بعد الكشف عن اجتماع سوريٍّ إسرائيليٍّ: وزير الخارجيّة الشيباني يجتمع بنيويورك مع الجالية اليهوديّة بلقاءٍ غيرُ مسبوقٍ والنظام يُخطط لمنحها دورًا بإعادة الإعمار.. لماذا اعتقل الأمين العام للجبهة الشعبيّة وقياديّ بالجهاد الإسلاميّ؟

الناصرة – “رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
بعد الكشف عن لقاء سوريٍّ-إسرائيليٍّ سريٍّ في إحدى العواصم الأوروبيّة، بات واضحًا وجليًا أنّ حُكّام دمشق الجدد يلعبون ضمن قواعد اللعبة التي وضعتها إدارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، والقاضية بتحويل بلاد الشام إلى دولة وصايةٍ تتلقّى الأوامر من واشنطن، وتوابعها في المنطقة دولة الاحتلال الإسرائيليّ وتركيّا بقيادة الرئيس رجب طيّب أردوغان.
جديرٌ بالذكر أنّ النظام السوريّ الجديد أعلن رسميًا أنّه لن يسمح لكائنٍ مَنْ كان أنْ يستغِّل بلاد الشام من أجل تنفيذ عملياتٍ عسكريّةٍ ضدّ دولة الاحتلال، وأنّه يطمح لأنْ تكون علاقاته مع جميع الدول المحيطة بسوريّة جيّدةٍ، بما في ذلك دولة الاحتلال، ومن هنا لا يستبعد البتّة أنّ الأمن السوريّ اعتقل الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين – القيادة العامّة، طلال ناجي، في إطار محاولات النظام التقرّب من واشنطن والخضوع لإملاءاتها، علمًا أنّ الأجهزة الأمنيّة عينها قد قامت في خطوةٍ مماثلةٍ في نيسان (أبريل) الماضي باعتقال المسؤول في حركة الجهاد الإسلاميّ الفلسطينيّة، خالد خالد.
وفي إطار محاولات النظام السوريّ لإعادة بناء علاقاته مع المجتمعات المختلفة، ظهرت مؤخرًا مؤشرات على تزايد الاهتمام بالعلاقات بين دمشق والجالية اليهودية.
ونشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة مقابلةً خاصّةً مع يوسف (جو) ججاتي، وهو يهوديٌّ سوريٌّ أمريكيٌّ، تحدث فيها عن زياراته المتكررة إلى سوريّة وعلاقته بالإدارة الجديدة، مشيرًا إلى أنّها تُواجِه “صعوبةً في فهم المجموعات اليهودية المتنوعة التي تنحدر من أصلٍ سوريٍّ، والتي تضم خلفيات عرقية ودينية متعددة”، على حدّ تعبيره.
وأضاف ججاتي في حديثه للصحيفة الإسرائيليّة أنّ الإدارة السورية في “حالة ارتباكٍ بشأن كيفية التعامل مع هذه المجتمعات، وهو في انتظار أنْ تتوصل هذه الجاليات إلى اتفاقٍ داخليٍّ بشأن مطالبهم، قبل أنْ يتخذ أي خطوات تجاههم”، طبقًا لأقواله.
في هذا السياق، أشار إلى أنّ الحكومة السوريّة قد تتعامل مع الجالية اليهوديّة بشكلٍ أكثر تنظيمًا حالما يتم توضيح مطالبهم ومواقفهم المشتركة.
وتعزيزًا لهذه المحادثات، أفادت وسائل الإعلام السوريّة أنّ وزير الخارجيّة السوريّ أسد الشيباني عقد اجتماعًا مع وفدٍ من الجالية اليهوديّة السوريّة في مدينة نيويورك، وناقش الاجتماع إمكانية تعزيز العلاقات بين الإدارة والجالية، مع التركيز على دور هذه الجالية في عملية إعادة إعمار البلاد.
ويُعتبر هذا اللقاء خطوة غير مسبوقة في سياسة الإدارة الجديدة تجاه الطوائف الدينية المختلفة، بما في ذلك المجتمعات اليهودية.
ووفقًا للتقارير، فقد تناول الاجتماع أهمية مساهمة الجالية اليهوديّة السوريّة في إعادة بناء سوريّة بعد سنواتٍ من الحرب، خاصّةً في مجال التنمية الاقتصادية والبنية التحتية المتضررة، ويبدو أنّ الإدارة السوريّة تسعى إلى استخدام هذه العلاقات الدبلوماسيّة كجزءٍ من محاولات تحييد الضغوط الدوليّة، وتوسيع دائرة التعاون مع الطوائف العالمية في مرحلة إعادة الإعمار.
وفي تعليقٍ لها، شدّدّت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة على أنّ هذه الزيارات واللقاءات قد تمثل بدايةً لمرحلةٍ جديدةٍ في التعامل بين سوريّة والجاليات اليهوديّة في العالم، وهو ما قد يحمل في طياته فرصًا جديدة للإدارة الجديدة لتعزيز حضور الجالية اليهودية في مرحلة ما بعد الحرب.
ومن الجدير ذكره أنّ الجاليّة اليهوديّة في سوريّة تعتبر واحدة من أقدم المجتمعات اليهودية في المنطقة، حيث كان اليهود جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع السوريّ لآلاف السنين. ولكن مع تصاعد الصراعات السياسية، هاجر العديد من اليهود السوريين إلى خارج البلاد، ليظل القليل منهم يعيش في دمشق وحلب، بحسب ما ذكرت الصحيفة.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح هناك اهتمام متزايد بالعلاقة بين سوريّة والجاليات اليهوديّة على مستوى العالم، وهو ما يظهر جليًا في اللقاءات التي تُعقد مع الجالية في مختلف العواصم العالميّة، طبقًا للصحيفة العبريّة.
ومن المفيد التذكير أنّه فيما يتعلّق باللقاء السوريّ-الإسرائيليّ فقد توقعت المستشرقة الصهيونيّة، سمدار بيري، المتخصصة بالشؤون العربيّة، أنْ تستمر المحادثات السريّة بين ممثلي الجولاني وبين المبعوثين الإسرائيليين، وقالت في تعليقها: “من جهةٍ، يدٌ إسرائيليّةٌ تُحذّر وتقاتل، واليد الأخرى تحاول جسّ النبض، وقياس فرص التوصل إلى تسويةٍ سياسيّةٍ”، طبقًا لأقوالها.
يُشار إلى أنّه حتى إعداد الخبر، لم يصدر تعليق حتى الآن من الرئاسة السورية حول اللقاء المزعوم الذي تحدثت عنه الصحيفة العبريّة، غير أنّ حكومة دمشق أعلنت غير مرة أنّها لن تكون مصدرًا لعدم الاستقرار لأيّ طرفٍ في المنطقة بما في ذلك دولة الاحتلال.