الشركات الصينية تلجأ لـ”غسل المنشأ” هرباً من التعريفات الأميركية

الشركات الصينية تلجأ لـ”غسل المنشأ” هرباً من التعريفات الأميركية

لندن-راي اليوم
في ظل التصعيد التجاري المستمر بين الولايات المتحدة والصين، ابتكر المصدرون الصينيون طرقاً جديدة للالتفاف على الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أبرزها ما بات يُعرف بـ”غسل المنشأ”، وهي عملية تهدف إلى إخفاء المصدر الحقيقي للبضائع عبر شحنها من خلال دول ثالثة، في خطوة أثارت قلقاً متزايداً في دول الجوار الآسيوي، بحسب ما أفادت به صحيفة فاينانشال تايمز.
التهرب عبر بوابات جديدة
تحولت منصات التواصل الاجتماعي الصينية إلى واجهات مفتوحة للإعلانات التي تروّج لخدمات تحويل منشأ البضائع، حيث يُعرض على الشركات تصدير منتجاتها إلى دول مثل ماليزيا، ثم إعادة إصدار شهادات منشأ مزورة لتُرسل البضائع لاحقاً إلى الولايات المتحدة، متخفّيةً تحت أغطية قانونية وبلدان لا علاقة لها بالصناعة الأصلية.
ورغم اشتراط القوانين الأميركية أن تخضع المنتجات لـ”تحويل جوهري” — يتضمن عمليات تصنيع تضيف قيمة كبيرة — لتغيير بلد المنشأ بشكل قانوني، إلا أن شركات تصدير صينية أكدت للصحيفة أن الرسوم المرتفعة تُجبرها على استخدام طرق بديلة، أبرزها شحن البضائع إلى دول وسيطة، ثم إعادة تصديرها بشهادات منشأ جديدة، بتكلفة أقل بكثير.
قلق متزايد في الدول الآسيوية
تدفق السلع الصينية عبر دول الجوار أثار مخاوف جدية لدى هذه الدول من أن تتحول إلى ممرات خلفية لتجارة لا تخلو من الاحتيال الجمركي. ففي كوريا الجنوبية، أعلنت هيئة الجمارك عن ضبط منتجات أجنبية مزورة المنشأ بقيمة 21 مليون دولار في الربع الأول من عام 2025 فقط، معظمها قادمة من الصين ومتجهة إلى الولايات المتحدة.
وقالت الهيئة في بيان رسمي: “نشهد زيادة ملحوظة في محاولات تمرير البضائع عبر بلادنا كوسيط لتجنب القيود التجارية التي تفرضها الحكومة الأميركية”.
وفي السياق ذاته، دعت وزارة الصناعة والتجارة في فيتنام المصنعين والمصدرين إلى تشديد عمليات التحقق من مصدر المواد الخام لمنع إصدار شهادات منشأ مزيفة. أما وزارة التجارة الخارجية التايلاندية فأعلنت عن تدابير مماثلة لتقييد هذه الظاهرة ومنع البضائع الصينية من الالتفاف على النظام الجمركي الأميركي.
تكتيكات قانونية ذكية
لمواجهة هذه التشديدات، تعتمد العديد من الشركات الصينية على نموذج “التسليم على ظهر السفينة” (FOB)، حيث تنتقل مسؤولية الشحنة للمشتري بمجرد مغادرتها للميناء، مما يخفف من العبء القانوني على المصدرين الصينيين.
وقال أحد مستشاري التجارة العابرة للحدود للصحيفة إن غسل المنشأ يُعد من أبرز الحيل المستخدمة حالياً لتفادي الرسوم، إلى جانب حيلة أخرى تتمثل بخلط سلع مرتفعة الثمن بأخرى أرخص سعراً، لتقليل التكلفة المعلنة وإخفاء القيمة الحقيقية للشحنات.
هل تنجح الولايات المتحدة في صد هذا المد؟
رغم أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض رسوماً جمركية تصل إلى 145% على الواردات من الصين، إلا أنه أبدى لاحقاً مرونة في مراجعتها بعد الجمود التجاري الحاد بين أكبر اقتصادين في العالم، حسب مقابلة نُشرت على شبكة NBC.
في المقابل، يبقى السؤال الأبرز: هل تنجح هذه التدابير الدولية في كبح التهرب الجمركي وإعادة التوازن إلى حركة التجارة العالمية، أم أن الممارسات غير المشروعة ستواصل تطورها، لتظل خطوة أمام القوانين؟