إلى ولايات دارفور.
ويضيف للأناضول: “بالنظر إلى هذه القوات التي هاجمت غرب كردفان نجد أنها قادمة من دارفور، وهذا يعني أن السيطرة تميل لصالح الجيش”.
ويستطرد: “لأن المعارك تدور على بعد مئات الكيلو مترات من غرب مدينة الأُبيِّض عاصمة شمال كردفان والغرض منها وقف تقدم قوات الجيش والقوات المساندة له”.
ويشير إلى أن قوات الجيش التي تسعى للسيطرة على إقليم دارفور هي قوات كبيرة ولم تتأثر بهجوم قوات الدعم السريع، موضحا أن “المعايير العسكرية تفيد بأن الجيش سيتقدم ليستعيد السيطرة على هذه المدن في غرب كردفان”.
ووفق عبد القادر، فإن “قوات الدعم السريع موجودة على الأرض لكنها تتلقى ضربات موجعة وتعاني من انقطاع الإمداد البشري، لذلك تلجأ لتحركات الهدف منها إحداث الضجيج والتلميح لنفوذها بدارفور”.
** المحافظة على النواة
المحلل السياسي السوداني يوسف حمد يرى أن قوات الدعم السريع “تحاول بالفعل المحافظة على نواتها وهي دارفور، وحتى تحقق ذلك فهي تتمدد شرقا وتهاجم غرب كردفان حتى تكون دارفور بعيدة المنال للجيش السوداني”.
ويقول حمد للأناضول: “من المعروف أنه كي تحافظ على نواة الدولة لا بد من التمدد بعيدا عنها، وبالنسبة لي فإن قوات الدعم السريع ستتمسك كثيرا بدارفور، لذا ستكون حمايتها من نقاط بعيدة في كردفان، من مناطق مثل النهود والخوي وولاية شمال كردفان أيضا”.
ووفق حمد، فإن “قوات الدعم السريع بجانب محاولة تمددها شرقا، تواصل معاركها غربا في الفاشر للسيطرة على كل دارفور بولايته الخمس”.
ويضيف: “ستظل حماية دارفور بالنسبة لقوات الدعم السريع تبدأ من مناطق خارجها في جنوب كردفان وشمالها وغربها”.
ومنذ 10 مايو/ أيار الماضي، تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش و”الدعم السريع”، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لكل ولايات دارفور.