خميس القطيطي: عمان والجزائر: أواصر الاخوة والمصير المشترك

خميس القطيطي: عمان والجزائر: أواصر الاخوة والمصير المشترك

 

 

خميس القطيطي

عندما تمتد عجلة التواصل العربية بين الخليج والمحيط أو بين المشرق والمغرب العربي أو بين الأشقاء العرب بلاشك أنها تحرك معها الآمال والتطلعات لبناء عربي جامع وإن كان في مستوى ثنائي؛ لكن يعول عليها تعزيز البناء والتطلعات لمستقبل عربي في مرحلة دقيقة تتطلب من البلدين الشقيقين الاضطلاع بدورهما العربي اللامحدود جراء حالة التشرذم العربية وما يحدث في فلسطين والعدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة والصمت العربي والدولي، ولاشك أن التواصل العماني – الجزائري بزيارة (دولة) التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله الى الجزائر الشقيقة خلال يومي الاحد والاثنين 5، 6 من مايو 2025م ولقاء جلالته مع فخامة الرئيس عبدالمجيد تبون – حفظه الله ربما شملت ملفات سياسية واقتصادية متعددة، ولكن هذا اللقاء الكبير الذي جمع الزعيمين العربيين بعد زيارة سابقة للرئيس الجزائري خلال أكتوبر الماضي قدم مؤشرات على ديناميكية العلاقة بين الجزائر وسلطنة عمان بل قدم عناوين كبيرة نظير النهج السياسي المتقارب بين البلدين الشقيقين ونظرتهما المتطابقة لكثير من الملفات السياسية العربية وفي طليعتها القضية الفلسطينية وما يتعرض له الابرياء في قطاع غزة ومن خلال التوافق العماني – الجزائري على بذل مزيد من الجهود لمحاولة رفع المعاناة عن الاشقاء في قطاع غزة والقضية الفلسطينية عموما .
عمان والجزائر يشتركان في العديد من العوامل الرافعة لتلك العلاقات فالتاريخ الحضاري للبلدين وما قدماه للبشرية من حضارات ضاربة في جذور التاريخ تؤكد على أن الحاضر يأتي مشبعا بعراقة الماضي ليقرب المسافات بين مسقط والجزائر، لذا تنظر سلطنة عمان بمزيد من الاحترام لما قدمه الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد في سبيل ثورة تحرير الجزائر التي لم يتوقف حراكها النضالي في السنوات الثمان الاخيرة التي سبقت اعلان التحرير واعلان الاستقلال لتقدم الجزائر أعظم قصة نضال عرفها التاريخ؛ عمدتها بدماء شهدائها الأبرار بل أنها قدمت ملايين الشهداء منذ بدء نضالها العظيم ضد الاستعمار في 5 يوليو 1830م، وهكذا كانت الدولة العمانية التي قادت حركة التحرر والنضال في المشرق العربي واستطاعت تحرير الخليج وصولا الى القرن الافريقي من الاحتلال الأجنبي فشكلت امبراطوريتها التي تحدث عن التاريخ، إذن نحن في مقام عظيم ومشهد مهيب في لقاء زعيمين يتكئان على قواعد تاريخية صلبة شكلت نموذجان حضاريان متراكمان لا يمكن إلا أن يحمل معه قيم ذلك التاريخ العظيم لينسجان نموذجهما السياسي الفريد الذي اتضحت معالمه المضيئة من خلال مواقفهما السياسية المشهودة وفي تطابق الرؤى حول الكثير من القضايا، هذا النموذج الذي نعول عليه في تحقيق البناء لإعادة إحياء المشروع العربي والعمل العربي المشترك والبناء مع بقية الاشقاء العرب لان المصير العربي واحد، ولا شك أن فلسطين تظل قلب الامة النابض الذي يجب أن يكون حاضرا في هذا اللقاء الكبير وفي كل لقاء عربي، كما أن إعادة ترميم البيت العربي أمر لا بد منه في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن العربي .
الزيارة الكريمة للسلطان هيثم – أيده الله حملت في طياتها أيضا ملفات اقتصادية خصبة لما للشأن الاقتصادي من أهمية كبيرة في تعزيز تلك الجوانب واستثمار تلك العلاقات المتينة التي تعود بالنفع على البلدين والشعبين الشقيقين، وفي هذا الاطار تستكمل الزيارة ما تم البناء عليه في زيارة الرئيس عبدالمجيد تبون الى سلطنة عمان لتعزيز مستوى التبادل التجاري الى مستوى رفيع واستغلال الميزات الاقتصادية والجغرافية التي يتميز بها البلدين ورفد الاقتصاد الوطني بما يتطلع إليه الشعب العماني والجزائري، حفظ الله عمان والجزائر ونأمل التوفيق فيما يعود بالخير على شعوبنا وأمتنا العربية والله ولي التوفيق والسداد .
كاتب عُماني
[email protected]